مراجعة فكرية لخطاب منظمة التحرير .. الأشجار لا تنمو على الكتب
نشر بتاريخ: 07/05/2023 ( آخر تحديث: 07/05/2023 الساعة: 15:44 )
تعرضت منظمة التحرير لهزات كبيرة وضربات شديدة افقدتها الكثير من القيمة الاسمية والقيمة الفكرية في ربع القرن الماضي . ورويدا روديا تآكلت قيمتها الذاتية وادواتها بشكل بات يهدد بقائها .
لم يقف الامر عند هذا الحد ، وانما توقفت المراجعات الفكرية العلمية للنهوض بالمنظمة . وتم حصر " التفكير " بجهات تنفيذية متواضعة الإمكانيات ، وجرى تدريجيا استثناء المؤتمرات واللجان والموارد الفكرية والمشارب الأيديولوجية من صناعة القرار ، وهو الامر الذي يؤدي الى شلل كامل في خط انتاجها ، والدخول في حالة الدوران حول الذات لفترة أطول مما يجوز .
الفكر الأساسي لمنظمة التحرير هو فكر قومي انساني ناهض ، وانبعاث حضاري حي للرواية الفلسطينية بينما يتهم الكثير من المفكرين فكر الحركات الإسلامية انه فكر " جماعة " تعمل لمصلحتها فقط وتمضي حياتها في خلق عيوب للخطاب القومي دون ان تتحمل اية مسؤوليات . ولا تستطيع هذه الأحزاب الاسلامية ان تتحمل مسؤولية دولة ( ولا تريد ) . وفي المقارنة بين عيوب الفكر القومي ممثلا بمنظمة التحرير وبين الأحزاب الاسلامية الحركات الإسلامية السياسية ، ان الأخيرة لا يمكن لا تشق الطرقات ولا تتحمل التحويلات الطبية ومعاجلة عامة الناس ، ولا تبني مدارس الا لجماعتها . بينما على منظمة التحرير ان توفر كل احتياجات البقاء لشعب كامل من رواتب ومشافي ومؤسسات وبنى تحتية . وان تتحمل شتائم الخصوم السياسيين بعدها . وتساءل بعض كبار المثقفين القوميين : ماذا لو قمنا بتبديل الأدوار !
فكر منظمة التحرير هو فكر مقاومة نضالية شعبية جامعة للتنظيمات والمنظمات والحركات والاطر والجماعات والطوائف والمذاهب والافراد . ولكن طريقة التعبير عن هذا الفكر كانت في قمة السذاجة ، فمنظمة التحرير الان متعثرة وسلطوية مقيتة ومنفرة .ولكن هذا يقف مشلولا عند استخدام باهت ومنزوع الفائدة وخال من المضامين عند التنفيذ . لان الشعار لوحده لا يمكن ان يثمر ، ولان " الأشجار لا تنمو على الكتب " .
عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير النظرية تشمل تنظيمات متواضعة الوجود وفقيرة الحضور وشخصيات موالية للزعيم . بينما باقي فئات وجماعات الشعب الفلسطيني مهما اختلفت أدوات نضالهم غير ممثلة في هذه اللجنة التنفيذية . بدء من مقاتلي الكفاح المسلح ومرورا بالمقاومة والانتفاضات ووصولا للمقاومة السلمية والعمل الدبلوماسي .
في الحقبة ما بعد عرفات اقتصر دور منظمة التحرير على العمل الدبلوماسي وصراع البقاء . وتعرضت أموالها ومشاريعها للتأميم على يد السلطة الفلسطينية بعيدا عن اية مكتشفات ، حتى أصبحت المنظمة جهازا استهلاكيا بيروقراطيا يديره كبار السن والمتقاعدين تلقائيا بعامل السن وعامل الابتعاد عن ساحات العمل النضالي .
بعد أبو عمار تولى الرئيس محمود عباس منصب القائد العام للقوات المسلحة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ولكنه لم يملك الوقت ولا الإرادة لإدارة المنظمة . فأولاها للأخ ياسر عبد ربه الذي تم تكليفه بمنصب امانة السر . وانهمك ياسر عبد ربه في معارك الشرعية و الإبقاء على المنظمة كعنوان سياسي بعد انفصال حماس في غزة .
وبعد ذلك اخذ المنصب المرحوم د صائب عريقات الذي اقتصر عمله على الجانب السياسي والتأكيد على ان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
ورغم ان الشعب غير موحد والتمثيل الشرعي ممزق وبه طعنات وسيوف مزقته اربا . الا ان صائب عريقات ارد ان يؤكد بكل مهاراته ان منظمة التحرير جامع سياسي تنظيمي اداري للشعب الفلسطيني .
بعد وفاة الدكتور صائب استلم الأخ حسين الشيخ منظمة بلا تنظيم ، وبلا مال ، وبلا إرادة ، وبلا أدوات ، وبلا حضور . كما تسلم الأخ روحي فتوح بعد المرحوم سليم الزعنون مجلس وطني هلامي غائب ضائع لا يعرف فيه الأعضاء بعضهم . ولا يصلهم تهنئة من رئاسة المجلس حتى يوم عيد الفطر !!!
هل يمكن انقاذ منظمة التحرير ؟
الجواب ممكن ولكن من شقين :
أولا - لماذا ننقذها ولماذا لا نصنع أفضل منها ؟ وهذا سؤال جدلي يحتاج لمراجعة فكرية
وثانيا - من الذي يريد انقاذها ولمصلحة من ؟ ولمن يعطيها بعد ضخ الدماء فيها ؟
بينما يقوم البعض بعقد مؤتمر مالمو في السويد . هنا في الارض المحتلة قمنا بالبحث مع مجموعة من المحاربين القدامى من غزة والضفة وداخل الخط الأخضر . وقررنا ان ننشغل فيه خلال الأيام القادمة .