|
مسيرة الاعلام والقلق الوجودي عند الغرباء
نشر بتاريخ: 17/05/2023 ( آخر تحديث: 17/05/2023 الساعة: 14:49 )
كنت نشرت في العام 2012 مقالة بعنوان (السيميائية) فمن الناحية السيكولوجية، كلما زاد استخدام الصورة ازدادت الرغبة في التملك، لذلك وفي حال التقاط صورة لشخص ما أو مدينة ما ، فإن هذا يعني ازدياد تعلقك بهذا الشيء، العلاقة طردية بين الذي يلتقط الصورة أو يستخدمها وبين الشيء أو الشخص المراد تصويره. الحبيب يستخدم صورة حبيبته، وأفراد الأسرة يحتفظون بصورهم، والسجين تعلق صورة لمنزله أو أفراد أسرته فوق رأسه، ولكن اشتداد ذلك وارتفاع وتيرته يعني سيطرة الفكرة ذاتها على سلوكنا، ولذلك وفي كثير من حوادث الاعتداءات وحوادث الاغتصاب يجد المحققون الجاني يحتفظ بصورة الضحية. وبذلك يكون الجاني قد أحرق مراحل كبيرة في الانتقال من الإعجاب إلى الحب إلى الرغبة في الامتلاك إلى العجز عن الامتلاك إلى محاولة الامتلاك بالقوة أو تحطيم الشيء وقتله. والأمر كذلك مع الشخص ذاته أي بينه وبين نفسه، فهناك أشخاص يملئون منزلهم بصورهم، أو بصور شخص يحبونه وبشكل مبالغ فيه ويتعمدون تضخيم حجم الصورة بشكل لافت للانتباه. فهناك "طريقة إسرائيلية" في طريقة التقاط الصورة التي سيحتفظ بها الجمهور في مخيلته وهو امر درسه الاحتلال بشكل منظم من اجل منع الجمهور الاحتفاظ بالصور الحقيقية البشعة للاحتلال واستبدالها بصور اخرى جرى العمل على ابتكارها وترتيبها ، وهناك ألوان محددة وأبعاد محددة، وشروط معقدة للصورة التي يستخدمها الإعلام الأمريكي، مما يجعل من الأمر في غاية الخطورة، ويشبه " مسح الذاكرة" من جهة "وتحكم في خيال الجمهور" من جهة أخرى. وقد رأينا كيف اختارت وسائل الاعلام الامريكي - ليس بالصدفة - صورة لمجندة تجرّ حقيبة سفر على عجلات للدلالة على الانسحاب الامريكي من العراق وهو امر مخالف للواقع ، فالاحتلال الامريكي للعراق لم يكن رحلة سياحة كما يبدو . وكما أسلفنا من قبل فإن الصورة هي انعكاس للواقع من جهة وهي جزء من الواقع وليس كله، وهي انطباع مشروط بزمان محدد كما أنها تتأثر بالتكرار... فتكرارها يحولها الى صورة نمطية. مثال "جندي إسرائيلي يحمل بندقيته ويطلق النار على تظاهرة"، ومثال " مجاعة إفريقيا تعني ناس ذو بشرة سوداء يعانون الجفاف" ، ومثال " البرازيل يعني راقصات السامبا" ، وأن فرنسا تعني الموضة والعطور ، وأن انجلترا تعني الساعة الدقيقة، وأن سويسرا تعني بحيرة خلابة وأناس لطفاء. وأن العرب يعني النفط ورجل يلبس دشداشة ويجرّ وراءه 4 نساء يلبسن النقاب.. وهكذا عملت وكالات الانباء على ترسيخ صور نمطية في عقولنا للشعوب الاخرى والقضايا الاخرى . إن الصورة التي تتناقلها وسائل الاعلام تساهم بشكل كبير في خلق التصور المطلوب، ومن يتحكم بالصورة يتحكم بالخيال والتصوّر. ومقارنة واحدة بين عدد الصور في صحيفة عربية وصحيفة إسرائيلية ستظهر أن النسبة ستكون 1 – 10، أي أن الصحافة الإسرائيلية تستخدم الصورة عشرة أضعاف ما تستخدمه الصحافة الفلسطينية وبالتالي فإن قوة وقدرة تحكم إسرائيل بالصورة تفوق الفلسطينيين عشر مرات. وهنا نسأل، ما هي الصور ؟ ومن اين مصادر الصور التي يشاهدها الإسرائيلي ؟ والصحف العبرية مليئة بالألوان، ومجرد مقارنة بسيطة بينها وبين الصحف العربية – الفلسطينية مثلا – سنجد فارقا شاسعا في قوة التأثير على القارئ ، وسنجد ان اللون الاحمر هو اللون الغالب على الصحف العبرية ، ويستخدم اللون الأحمر حتى يساعد في معالجة الشعور، وكذلك الشخص الذي يرتدي اللون الأحمر في أحد الأيام فاعلم أن خلاياه تحتاج لموجة اللون الأحمر حتى تدعم شعوره بالانتماء، فهو يعاني من عدم الانتماء، والأحمر يكون علاج حالته وهذا يفسر سر السجادة الحمراء التي تفرش لأي دبلوماسي يزور بلداً ما غير بلده، فهم يقومون بفرشها حتى يرفعوا من روح الانتماء للبلد التي يزورها . اما اللون المفضل لدى اسرائيل فهو الازرق والازرق حسب ويكيبيديا: يمثل اللون الأزرق لون الذكورة بالنسبة لملابس الأطفال فهو يستخدم للأولاد بعكس الأحمر أو الزهري فهو لون الأنوثة ويستخدم للبنات. ويستخدم اللون الازرق الفيروزي كتعويذة من الحسد. ولا شك ان علماء النفس يعتبرون من يلبس او يفضل اللون الازرق بكثرة يعاني من مشكلة ويبحث عن حقيقة ضائعة او شيء مفقود كما انه لون روحاني لدى البعض الاخر . ونحن نعيش اليوم في عالم تشغله المؤثرات البصرية بكامل تطورها التكنولوجي وابعادها الثلاثة حيث الاشارات الدالّة والتنميط الواعي وهو ما يمكن ان نقول انه الذاكرة البصرية ، واحيانا انت تنسى رقم هاتف ولكنك اذا امسكت بالأرقام وبدأت تنظر اليها تتذكر ذلك الرقم فورا . ان الجماعات اليهودية التي تدعو لرفع الاعلام الزرقاء في القدس ، تعاني من عقدة الفناء وهي بحاجة ان تثبت لنفسها انها موجودة وتواصل البحث عن شيء مفقود منها في المكان الخاطئ . |