وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مجزرة نابلس شعرة قصمت ظهر بعير التفاهمات مع الكيان الصهيوني

نشر بتاريخ: 28/02/2023 ( آخر تحديث: 28/02/2023 الساعة: 16:46 )
مجزرة نابلس شعرة قصمت ظهر بعير التفاهمات مع الكيان الصهيوني

مجزرة نابلس صباح الاربعاء 22/2 تعتبر نازية بكل المعايير وفي نفس الوقت فهي لم تخلو ايضا من الطبيعة الصهيونية لمرتكبيها في عدائهم للفلسطينيين وجرائمهم بحقهم وذلك بان استخدموا بيت الله وادوات عبادته (سجادة الصلاة) كغطاء لهذه المجزرة وكان اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بفعلتها البشعة هذه تضيف الله سبحانه الى قائمة تحدياتها الاخرى بوجه الانسانية والشرعية الدولية وقوانينها.

مجزرة نابلس ارتُكِبت مباشرة بعد التفاهمات التي رعتها امريكا بزعم فتح افق سياسي جديد يقود الى انهاء اطول صراع عرفه التاريخ المعاصر وهو ما ادى الى سحب مشروع قرار ادانة الاستيطلن الصهيوني في مجلس الامن الدولي ما يعني بان المجزرة هي لدغ اخر للفلسطينيين من نفس الجحر الصهيوني ولكن بغطاء امريكي.

ذلك يشجعني على ان ازعم بان قبول فلسطين سحب التصويت على مشروع القرار في مجلس الامن يعتبر تراجع كبير للديبلوماسية الفلسطينية بعد سلسلسة نجاحات حققتها هذه الديبلوماسية التي يديرها الرئيس الفسطيني بكل اقتدار وحرفية لدرجة ان الصهاينة اقروا بذلك بان اتهموا الرئيس الفلسطيني بانه ارهابي ديبلوماسي وهو ما يعني ان ديبلوماسية الرئيس هذه نجحت فعلا في تعرية اسرائيل وعزلها وهو ما جعل الرئيس هدف واجب التخلص منه صهيونيا تماما كما كان مصير رفيق دربه الشهيد ياسر عرفات ولا ادري ان كان لائقا القول بان غلطة الشاطر بعشرة خصوصا بعد ان تتوجت نجاحات الديبلوماسية الفلسطينية في القرار 2334 في اخر ايام ادارة اوباما الثانية سنة 2016 وذلك بعد ان تم سحبه من قبل الشقيقة مصر في حينه بضغط من الرئيس المنتخب ترمب قبل تنصيبه ببضعة اسابيع ولكنه أُعيد للمجلس بواسطة دول اخرى صديقة لفلسطين ليسجل في حينه اكبر انتصار ديبلوماسي فلسطيني في مجلس الامن وعلى الرغم من ان هذا القرار ما زال لم يطبق كما يجب الا انه ما زال عالقا كالشوكة في حلق دولة الاحتلال، الا ان الاهم في كل ذلك هو ان هذا الانتصار الديبلوماسي الفلسطيني اضفى حرفية كبيرة على الديبلوماسية الفلسطينية مكنتها من الصمود في وجه صفقة ترمب.

الديبلوماسية الفلسطينية بما صار لديها من خبرة وبما تمتلكه من حق تاريخي واخلاقي قادرة وبدون شك على الصمود في مواجهة نفاق الادارات الامريكية تجاه اسرائيل وهو نفاق يتوزع بالتساوي ما بين الادارتين الجمهورية والديمقراطية بدليل ان الادارة الديمقراطية الحالية ما زالت لم تفي باي من وعودها حيال كل الموبقات التي ارتكبتها ادارة ترمب بحق الفلسطينيين بالرغم من ان ادارة بايدن وصلت للبيت الابيض على ظهر برنامج انتخابي اساسه اصلاح ما افسده ترمب وهل هناك اكثر من ضياع هيبة امريكا بسبب صفقة ترمب التي كانت املاء صهيوني حرفي لرئيس اقوى دولة في العالم تماما كما كان اغلاق القنصلية الامريكية في القدس عاصمة فلسطين.

منظمة الامم المتحدة تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية لتكون الحارس القوي والامين على صحة وسلامة وامن العالم بعد الحرب العالمية الثانية على امل ان لا تتكررتلك الحرب المدمرة ومن اجل تحصين قرارات المنظمة وحمايتها مكنت الدول الاعضاء الخمس الاقوى من حق الفيتو وذلك من اجل تعزيز مصداقية المنظمة وقراراتها تفاديا لاتخاذ قرار ظالم من قبل عضو او اعضاء في مجلس الامن ولكن وللاسف تم استغلال هذا الفيتو وببشاعة ليصبح فيما بعد اداة تدمير لروح ميثاق الامم المتحدة من قبل ملاك هذا الفيتو من اجل حماية مصالحهم الخاصة دون اي اعتبار لاي من القيم التي قامت المنظمة على اساسها ومثلنا على ذلك الفيتو الامريكي لصالح اسرائيل وكغطاء لجرائمها وهو الذي تكرر لدرجة انه اصبح وكأنه ملك حصري لاسرائيل والذي بسببه تحولت اسرائيل الى كيان عنصري غير انساني مارق يمارس سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي بحق الفسطينيين جهارا نهارا دون اي حسيب او رقيب .

الفيتو كما الزلزال له تاثير تدميري مباشر ولكن له ايضا ارتدادت ولكن الفرق هو ان الارتدادات تعود احيانا بالضرر على صاحب الفيتو نفسه وهذا ما حاولت امريكا تلافيه هذه المرة ازاء مشروع القرار الذي نحن بصدده حول ادانة الاستيطان الصهيوني على الارض الفلسطينية وذلك لسببين الاول هو ان الادارة الديمقراطية الامريكية الحالية ومنذ ادارة كلينتون تعلن رسميا بانها ضد الاستيطان ومن انه عقبة في طريق السلام باتالي فان استخدامها للفيتو يعني كشف عورة نفاقها امام العالم والسبب الثاني هو توقيت التصويت وهو ذكرى الحرب الاوكرانية التي هي حرب امريكية بالوكالة ضد روسيا بوتين والتي سخرت لها امريكا كل طاقاتها المالية والعسكرية والديبلوماسية والتي بسببها توشك امريكا على الافلاس.

ما سبق يشجعني ايضا على ان ازعم بان الفيتو الامريكي لو حصل هذه المرة فانه سيعتبر نجاح للديبلوماسية الفلسطينية وذلك لانه وكما اسلفت كان سيرتد على امريكا نفسها سلبا لانها بذلك تدين نفسها كونها رسميا تدين الاستيطان وفي نفس الوقت فهي تقود تحالف دولي ضد روسيا بسبب احتلالها للارض الاوكرانية وفي نفس الوقت ترفع الفيتو لصالح دولة احتلال اخرى وهي اسرائيل ولكن وتفاديا لكل ذلك وظفت امريكا كل قدراتها لمنع التصويت على مشروع القرار.

من جانب آخر وهو الاخطر فان سحب مشروع القرار عزز كثيرا من موقف التحالف الفاشي الحاكم في اسرائيل في مواجهة ازمته الداخلية بسبب المعارضة القوية وغيرالمسبوقة والتي تطالب الطغمة الحاكمة بالرحيل وفي نفس الوقت شجع التحالف على ممارسة هوايته في استباحة الدم الفلسطيني كما حصل في مجزرة نابلس وحريق حوارة .

البعض يعتقد بان القبول بسحب مشروع القرار سببه اننا نريد العنب بدون مقاتلة الناطور وكم تمنيت لو تم لنا ذلك ولكن للاسف ان ما حصل في نابلس يثبت عكس ما كنا نتمناه وهوان العنب هذه المرة كان مسموم والناطور صار نيرون وحرق حوارة.

الحقيقة المرة شئنا ام ابينا هي ان امريكا شريك لدود لدولة الاحتلال في كل ما تفعله ضد الفلسطينيين وهذه الحقيقة لا تعني ان نعلن الحرب على امريكا ولكن تعني بان نتعامل مع امريكا بنفس الديبلوماسية التي تصدينا قيها لصفقة ترمب وانتصرنا بان اسقطنا تلك الصفقة اخذين بعين الاعتبار باننا اصحاب حق وان حيز الابداع في العقل الفلسطيني من اجل استعادة هذا الحق كبير وهو على الاقل بحجم دعم شعوب العالم بما فيها الامريكي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والذي يتناسب طردا مع كره معظم شعوب العالم لسياسة الظام والغطرسة والبلطجة التي تمارسها الادارات الامريكية دون اي اعتبار لاي من القيم الانسانية التي حصن بها الاباء المؤسسين في امريكا لدستورهم الامريكي واساسها حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.