وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حياتي في سطور مقتضبة.. "أبو رعد" فتحي خازم

نشر بتاريخ: 01/05/2023 ( آخر تحديث: 02/05/2023 الساعة: 01:22 )
حياتي في سطور مقتضبة.. "أبو رعد" فتحي خازم

شربت الحنضل اكوبا فلم ابلغ الثامنة عشرة من عمري في عام 82 قبل أربعين عاما حتى وجدت نفسي في أرضية سيارة عسكرية والجنود يركلونني باقدامهم ثم إلى السجن وقيدت يدي وقدماي وغطي راسي بكيس رائحته نتنه ثم زج بي بزنزانة مظلمة ضيقة لا أخرج منها إلا للتحقيق للضرب والاهانه ولا يفتح الباب الا لتناول وجبة طعام نتنة ثم إلى السجن والحنين للحرية والأهل ايام لا اذوق فيها طعم النوم والراحة ثم إلى الحرية

‌ثم إلى رحلة ثانية جديدة من المطاردة والعذاب والنوم بالمغر والطرقات والخرب والابار والملاحقات التي شاء الله أن انجوا فيها من الموت مرات كم بتنا جياعا وخائفين وكم اكتوينا بحر النهار فالم المطاردة لا يوصف بكلمات فأنت بين ثلاث اقدار أما مقتولا أو جريحا أو اسير كانت هذه المرة برمضان واشتقت لطعام امي ووقفت امي تنظر من شباك المنزل وما هي إلا دقائق حتى صرخت اهرب جائوا فقزت من بلكونة المنزل لأجد نفسي بين مجموعة نساء تحمل مسدسات نجل كانوا جنودا يتخفون بلباس نساء وبدأت رحلة عذاب أخرى ضرب بالعصي وباكعاب المسدسات وسأل الدم من كل جسدي حتى وصلت آليات الجيش ومرة اخرى في أرضية السيارة ركلوني باقدامهم وضربوني بعصيهم حتى وصلت مركز التوقيف كنت أضن أن رحلة العذاب انتهت ولكنها اشتدت الما وضربا ولم احول إلى للتحقيق بل حولت للاعتقال الإداري ووجدت نفسي في سجن عتليت في شمال فلسطين حيث الجحيم بعينه الأحداث مؤلمة وقاسية لا استطيع روايتها إلا واحدة حيث أخرجنا للساحات في منتصف الليل وطلب منا أن نؤدي التحية للعلم الاسرائيلي ورفضنا جميعا فنكلو بنا شر تنكيل كان هذا كسجن ابو غريب بكل ما تعنيه الكلمة ثم عصبت الأعين وقيدت الأيدي ثم إلى سجن الفارعة وادخلنا إلى الغرف كانت غرفة رقم 9 واقترب وقت الإفطار فنحن في رمضان وادخل الطعام الغرفة كان طعاما غير معروف ماء لونه ابيض وقطعة خبز فقررنا أن نضرب عن الطعام وباب الغرفة مرتفع عن الأرض بمقدار عشرة سم وبدأت بإخراج الطعام وإذا بطاقة الباب تفتح وجندي يسالني لماذا تخرج الطعام قلت له (شفتا) اضراب وما هي إلا دقائق حتى أطلق زامور الانذار في السجن وامتلئت الممرات بالجنود والهراوات وفتح باب الغرفة أشار إلي الجندي الذي سألني عندما سألني لم تخرج الطعام وقال هذا من أخرج الطعام ومن باب الغرفة حتى الساحة الخارجية ممر طويل اصطف على جانبيه سربين من الجنود لونو وجوههم بالاسود وبداؤ بضربي على كل مكان تصل.اليه عصيهم حتى وصلت الساحة محطما ثم أخرجوا كل اخواني إلى الساحة الخارجية وصفوهم صفا واحدا وبداؤ بسؤالهم واحدا. وأحدا هل تريد ان تاكل فأجاب الاول لا والثاني لا حتى قالوا كلهم لا فسالوا لماذا لا تريدون أن تاكلوا فأجابه أحدهم هذا الطعام لا تأكله الكلاب فضربوا جميعا ثم قال مدير السجن لو كنتم في سوريا لقتلتم جميعا وأمر بادخالنا للغرفة وكانت المفاجئة أن الطعام قد تبدل ووضعوا لنا طعاما مما لذ وطاب ولكن في اليوم الثاني أوثقونا وربطو أعيننا ووضعونا في حافلة وسارت بنا لساعات حتى وصلنا لسجن النقب إلى جحيم الدنيا ذل وإهانة وقهر وبدأت المعركة باليوم الاول وأشهر مدير السجن بدقيته وقتل الشوى من غزة وقتل السمودى من جنين معركة استمرت لساعات رشقناهم بكل ما نملك واطلقوا علينا الرصاص واختنقنا من شدة الغاز ثم ما هي إلى أيام كنا نياما فأطلق زامور الانذار في السجن اقتحموا قيدونا ثم نياما على بطوننا على الأرض في البرد القارص ونحن لا ندري ماذا يجري وبعد عذاب ساعات تبين أن ثلاثة مناضلين تمكنوا من الفرار وعبروا إلى مصر

‌زارني في السجن ابي وأخبرني أنني اخترت طريقا صعبا وقاسيا لا يحتمله الا الرجال واوصاني بالثبات وقال فلسطين غالية قليل كل مانضحي به لأجلها وأخبرني أن عمي كايد خازم وعمي احمد خازم تم إعدامهم بسجن عكا دفاعا عن الأرض والكرامة وأنه في عام ٥٣ بعد النكبة بخمسة سنوات حكمت عليه المحكمة أن وجوده داخل أراضي الدولة يشكل خطراً عليها فابعد الى مصر وسجن في سجن ابو زعبل سبع سنوات وبعد انقضائها فرضت عليه الإقامة الجبرية في غزة وأنه تزوج من خانيونس وان جدي فتح له بيت اجر وهو حي ضننا منه أنه قتل وقال يا ولدي دفعنا ثمنا باهضا ولم نندم فقدم ولا تندم فخرجت من السجن بعزيمة وإرادة اقوى ولم تمر اشهر حتى بداء الاحتلال بمطاردتي وكانت هذه المطارد الثالثة والاصعب حيث كانت في فصل الشتاء والمطادة في فصل الشتاء قاسية حيث البرد القارص والشعور بالوحدة وكثيرا ما نمنا جياعا ونرتجف من البرد في هذه المرة أصبت وعرفت معنى الم الإصابة وبطء التئام الجرح بسبب البرد أنها الام ومشاعر لا يمكن وصفها كم تزحلقنا على الصخور وكم لويت كواحلنا وكسرت أقدامنا ورضت صدورنا وبعد أشهر من المطاردة حوصرنا داخل منزل واسرنا واقتادونا للتحقيق المركزي لتكبيل اليدين والقدمين ووضع الاكياس القذرة لتغطي رؤسنا حتى نكاد نختنق عدنا لتجربة التحقيق واليدين مكبلتان بقضبان حديد لشباك مرتفع حتى تنخلع كتفاك وتنشل قدماك ايام وليالي لا نعرف فيها النهار من اليل ثم إلى السجن لتبدامعركة السجن والسجان التي تهدف إلى كسر إرادتنا معركة لا نمتلك فيها إلا سلاح امعائنا الخاوية وتبدأ مرحلة الموت البطيء حتى لا نكاد نقوى على رفع ايدنا وشرابنا فقط ماء وقليل من الملح يصبح بعد اليوم العاشر كالسم الزعاف لا احد نعم لا احد يخرج من السجن بدون علة واعضم نعمة يمن الله بها أن نخرج بكامل قوانا العقلية كيف تحتمل رؤية سجين يحتضن صورة أطفاله أو سجين يبكي فقد بلغه موت أمه أو أبيه وسجين زف اليه ارتقاء اخيه لا رواية لمن تقرع الإجراس ولا الخبز المر ولا أنا كارنينا ولا كل ادب روسيا وامريكا يمكن أن يختزل بئس رواية اسير

‌ثم خرجنا من السجن لنواجه بقية الحياة التي فقدنا فيها اعز اخوتنا اقمار ارتقوا وسبقونا للسماء ومنهم من بقي حيا وصدق مولاي إذا قال( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

‌وتزوجت ثم سجنت بعد زواجي باسبوع ثم خرجت ثم رزقت ببكري رعد ثم عبدالرحمن وبلغ لله عندي ثمانية في بيت غرفة ومطبخة ومغارة عاش ابنائي الثمانية بمغارة لطالما قتلنا بين أرجلهم افاعي وهوام علمتهم فيها حب الله والقدس والوطن ومعنى الرجولة والعزة وحفظتهم فيها من كتاب الله ما شاء الله وما لبثت إلا وهبت انتفاضة الأقصى أصبت فيها إصابة بليغة وبعد ان تحسنت قليلا اجلست زوجتي ابنائي حول فراشي وقالت يا أبا رعد إلى من تترك هؤلاء جعنا ولم يغثنا احد وعطشنا ولم يسقنا احد وذقنا في هذه الحياة الأمرين كم من عيد مضى لم نعرف الجديد قدمت كل ما استطعت وانا اخوتي الاثنين شهد/اء

(مسكينة لم تكن تعلم أن ابنيها سيلحقون باخويها ) ثم قالت لم يبقى لنا الا الله ثم انت فجاهد فينا فقلت هل تستطيعين ان تفحري لي قبرا في حاكورة. المنزل قبر يتسع لفرشة

‌ففعلت.وغطينا سطحه بالتراب وتركنا فتحة استطيع الدخول منها والخروج عندما كنت ادخل ليلا كانت زوجتي تغطي الفتحة بالتراب وفي الصباح تقوم بإزالة التراب وفتح البوابة مرت سنة على هذا الحال كانت احيانا لا تفتح القبر فاعرف أن الجنود قريبون كنت اسمع صوت نعالهم فوق القبر وحدث هذا مرات ..في هذا القبر حفضت من كتاب الله ما شاء وكانت خلوه بيني وبين ربي سالت نفسي فيها كل شيء وسالت ربي فيها كل شيء

‌نعم عشت وابنائي حياة كفافا صعبة قاسية مؤلمة أشبه بمعركة بدون هدنه لكن لم نبع ديننا ولا وطننا ولا تنازلنا عن مبادئنا حتى جاء اليوم الذي قرر ابنائي أن يهبوا أرواحهم لله لتبداء مرحلة من أخطر مراحل حياتنا حيث قتلوا ابنائي رعد وعبد الرحمن وطوردنا جميعا ونجت زوجتي وابني الصغير ادم وابني همام من كمين موت محتم حيث أطلقوا مئات الرصاصات على السيارة التي يستقلونها فنجاهم الله وانقلبت حياتي وحياة كل اسرتي راسا على عقب وطوردت ولاحقتني كل انواع الاليات والطائرات واقتحموا بيوتا كنت انام فيها مرات فنمت في الطرق والخرب والمغر واخمام الدجاج والطيور وفي كثير من البيوت ومنها بيت خرب ما زال حتى اليوم عندما ازور جنين أبيت وزوجتي وطفلي ادم فيه لأنهم هدموا كل بيوتي ونجوت من الاعتقال مرات ومرات حتى ارهقني التعب واوقعني المرض

‌اربعون عاما وانا اقاتل ما لنت ولا هنت تعرضت فيها لكل أذى وتحملت فيها ما لا تحمله الجبال

ثم يأتي من يحدد لي مع من ألتقي وماذا اقول ...من اعطاك هذا الحق؟؟؟

واخر يقول لقد وضعت على نفسك علامات استفهام لانك أجريت مقابلة تلفزيونية مع إحدى المحطات الفلسطينية واقول له لو سمحت قلي لي ما هي المحطة اللتي تعجبك حتى أجري بها مقابلة حتى ترضى عني .. ومن اعطاك هذا الحق؟؟

واخر يتهمني عندما عقدت مؤتمرا صحفيا ادعوا فيه للوحدة وانهاء الانقسام أنني أصبحت بوقا للسلطة

واخر ينتقدني بوقاحة لأن مسؤلا فلسطينيا التقط معي صورة

حتى وصل الأمر أن ينتقدني أحدهم لأنني اشرب فنجان قهوة في مكان عام

واخر قال اليوم شفتو لابس جكيت بكرة بلبس بدلة

واخر يعلق لي على مبادرتي لحل مشكلة اخواني المعلمين أنني تجاوزت الحدود واانني حدت عن الخط

و اخر يتهمني بأن يقول السلطة تستغلني

أما أخطرها أن أحدهم أحل سفك دمي حيث مدحني أحدهم قائلا اقتدو بابي رعد الذي يحرم الاقتتال فقال( هذا من السلطة واول من يجب البدء به .. يقصدني بقوله )

واقول نعم لا زلت على رأس عملي في السلطة ولم اتقاعد كما يروج البعض لكني حرمت من الترفيع وما زلت مع انني استحققت رتبة العميد واللواء

واخر يقول يا عمي شروله شقة في رام واقول الشقة التي اسكن بها استأجار وليس ملكا ولم يشتري لي احد لا بيتا ولا شقة

واخر يقول يعني دفعلوا مصاري واشترى سيارة سكودة واقول السيارة إعارة من الأمن الأمن الوطني وليست ملكا

اخير وليس اخرا اقول لم اكن يوما بجيب احد ولن اكون ولن اتخلى عن دماء ابنائي ولا عهدهم ولن أهادن أحدا بمبادئي ولن يحدد لي احد بمن ألتقي أو مع من التقط صورة أو ماذا اقول .. أو عبر اي إذاعة اتحدث أو محطة اضهر أو بأي مكان عام اجلس أو اي مبادرة أطلق من يقبل بمبادراتي حياه الله ومن لم يقبل انسحب حبا وكرامة ما دام طلب الانسحاب فيه خطاب حب وكرامة

واعلموا أنني اقدس حرية الرأي واقبل النقد البناء واتوق لنضام يكفل كرامة الإنسان ويمؤمن بالتبادل السلمي للسلطة وحق الإنسان بالتعليم والصحة وأن يعتقد بما يشاء في إطار الحياء العام للمجتمع والدولة وان تحل كل مشاكلنا بالحوار لا بالقتال وان نصل يوما إلى دستور نحتكم اليه جميعا ويحمينا ويحمي حقوقنا كمواطنين

واقول كنا اخوة في السجون و في النضال وسنبقى رغم كيد المفتنين

وفي الصورة في السجن على يميني مسعد عمار ابو اسلام وعلى يساري اخي وحبيبي الاستاذ خالد جرادات

والصورة الثانية البيت الي اسكن فيه اليوم

اعتذر لهذا النقد فرغم ذلك هم اخواني واخواتي ولكن ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق

مع فائق احترامي وتقديري

اخوكم فتحي خازم ابو رعد



























حياتي في سطور مقتضبة.. "أبو رعد" فتحي خازم