|
جرائم الحرب لن تنقذ الردع الإسرائيلي
نشر بتاريخ: 11/05/2023 ( آخر تحديث: 11/05/2023 الساعة: 08:58 )
جمال زحالقة أسفرت الجريمة النكراء، التي ارتكبتها إسرائيل في غزة فجر الثلاثاء عن استشهاد 13 فلسطينيا، بينهم ثلاثة من قيادات حركة الجهاد الإسلامي. واعتبرت إسرائيل العملية ردّا على إطلاق مئة قذيفة صاروخية في أعقاب استشهاد المضرب عن الطعام، الشيخ خضر عدنان، المعروف بأنّه من أهم رموز الحركة. وتحسّبا لرد الجهاد، وربما غيره أيضا، قامت إسرائيل بإعلان حالة التأهّب العليا في محيط قطاع غزّة، بما يشمل مدنا مثل بئر السبع وعسقلان وأسدود، حيث أغلقت المدارس أمام حوالي 300 ألف طالب، ومنع تجمهر أكثر من 10 أشخاص في الخارج، وألغيت النشاطات والفعاليات المختلفة، وبدأت عملية رحيل كبرى شمالا للآلاف من السكّان، وهي مرشّحة للتحول الى إخلاء كامل تبعا للتطوّرات، وجرى فتح الملاجئ في تل أبيب والمدن المجاورة، وطلبت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من سكّان محيط قطاع غزّة، البقاء قرب الملاجئ والغرف الآمنة والانبطاح على الأرض، إذا جرى قصف وهم في خارج المباني. لقد دخلت مناطق واسعة في حالة شلل للاقتصاد وللحياة اليومية، وأغلقت شوارع رئيسة والمحال التجارية التي فتحت أبوابها كان خالية من الزبائن، كل هذا قبل ان تطلق قذيفة واحدة من غزة. أهداف إسرائيلية نبض المشروع الصهيوني هو العنف والقتل والدمار، ليس بسبب خاصيّات وراثية أو مزايا ثقافية أو دينية، بل لأنه مشروع سطو مسلّح، ولا يصح مشروع سطو إن لم يكن مسلّحا، بحيث يكون السلاح جاهزا للاستعمال عند بروز أي مقاومة للسطو. من هنا فإن الحديث عن أهداف العنف الإجرامي يتعلّق أكثر بالسياق وبالتوقيت وبالحيثيات وبالملابسات وبتعرّجات مسار الأحداث، وليس بالخيار ذاته، المحسوم أصلا. وعليه فإن أي عنف تستعمله الدولة الصهيونية، لا يمكن أن يكون دفاعا عن النفس كما تدّعي، لأن السارق والمجرم لا يدافع عن نفسه، بل عن «حقّه» في ما سرقة واستولى عليه. والحقيقة أنّه ما دام هناك فلسطيني يدافع عن وطنه وشعبه ويرفض الظلم والاضطهاد والتشريد والاحتلال والاقتلاع، فإن آلة الحرب الإسرائيلية جاهزة لقمعه. أمّا من الناحية العملية المباشرة فهناك عدّة دوافع وأهداف لهذا العدوان الآثم:
ثانيا، زرع حالة من الترويع والفزع باستهداف قيادات فلسطينية في بيوتها، وتوجيه رسالة بأن من «يضايق» إسرائيل سيدفع الثمن. وإذ جرى تسويق العدوان على أنّه يعيد الردع إلى مكانه، عبّر البعض عن شكّهم في ذلك، وكتبت شيمريت مئير المستشارة السابقة لرئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على صفحتها على التويتر: «سؤال في المنطق: إذا كان هذا الاختراع باغتيال القيادة العسكرية للجهاد الإسلامي ناجحا فعلا، لماذا نحن بحاجة لتكراره للمرة الثالثة وتسعة أشهر بعد المرّة الأخيرة؟» وأضافت: «الضربة محلية وليست استراتيجية، وقد استنفدنا الضربة الأولى المفاجئة، ولا يمكننا أن نفاجئ مرتين». لقد حاولت إسرائيل بعدوانها استعادة قوة الردع، ولكن لا يبدو أنها حققت هذا الهدف، أو أنها في طريقها إلى تحقيقه إلا بشكل مؤقت ولفترة قصيرة. الجهاد الإسلامي يعد الجهاد الإسلامي الحركة الثالثة من حيث القوّة الجماهيرية في المجتمع الفلسطيني، وهو يتميّز بأنه لم يدخل إلى منطقة ومنطق السلطة والدولة، وبقي يعمل وفق منطق الثورة والمقاومة، ما يجعله عصيا على الردع. ومع ازدياد الاهتمام الإسرائيلي بالجهاد الإسلامي، لم تستطع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إيجاد صيغة «ناجعة» للتعامل معه، والسبب أنه من الصعب ربطه بمصالح، أو بما من الممكن أن يخسره. وتصاب النخبة الأمنية الإسرائيلية بالإحباط حين تدرك أنه حتى الاغتيالات لا تنفع معه. فقد أعلنت إسرائيل مرارا أنّها قضت على القيادة العسكرية للجهاد، لتجد نفسها بسرعة أمام قيادات جديدة.
|