|
دروس معركة «ثأر الاحرار» : فخر وألم!!
نشر بتاريخ: 14/05/2023 ( آخر تحديث: 14/05/2023 الساعة: 12:43 )
بعد إعلان الوسيط المصري ليلة أمس رسمياً التوصل لاتفاق تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي فإن جولةٌ من القتال والمقاومة والصمود استمرت لمدة خمسة أيام تكون قد انتهت ووقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ، وبتنا ننتظر الجولة القادمة لان هذه جولة من جولات، والآن لا بد من التقييم لاستخلاص الدروس والعبر. وهي جولة من جولات مستمرة طالما بقى الاحتلال جاسم على ارضنا المحتلة. أولاً وقبل كل شيء يجب وضع النقاط على الحروف، ويجب إعطاء كل ذي حق حقه، فحركة الجهاد الاسلامي أبدعت في معركة "ثأر الأحرار" من بدايتها الى نهايتها بما فيها عملية "التمهل" في الرد التي بالفعل أربكت الاحتلال. وثانياً أن هذه العملية حظيت بدعم واحتضان شعبي فلسطيني وعربي منقطع النظير رغم محاولات البعض التشويش. وثالثاً، ورغم أن حركة الجهاد قد خسرت قادة من الصف الأول ومن المجلس العسكري ومن خيرة أبنائها، إلا انها أظهرت براعتها في إدارة المعركة، أربكت حسابات الاحتلال وأدخلته في معادلة الاستنزاف، وأشغلت منظومته الأمنية وأرهقت جبهته الداخلية الهشة وجعلتها في حالة ترقب وقلق، فكانت يد المقاومة هي العليا في معادلة القوة والردع فأمطرت العدو بمئات الصواريخ والقذائف المدفعية وقتلت وأصابت ومزقت شمله ودمرت بنيانه، وكانت صامدة وكانت تدير المعركة في "إيقاع غير مرتبك"، بل كاد ان يكون بتوقيتات دقيقة كما كان يحدث مع توقيت الساعة التاسعة او ما يُعرف بتوقيت البهاء، وهو رشقة صاروخية في تمام الساعة التاسعة مساءً، وهو ما نجحت فيه باقتدار رغم الإمكانيات المحدودة مقارنة بما يمتلكها الاحتلال، وهو ما اجبر القوى الإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية أن تسارع في الطلب من الوسيط المصري التدخل لدى الجهاد الإسلامي والعمل على وقف سريع لإطلاق النار وذلك خوفا من التداعيات الإقليمية والدولية ومن فتح جبهات جديدة لا ترغب الولايات المتحدة بفتحها لأنها تخوض هي وحلفائها حربا في أوكرانيا ضد روسيا والصين. رابعاً، وهو ما يتعلق بميزان القوة المائل لصالح الاحتلال، إلا أن صواريخ الجهاد البدائية اخترقت أحدث منظومات الحماية لدى الاحتلال، ومنها منظومة القبة الحديدية ومنظومة "الحيتس" التي تعتبرها دولة الاحتلال منظومة دفاع استراتيجية، فقد اخترقتها الصواريخ البدائية وأصبحت جل هذه المنظومة محل شك، مما سيؤثر على تسويقها مستقبلا. خامساً، لقد اثبتت هذه الجولة بما لا يدع للشك، أن شعار "وحدة الساحات" أو وحدة الجبهات، بقي حبراً على ورق، ولم يتحرك احد من شركاء هذا الشعار لنجدة سرايا القدس لا من غزة ولا من الضفة ولا حتى من حزب الله الذي هو البيت الجامع لهذا الشعار، وكشف خطاب الأمين العام زياد النخالة بعد انتهاء المعركة الكثير، فقد كانت مزيجاً من فخر المقاتلين وحزناً على الشهداء واكثر من لوم للمتخاذلين ويكفي انه لم يشر ولو بكلمة واحدة لحركة حماس ولا للغرفة المشتركة، الامر الذي يستدعي مراجعة سريعة عن جدوى هذا الشعار وعن الكشف عن نوايا الشركاء، هل هم مع تنفيذ هذا الشعار ام انه مجرد شعار؟!. سادساً، كان هناك تقصير واضح من السلطة الفلسطينية في التحرك الجاد والسريع لدى الأطراف العربية والإقليمية والدولية لوقف العدوان على قطاع غزة ولم نرى إلا بيانات "ركيكة" وضعيفة الصياغة والانتشار ومن أطراف محدودة، فيما من هم المكلفين بهذه المهمة كانوا في ثبات عميق وكأنهم "اموات"، وحتى السفارات الفلسطينية المنتشرة في كل أسقاع الأرض لم تقم بواجبها في فضح جرائم الاحتلال لكل العالم، ناهيك عن القيام بفاعليات شعبية ورسمية لمؤازرة أبناء غزة في محنتهم. واخيراً، دروس وعبر معركة «ثأر الاحرار» كثيرة ومتعددة، فمنها السياسية ومنها العسكرية ومنها الاقتصادية ومنها الإنسانية، ولا مجال في مقال واحد أن يتم سردها، ولكن اوجزت في هذا المقال الملاحظات الأولية والسريعة والتي كان يجب أن أذكر بها المهتمين لعل وعسى أن يستفيدوا منها، وستبقى هذه المعركة التي شهدها كل العالم عبر الفضائيات، وأبناء غزة عبر البث الحي والمباشر بالرؤية، شاهدة على إجرام الاحتلال وعلى بسالة المقاوم وعلى صمود اسطوري لأبناء غزة، فكل التحية والتقدير لهم والرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى. |