وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لنعترف بشجاعة : لسنا بداية النضال الفلسطيني ولن نكون نهايته

نشر بتاريخ: 10/03/2023 ( آخر تحديث: 10/03/2023 الساعة: 12:13 )
لنعترف بشجاعة : لسنا بداية النضال الفلسطيني ولن نكون نهايته



انتهت مرحلة وبدأت اخرى ….
انتهت الثورة الفلسطينية التي بدأت رمزيا بانطلاقة حركة فتح عام ١٩٦٥ وعمليا بعد حرب حزيران ١٩٦٧ ، انتهت بالحيل الذي انطلق بها وانخرط فيها ، انتهت باستراتيجياتها وفكرها ومقولاتها ، انتهت باليات عملها واساليبها ، انتهت ببنيتها ومكوناتها ، انتهت بكل تفاصيلها ، انتهت قبل ان تحقق اهدافها ، استشهد من استشهد ، شاخ من شاخ ، انحرف من انحرف ، تهمش من تهمش ، مرحلة بكل تفاصيلها قد انتهت ، بيمينها ويسارها ، بالتكوين الديني والوطني والاممي ، بالشمولي والديمقراطي . كل ذلك انتهى والى غير رجعة ، بدون تفاصيل فقد انتهت مرحلة وها هي مرحلة تبدأ .
وعندما نقول انتهت الثورة الفلسطينية المعاصرة فذلك ليس شيئ خارج عن المألوف ، القانون الطبيعي ان الحركات السياسية تصل لمرحلة استنفاذ دورها وذاتها لتحل محلها قوى جديدة ، وكما ان ثورتنا المعاصرة هي امتداد لثورة عام ١٩٢٩ وثورة ١٩٣٦ ، وثورة القائد الشهيد عبد القادر الحسيني فان ثورة جديدة ستأتي امتداد لنا ، هذا هو الطبيعي ، هذا هو السياق التاريخي للتطور ، هذا هو قانون علم الاجتماع السياسي ، لا يوجد حركة سياسية صالحة لكل وقت وكل جيل وكل ظرف . من هو حريص على بقاء القديم على قدمه يعمل عكس حركة التاريخ ، عكس التطور ، عكس المستقبل ، كمن يريد ان يوقف الكرة الارضية عن الدوران ، يحارب قوانين الحياة السياسية ، قد يعطل البعض هذا التطور ولكن بالتاكيد لن يوقفونه . ويجدون انفسهم في لحظة يلهثون خلف التطور السياسي دون ان يلتحقوا به .
نحن في مرحلة ضبابية انتقالية مرتبكة ، لا القديم انتهى تماما ولا الجديد قد ولد تماما ، هي المخاض المشبع بالالم والانتظار . تختلط فيه الالوان والمفاهيم ، القديم يحاول التشبث والجديد يتقدم بخجل . انها ليست مرحلة ، انها اللحظة التاريخية التي تفصل بين مرحلتين ، انها المسافة الفاصلة بين ماضي يحتضر وجديد يبتعث من رحم المستقبل ….
الجديد الاتى لا تصلح معه مصطلحات المرحلة الماضية ولا طرائق عمله ولا بنيته ولا جيل المرحلة السابقة ، الجديد القادم يكون ذاته بطريقته الجديدة المختلفة ، يبلور مفاهيمه ، يعيد ترتيب اولياته ، يأخذ شكله المفترض ، لا يخضع لاعتبارات المرحلة الفارطة ، ولا يستخدم ادواتها . الجيل القديم لا يعيش اوهام المرحلة السابقة ولا يقرأ ادبياتها ، ولا يغوص في مشكلاتها . يرى دوره بشكل مختلف .
صحيح ان لا وضوح حتى الان لطبيعة المرحلة القادمة ، ولا قوالب جاهزة ، صحيح انه لا رموز ، لا بنية ، ولا رؤية ، الثورات لا تأتي بقرارات ولكن التراكم يصنع وعيا ويصنع توجها ويصنع رموزا ويصنع بنى ويصنع رؤيا ، السواقي تصنع النهر العظيم ، سقطت آفة الايدلوجيا كرؤية جاهزة ، الان الثورة احتياج حيوي ، كل شيئ تغير ، في عصر العالم القرية وثورة الانصالات والمجتمع الافتراضي بالتأكيد هناك انعكاس على البنية والشكل والرؤيا للثورة ، نتائج المرحلة السابقة ايضا لها انعكاسات ، البعد الاقليمي والدولي ، والتراجع العربي … كل تلك عوامل مؤثرة .
لا يحتاج هذا الجيل - الجديد - الى اساتذه ليعلموه كيف يشق طريقه وكيف يصنع مستقبله ، معاناته تعلمه ، انفتاح العالم امامه يعلمه ، تجربة الاجيال السابقة تعلمه ، تعثره وسقوطه ومعاودة الوقوف تعلمه ، هو اقدر على التعلم من جيلنا ببساطة لانه يمتلك ادوات اكثر فاعلية وادوات اتصال اسرع ، وسعة انتشار اوسع ، ومنهجية عملية اكثر ديناميكية .
لا تخافوا عليه ، دعوه يشق طريقه بدون وصاية ، واحتراما للذات ابتعدوا عن مفاهيم الوصاية عليه لانه ببساطة سيرفضها بجرأة قد تعتبرونها وقاحة وقد يهز وقاركم .
التشبث بقيادة المرحلة لا يفيد ، اخلوا الساحة لجيل يمثل المستقبل ، يمثل الامل ، يمثل الفضاء المفتوح على الحرية . انه جيل متسامح مع اخطاء من سبقوه ولكن حذار ان يفهم هذا التسامح خطأ ، فهذا الجيل الواعد حاسم وحازم في اخذ دوره وممارسة واحبه ولا ينتظر الاذن من احد .
هذا الجيل اصيل ولكنه ليس ساذج ، لا يقرأ كثير لكنه يستوعب الحياة وضروراتها تماما ، متحرر ولكنه يمتلك قيما لا يحيد عنها ، انه جيل يمتلك منهجية علمية لا تستوقفه الشعارات . انه جيل امين لمستقبله ، " لن يعيش في جلباب الابوة " ولكنه لن يكون جيل عاق ، سيأخذ من تجربتنا ما يعمق ويطور تجربته الخاصة ويتقدم بشجاعة الى الامام ،
من يعتقد ان هذا كلام نظري ولا وجود له في الواقع ليفتح عينيه على الوضع ليرى لوحة الشطرنج وليس حجارة الشطرنج ، ليرى الاحداث في سيرورتها وليس في سكونها ، حينها سيرى المتغيرات واتجاهها وسيكتشف ان " الارض رغما عنا تدور وستبقى تدور " السياسي الفلسطيني ويقرأ المشهد بشمولية ، ليرى الغابة وليس اشجار الغابة ،
جيلنا ليس ، ثورتنا ، قيادتنا ، لم يكونوا بداية النضال الفلسطيني ، ولن يكون نهايته ، التاريخ ام يبدأ بنا ولن ينتهي بنا .