|
غياب الاهتمام بالتخطيط السكاني في القدس
نشر بتاريخ: 08/05/2023 ( آخر تحديث: 08/05/2023 الساعة: 13:48 )
منذ احتلال إسرائيل لها عام 1967 واجه سكان مدينة القدس معضلة قانونية، خصوصاً بعد قرار إسرائيل الأحادي بتوسيع القدس الشرقية وضمها، في 1980، وقد كانت قبل الاحتلال كبقية الضفة الغربية تابعة للأردن. فمن الناحية القانونية، تعتبرهم إسرائيل مقيمين دائمين وليسوا مواطنين (سوى لعدد صغير تقدّم لطلب جنسية وهذا مسموح، لكن القبول به ليس أوتوماتيكياً). وقد ركّزت دراسات وتقارير صحافية كثيرة على الوضع القانوني للمقدسيين، في ظلّ محاولات إسرائيل نزع الإقامة، لأسباب مختلفةٍ كلها مخالفة للقانون الإنساني الدولي. تنزع إسرائيل بطاقة هوية (وإقامة) من يغيب عن المدينة سبع سنوات وأكثر، تحت بند أن القدس لم تعد مركز حياتهم. ولا يزال غالبية المقدسيين يحملون جوازات سفر أردنية غالبيتهم مواطنون غير أردنيين فيما توفر سلطات الاحتلال وثيقة سفر محدودة المدة (خمس سنوات) لمن يريد السفر عبر مواقفها الدولية. وفي كل الأحوال، أصبح المقدسيون مثل "البدون" أي أنهم أيتام من الناحية السياسية، حيث يُمنعون منذ توقيع اتفاق أوسلو من التواصل الرسمي مع القيادة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه، يُمنعون من التنظيم السياسي الذاتي أو حتى إقامة تجمعات محلية، من خلال تطبيق مبالغ به في قوانين الدفاع البريطانية لعام 1945. وتوفر السياحة وإمكانية العمل في أي منطقة في إسرائيل (ما قبل 1967) فرصاً معقولة للمقدسيين، إضافة إلى إمكانية العمل في باقي مدن الضفة الغربية، رغم الاختلاف في تكلفة المعيشة. لكن السكن في القدس يبقى الحلقة الأكثر ضعفاً، والتي في حاجة إلى اهتمام معمّق وجدّي. ويعتبر موضوع السكن في ما يخص الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية موضوعاً معقّداً تتداخل فيه اللجان المحلية والقُطرية والحكومة الإسرائيلية. ولذلك، رغم مرور 55 عاماً على الاحتلال والضم، فإنّ بلدية القدس وباقي اللجان ذات الشأن لم توافق على بناء أي حي جديد للفلسطينيين في القدس، رغم الموافقات والدعم الرسمي لعشرات الأحياء الاستيطانية، والتي يسكن فيها حالياً مئات الآلاف من الإسرائيليين. وفي بحث معمّق، أنجزتُه لصالح موقع Jerusalem Story بالإنكليزية، التابع للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تبين غياب أي اهتمام من الجهات الفلسطينية والعربية والدولية لمشكلة التخطيط السكاني للفلسطينيين في القدس الشرقية. ورغم أن للاحتلال وسياساته الأثر الأكبر على الوضع السكاني وغياب تخطيط سكاني، فإنّ هناك صعوبات أخرى. في التخطيط على سبيل المثال، عدم وجود مناطق مفتوحة واسعة يمكن من خلالها تقديم مشروع حي متكامل، يتم إعادة توزيع الحصص، لكي يستطيع المخطّط السكني توفير مناطق خضراء وأماكن عامة طبعا في عكس ذلك ما يقوم به المحتل، والذي يصادر مناطق واسعة، وبذلك من السهل عليه أن يوفر مخطّطا مهنيا متكاملا. كما يشكل وجود أراضي مشاع صعوبة في قدرة أي جهة على تقديم مخطّط متكامل. كان أحد أهم مشاريع المركز بالتخطيط لإقامة حي جديد، هو الأول من نوعه منذ الاحتلال الإسرائيلي في العدّاسة من أراضي بيت حنينا والمملوكة لعائلاتها. وقد تم وضع مخطّط للحي يتسع إلى 2500 شقة سكنية. ورغم تشجيع أولي من بعض الجهات المتعلقة بالتنظيم ذات العلاقة، وبعد مرور 15 عاما على تقديم المخطّط، قرّرت بلدية القدس الاسرائيلية رفض المشروع، ثم تبين أنه جرى تجميد المشروع سابقا، ولم يتبدل هذا القرار، رغم الوعود الإيجابية. فحسب ما جاء في صحيفة هآرتس، جاء التجميد لأسباب سياسية، حيث ينوي رئيس البلدية إعادة الترشّح لفترة مقبلة. وستعقد الانتخابات البلدية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. ومنذ عام 1967، والجانب الفلسطيني يقاطع الانتخابات البلدية الموحدة، فقرار الضم والتوحيد مخالف للقانون الدولي، لأنه لا يحقّ المحتل تغيير الوضع القائم. |