|
قمة العقبة ومجزرة حوارة علامات فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية!!
نشر بتاريخ: 27/02/2023 ( آخر تحديث: 27/02/2023 الساعة: 11:36 )
شهد يوم أمس حدثين سيكونان علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، الأول هو قمة العقبة، "مؤتمر أمني" في مدينة العقبة الأردنية شاركت فيه مصر الأردن، فلسطين، الولايات المتحدة وإسرائيل والثاني هو هجوم المستوطنين على بلدة حوارة جنوب نابلس وعاثوا فيها الخراب والدمار. لا شك بأن مشاركة الوفد الفلسطيني في اجتماع العقبة الخماسي، كان مشاركة "المضطر" لأنه في حالة مقاطعة السلطة الفلسطينية له فكان سيحدث فراغ سياسي وأمني لا يخدم وجود السلطة الفلسطينية نفسها، خاصة في ظل ما تقوم به السلطة الفلسطينية من محاولات حثيثة لإقناع العالم بضرورة التزام دولة الاحتلال بقرارات الشرعية الدولية والتوقف عن ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني، فلو غابت السلطة الفلسطينية عن اجتماع العقبة للهث الآخرين والذين "ينتظرون" على أحر من الجمر لحضور الاجتماع "بديلاً" عن السلطة، فالحضور يؤكد قوة الموقف الفلسطيني في وضع حد للتصعيد الإسرائيلي المستمر بحق الشعب الفلسطيني في ظل حكومة الفاشية الجديدة وأهمية إطلاق مسار سياسي جاد يهدف الى انهاء الاحتلال الإسرائيلي. لكن كان يجب على السلطة الفلسطينية أن تطالب دولة الاحتلال وقبل بدء القمة باتخاذ خطوات تستبق المشاركة الفلسطينية كإلغاء كل قرارات حكومة التحالف الفاشي حول الاستيطان الأخير، بكل ما صدر منها وما يخطط لها، بما فيها شمال الضفة، ووقف سياسة هدم البيوت في القدس والضفة الغربية، والمطالبة بوقف كل الأفعال الإرهابية للمستوطنين في الضفة والقدس. كما كان يجب مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية الراعي لهذه القمة ببيان صريح حول اعتبار أن أرض الضفة والقدس أرض محتلة وبضرورة اعتبار القدس الشرقية جزء من أرض دولة فلسطين المحتلة، وضرورة فتح السفارة الفلسطينية في واشنطن وفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية المحتلة. قمة العقبة انتهت بتوصيات تتعلق بالمحور الأمني وتشكيل لجنة أمنية مشتركة وبلورة معادلة تحسين الوضع الاقتصادي مقابل الأمن، وبتوصيات فضفاضة بخصوص الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي دون تحديد أي اتفاقيات يقصدون، هل هي اتفاق إعلان المبادئ 1993 ام اتفاق واي ريفر 1998الذي تنصل منه نتنياهو بمجرد وصوله المطار؟!! نتنياهو، وكما هو معروف عنه، لن ينفذ البنود وسيستمر في الاستيطان ودخول مناطق السلطة بكافة تصنيفاتها، وبمجرد انتهاء القمة خرج شركائه في حكومته (ائتلاف الفاشية)، سموتريتش وبن غفير، ببيانات التنصل مما تم التوصل اليه في العقبة، حيث علق وزير المالية بيتسائيل سموريتش قائلاً: "ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا عنه أو لم يتحدثوا عنه في الأردن، سمعت عن هذا المؤتمر غير الضروري من وسائل الإعلام مثلكم تمامًا، لكنني أعرف شيئًا واحدًا: لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير في المستوطنة ، ولا حتى ليوم واحد لأن هذا الملف من اختصاصي" ، وكما علق وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير في تغريدة له عبر "تويتر" : "ما كان في الأردن (لو كان) سيبقى في الأردن". وهذا استخفاف واضح بالمجتمعين وما خرج عن اجتماعهم. ولسوء حظ المجتمعين في العقبة فقد تزامن انعقاد اللقاء، مع عملية إطلاق نار على حاجز حوارة بنابلس أدت لمقتل مستوطنين إثنين، الأمر الذي أثار ردود أفعال غاضبة في الوسط السياسي الإسرائيلي والذي تمثل في توجيه بعضهم دعوة للوفد الإسرائيلي بمغادرة لقاء العقبة فورا، وبعضهم بدأ بالتحريض على القتل، ومنهم بن غفير، الذي كتب تويته على تويتر نصها: "لقد أصدرنا الآن قانون عقوبة الإعدام في هذا اليوم الصعب الذي قُتل فيه يهوديان في هجوم مروّع ، ليس هناك ما هو أكثر رمزية من إصدار قانون عقوبة الإعدام لمنفذي العمليات ، وسنقاتل بكل الوسائل المتاحة لنا". وعلى الفور التقط المستوطنين هذه الإشارات من زعمائهم، وبدئوا في ارتكاب مجزرة في بلدة حوارة جنوب نابلس، حيث قاموا بإعدام شاب فلسطيني ومئات المصابين، وحرقوا عشرات المنازل، وبحماية كاملة من قوات جيش الاحتلال، في تكاملية من أجل تنفيذ مخطط حكومة تحالف الفاشيين لفرض مشروع التهويد في الضفة والقدس، وربما يستخدمون نتائج لقاء العقبة للتغطية على جرائمهم بحق الفلسطينيين ولتنفيذ مخطط تهويد الضفة الغربية والقدس. إن ما جري من ارهاب منظم ضد الفلسطينيين في بلدة حوارة لهو تجسيد عملي لاستراتيجية جديدة لحكومة المستوطنين، بشقيها اليميني الديني والقومي تقوم على تحويل مضمون الصراع، من صراع بين شعب مُحتل ضد قوة احتلال استعمارية، الى نزاع بين "مدنيين" من قوميتين مختلفتين، تتشاركان نفس الأرض، وبالتالي نقل الصراع إلى مفاهيم أخرى غير المعروفة تاريخياً. أحداث حوارة هي تذكير ورسالة للعالم، لا تقبل التأجيل بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وفق البند السابع، وان كل تأخير في هذا المطلب سيكون مزيدا من جرائم المستوطنين. أحداث حوارة هي رسالة بأن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة بكل المعاني والاستحقاقات، وستدرك الرسمية الفلسطينية والفصائل، ان المشروع الإسرائيلي المتمثل في تهويد الأرض الفلسطينية هو في جوهر اتفاقات حكومته التي تنفذه الان على الأرض ولن تقبل بوجودها، وان مرحلة إدارة الصراع في طريقها الى التلاشي لصالح مشروع حسم الصراع نهائيا. لذلك فإن هذا الوضع يحتاج الى خطة مواجهة شاملة وبدائل للحالة الراهنة، ولا أن نبقى في حالة المراوحة والانتظار. |