وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المصلوبون على جدار الآلام دفاعاً عن الحرية

نشر بتاريخ: 18/04/2023 ( آخر تحديث: 18/04/2023 الساعة: 19:11 )
المصلوبون على جدار الآلام دفاعاً عن الحرية


الأسير قتيبه مسلم
عميد أسرى حركة فتح – محافظة نابلس
لقد مثلت الحرية هدف الثورات العالمية الكبرى، لأنها نبض الحيوية والفاعلية والإنتاج والحراك المجتمعي وسلم التطور التكنولوجي والعلمي والفكري وهي هدف كل إنسان سوي وتمثل الرفض للعبودية السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والحضارية والانقسامات المجتمعية والتمييز المذهبي والديني والعرقي واللغوي والجغرافي.
ولهذا كان الاستعمار والاستيطان في كافة الدول وعبر مسيرة التاريخ يمثل نهج العبودية والتشرذم والتجزئة والتمييز العنصري ويحاصر الحرية على كل المستويات ويحرص على خلق الكائن المشوه الضعيف، التابع، والخانع والذي لا يبحث سوى عن لقمة العيش المغمسة بالعرق والدم والدمع والذل والعار.
لكل ما سبق رفض الأسرى الفلسطينيين تاريخياً الظلم الاستعماري الاستيطاني والاستعباد وفكر الحركة الصهيونية العنصري وحملوا بنادق المقاومة والثورة بإرادة الكفاح دفاعاً عن أهدافهم الوطنية المشروعة وعن هدف الحرية والأرض والهوية والرواية والتاريخ والحلم الوطني الفلسطيني تركوا وراء ظهورهم كل ماديات الدنيا وهاجروا بعزيمة الثوار وإيمان المناضلين ووعي الأحرار نحو أحلام الحرية والاستقلال والسيادة فهزموا كل زنازين التعذيب وسياط الجلادين ووسائل القمع والقتل البطيء والتحطيم المبرمج والتدمير النفسي والاجتماعي وسياسات المراقبة والحصار ومحاولات اغتصاب الوعي وحولوا بإرادة الثورة والاستعدادية للتضحية والايمان بحتمية النصر على هذا الاستعمار التفريغي العنصري باستيلات القمع والإرهاب الصهيونية إلى ساحات نضالية كفاحية تخرج القادة والمفكرين والثوار المميزين ومناضلي الحرية وحقوق الإنسان.
في يوم الأسير الفلسطيني لا زال هناك أكثر من 4600 أسير يعانون الآلام والجوع والمعاناة ومنهم أكثر من 600 أسير يعانون من أمراض مزمنة متنوعة بفعل تجارب عيادات المستعمرين الذين كشفوا لأكثر من مرة عن أنّ الأسرى هم إحدى أدوات الفحص المخبري والأدوية والصناعات في قطاع التقنية الحيوية الاحتلالية الذي تهتم به دولة الاستعمار ويشمل هذا القطاع العديد من الشركات الموزعة على مجالات متنوعة تركز عليها دولة الاستعمار الكولونيالي لضمان تفوقها وتقدمها التقني مثل مركبات الأدوية الحيوية وتعمل به حوالي 21% من شركات الاحتلال وحوالي 14% تعمل في مجال الأجسام المضادة والعلاج المناعي واللقاحات و15% في مجال هندسة الأنسجة وعلاج الخلايا والأسرى هم جزء من خلايا الاختبار التاريخي لهذه المنتجات الاستعمارية ولمنتجات الأدوية وغيرها من التقنيات وما تزايد نسبة الأسرى المصابين بأمراض متنوعة من الأورام والسرطانات إلا خير تجسيد على نتائج هذه العمليات والمبرمجة التي تشرف عليها مؤسسات العدو الصهيونية المتخصصة.
وهناك أيضاً التجارب التي تتم في مجال المراقبة الأمنية والحصار والتنصت والتصوير خاصة في تجربة سجن جلبوع بعد عملية نفق الحرية والهروب الجريء التي حطمت ما يسمى بالسجن الخزنة الأكثر حراسة في دولة الإرهاب الصهيوني.
ويتعرض الأسرى تاريخياً عبر مسلسل ما بين وتائر مختلفة المستويات بحرب فكرية ونفسية وثقافية وصحية وجسدية حيث زادت وتيرة هذا الهجوم الصهيوني في الآونة الأخيرة على يد المجرم بن غفير الذي يسعى وسيبقى يسعى لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وإعادة واقع الحركة الأسيرة إلى ما قبل نكسة 1967 ويجسد من خلال هذه السياسة أسوأ أنواع النازية والفاشية والعقوبات والإرهاب ضد الأسرى الفلسطينيين ويحول السجون إلى باستيلات قمع وتأديب وإرهاب جسمي ونفسي وساحة قتل متنوع الأشكال وحرمان من كافة الحقوق الإنسانية والصحية والدينية والاجتماعية والنفسية والقانونية والتعليمية وسوف نرى في الأشهر القادمة حلقات من هذه السياسات العنصرية الإرهابية التي اضطرت نسبياً للسكون والتراجع على أبواب شهر رمضان المبارك خشيةً من انفجار الأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة حيث كان الأسرى الفلسطينيون قد قرروا الشروع في حركة الإضراب المفتوح عن الطعام بعنوان معركة الحرية أو الشهادة.
إن ساحات السجون الصهيونية تؤكد في يوم الأسير الفلسطيني حقيقة هذا العدو الإرهابي السادي النازي وعنصريته وجوهر اللاإنساني الاستعماري الذي يرفض الانصياع لأي قانون إنساني أو أخلاقي أو دولي ويُفشل كل فرص الحوار والاستقرار والسلام.
وعلى أحرار العالم ومؤسسات القانون الدولي وكل أبناء الأمة العربية التحرك الحقيقي والجمعي لإنصاف الأسرى الفلسطينيين وكشف حجم الجرائم وسياسات القتل البطيء والعنف الاستعماري التي يتعرضون لها داخل السجون الصهيونية وسيبقى أسرى فلسطين الشامخين الصامدين بكل وعي وعنفوان هم إرادة التحدي أمام آلة البطش الإرهابي الصهيوني.
إنّ إرادة الأسرى تتحدى كل الاجرام الصهيوني لأنها إرادة الثورة والحرية والإنسانية نناضل ونضحي ونتألم ونجوع دفاعاً عن راية الحرية المعمدة بالدم والجراح ولن تنحني الهامات أو تركع لكل هذه السياسات العدوانية وسنبقى ثوار فلسطين حراس الأمل وشموع التضحية وقناديل الحرية وسيف الأحرار وبنادق الثورة التي لا تساوم على الأرض والمقدسات والأهداف الوطنية العليا.
كل أيامنا داخل السجون هي أيام كفاح وصمود وبطولة وثورة وزنازين الموت والإرهاب الصهيوني دوماً تتكسر على صخرة صمودنا ومعنا كل أحرار العالم وجماهير أمتنا العربية.