نشر بتاريخ: 28/02/2023 ( آخر تحديث: 28/02/2023 الساعة: 14:20 )
هنا على ارض فلسطين. ارض الديانتين المسيحية والاسلامية ، يحمل السكان في قلوبهم ثبات عظيم. ثبات لا يهزّه مرتجف ولا يلويه جبان . ثبات ما بعده ثبات. وربما ان فلسطين هي المكان الوحيد على الارض والتي تخضع للاحتلال ولكن الاحتلال يغلق الحدود خشية ان يدخل الناس اليها ويعودون. وفي فلسطين عروضات نادرة تصل الى مبالغ بعشرات الاف الدولارات لمن يريد ان يهاجر ويرحل عنها، ولكن الناس مستعدون لدفع هذا المبلغ مقابل العودة اليها وليس الخروج منها .
نجد عشرات الاف الشبان يركبون البحر في قوارب مطاطية للهجرة الى اوروبا. الا عند فلسطين فيركب الفدائيون القوارب المطاطية ويدخلون البحر للوصول الى شواطئ فلسطين .
من يريد الهرب، ومن يريد الحياة المتذللة امام الاحتلال باتوا قلة قليلة لا تحظى باحترام الجمهور ، اما الغالبية العظمى فهم يشعرون بفخر كبير ويسيرون بهامات مرفوعة لانهم يقاومون الاحتلال ويعصون اوامره.
هنا في فلسطين. ارض الوقف الاسلامي والوقف المسيحي لا مكان للغرباء الطامعين ، ولا مكان للغزاة ، وعبر التاريخ لم يجدوا ولن يجدوا من يعطيهم صك التملك او طابو الوجود. ووعد بلفور مجرد ورقة استعمارية تافهة لا يشتريها اي عربي بحفنة من ثمار الزيتون . هم عابرون تائهون ضائعون ، هم لصوص التاريخ والحكايات .وسوف يكتب التاريخ يوما انهم مروا من هنا خائفين ، ولن يكتب أحد انهم صاروا هنا.
مرة تلو مرة اكتب قناعتي ان اسرائيل ليست دولة ، وليست كيان . فهي لم ترق لمستوى كيان . وانما هي نظام عنصري لطائفة تتربى على الكراهية والعنصرية . وان اسرائيل هي زمان عابر وليست مكان .
لا يوجد مكان اسمه اسرائيل ، فهي لا خارطة لها ولا حدود طبيعية ولا حدود سياسية ولا حتى حدود ديمغرافية .
لاول مرة اشعر ان الفلسطينيين كفوا عن البحث عن حل للصراع ، وهذا جيد. فعلينا ان لا نزعج الشعب بالبحث عن حل ظالم ليس في صالح الاجيال القادمة. وقد جربنا قبل ثلاثين عاما القبول بحلول وسط او حلول غامضة وندمنا على ما فعلنا .
يقول الاعلام العبري عن الفلسطينيين (المشكلة الفلسطينية). والحقيقة ان الفلسطينيين ليسوا المشكلة بل ان الاحتلال هو المشكلة. وعلى العالم وعلى الحكام العرب عدم لفظ هذه الكلمة. لا يوجد شيء اسمه المشكلة الفلسطينية بل يوجد المشكلة الاسرائيلية .
الان تتضح الامور اكثر واكثر . والفضل يعود للمتطرفين والارهابيين اليهود امثال قادة الليكود وربيبتهم ابن غفير والمهاجر سموتريتش. الان لم يعد هناك خطأ في التشخيص والامور اخذت نصابها ووزنها الحقيقي.
ولبعض القادة همسة صغيرة فأقول: حين يحضر الامريكيون والوسطاء ويقولون لكم مشكلة جنين ومشكلة نابلس. عليكم ان ترفضوا هذا الاصطلاح . لان جنين ونابلس ليستا مشكلة وانما هما الحل. والمشكلة في الاحتلال وفي الاجتياحات وفي القتل اليومي .
المعركة اجبارية فلا يحاول احد ان يبحث عن تسميات اخرى . وعدوان المستوطنين يفرض القتال الاجباري على جميع المدن .
قد تستمر الاوضاع على هذا الحال لايام او لاشهر او حتى لسنوات طويلة. لكنها معركة اجبارية وعلى القيادات الفلسطينية ان تكف عن تحميل نفسها اسئلة لا اجابات عليها. بل نحتاج الى قيادات قوية لا تخذل المدن والمخيمات. وأن تكون جميلة معنا ومتسامحة معنا وليست جميلة او متسامحة مع الاعداء .