وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ماذا يريد الصحفيون الفلسطينيون من نقابتهم؟

نشر بتاريخ: 23/05/2023 ( آخر تحديث: 23/05/2023 الساعة: 10:08 )
ماذا يريد الصحفيون الفلسطينيون من نقابتهم؟

إن الهدف الأساس للنقابات المهنية هو تعريف أعضائها بتفاصيل وآليات عمل القطاع المنتمين له، وتوعيتهم بحقوقهم، والاهتمام الدائم بتلبية مطالبهم والحفاظ عليها. مثل هذه النقابات لها أسسٌ يتوجب أن تقوم عليها وتلتزم بها كشفافية الاقتراع، وشمولية الانتخاب، والعدالة في التعبير عن الرؤى والمواقف، إلى جانب وضوح ونزاهة الأداء، وديمومة الانجاز والعطاء.

إن الطعن في شرعية أية نقابة مهنية لا يُفقدها الإلغاء الكلي؛ بل يمكن لهذه النقابة أو تلك أن "تُرمم" ما فقدته من شرعية الانتخاب عبر العدالة في التعامل والتوازن في الخدمات حتى مع " خصومها" . هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق غايتين: أولهما ترميم " الثغرة الشرعية" التي صاحبت النقابة أثناء الانتخابات، بينما الغاية الثانية؛ فتتمثل في إمكانية تعاطي هؤلاء " الرافضين " مع سياسة وتوجهات هذه النقابة ليكونوا أداة معززة لقوتها راهناً، وضمانة لمضاعفة شرعيتها في أية انتخابات قادمة.

وقبل الخوض في مطالب الصحافيين من نقابتهم، نود التطرق إلى الأهداف التي وضعتها النقابة لتحقيقها، والتي تتمثل في الآتي: (تمكين الصحفيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية من أداء رسالتهم المهنية، صيانة حرية الرأي والتعبير، ضمان الوصول لمصادر المعلومات، كشف الحقائق، العمل على تطوير القوانين الفلسطينية ذات العلاقة بالصحافة والإعلام والحريات العامة، والحد من تأثيراتها السلبية على العمل المهني وحرية الرأي والتعبير، الكشف عن الحقيقة، الالتزام بآداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ورفع مستواها، والحفاظ على مبادئها وتقاليدها، الارتقاء بمستوى المهنة؛ بما يعزز قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، العمل على رفع المستوى المهني للصحفيين، مواكبة التطورات المهنية والتقنية، وأساليب العمل الحديثة والمبتكرة؛ السعي لإيجاد فرص تدريب وتعليم ذات فائدة، مناهضة التطبيع بأشكاله كافة، والعمل على منع تنظيم أية أنشطة تطبيعية في المجال الإعلامي، والحؤول دون مشاركة أعضاء النقابة، أو أي من الصحفيين ووسائل الإعلام، في أنشطة تطبيعية داخل البلاد وخارجها، الدفاع عن الصحفيين ووسائل الإعلام التي تتعرض لانتهاكات وتقييدات تمس الحريات والحقوق المكتسبة؛ ومجابهة الإجراءات التعسفية؛ ومنع أي اضطهاد يمس حرية التعبير عن الرأي؛ وكشف الحقائق، وكل ما يتصل بممارسة المهنة.

وفق هذه الأهداف، سنلخص جملة المطالب التي يسعى، أو يطمح الصحافيون الفلسطينيون أن يتم تحقيقها لهم من قبل النقابة، خاصة في دورتها القادمة، والتي سيتم عقد الانتخابات لمجلسها يوم الثلاثاء الموافق 23 أيار الحالي. وأبرز هذه المطالب، التي تم استمزاجها من قبل العديد من الزملاء، هي التالية:

ضرورة تعبير النقابة عن آمال وهموم أعضائها وقضاياهم وحقوقهم في كثير من المجالات، سيما الخدماتية والحقوقية وحرية الرأي والتعبير.

ضرورة وضع النظام الداخلي وقانون للنقابة، وتنظيم أمر العضوية، علاوة على ترتيب وتنظيم الهيكلية الداخلية.

السعي إلى تطوير وتوسيع وتعزيز واقعها وفعالياتها والبحث عن مصادر تمكنها من الارتقاء والتفاني في خدمة أعضائها، إلى جانب العمل على تحقيق أوسع التفاف حولها من قبل المجموع الكلي للصحفيين، علاوة على احترام واستقلالية وسيادة النقابة في مجال عملها.

ضرورة ووجوب ضمان تقديم النقابة لأعضائها حقوق كالتقاعد، والتأمين الصحي بمميزات تشجيعية عالية، وكذلك مشاريع الإسكان، وعلى صعيد التأمينات (السيارات والممتلكات، والمؤسسات الصحافية...الخ).

ضرورة "الحماية" للصحافيين، بحيث تكون النقابة خط الدفاع الأول عنهم بحال حصل أي انتهاك بحقنا". ويجب أن يكون لها للنقابة، وفق الزملاء، دورٌ فعال في الضغط على السلطات (حماس والسلطة) من خلال تنظيم اعتصامات للضغط من أجل الإفراج عن الصحافيين المعتقلين في الضفة وغزة. كما ويجب أن تهتم بملف الصحافيين المعتقلين عند الاحتلال، وتدويل قضيتهم.

أن يكون للنقابة دور أكثر فعالية وحضوراً في المجتمع الفلسطيني، فالنقابة عليها أن تقوم بنشاطات لمصلحة الصحافيين، سواءً عقد دورات لتطوير قدراتهم، أو عقد مؤتمرات داخل الوطن ودعوة صحافيين من خارج فلسطين إليها، وهذا من شأنه العمل على بناء الصحافي بشكل جيد.

ضرورة وجود نقابة تسعى وتُصر على تطبيق كافة القوانين التي تعزز حق الحصول على المعلومة وتحمي الصحفي وتوفر له الأسس السليمة ليؤدي دوره بكل أمانة وإخلاص، ويكون معول بناء لا معول هدم. والأهم ألا يحوز شرف الانتماء لنقابة الصحفيين إلا من يستحق، وأن يكون الحصول على البطاقة تكليف لكل صحافي وليس تشريف.

ضمان قيام النقابة بحماية الصحافيين أثناء تأديتهم لوظيفتهم وواجبهم المهني وحمايتهم من التعرض للاعتقال والاعتداءات، ومن ثم متابعة أمرهم قانونياً وفضح المعتدين.

ضرورة وضع برامج وخطط لإشراك الخريجين والعاطلين عن العمل ودمجهم في المؤسسات الإعلامية وتعزيز دورهم وتمكينهم مهنياً وتوفير فرص عمل لهم خاصة في ظل الظروف القاسية.

عقد ندوات وورش عمل في كافة المحافظات وبشكل دوري وعدم تهميش أي محافظة بالإضافة إلى ضرورة عقد دورات تنشيطية وتدريبية للصحافيين سواء في الوطن أو خارج الوطن وعدم اقتصارها على فئة معينة، وعقد لقاءات في سياق تعريف الصحافيين بالقوانين الناظمة لمهنتهم وعملهم الصحافي وتعريفهم بجسم النقابة.

عقد توأمة مع نقابات صحافية في بلدان أخرى بهدف التواصل مع صحافيين بالخارج والاستفادة من تجاربهم، علاوة على خلق مبادرات ومسابقات صحافية من أجل تعزيز التفاعل والمشاركة بين مختلف الصحافيين.

ضرورة عقد النقابة مؤتمرات لتسليط الضوء على قضايانا الوطنية بشكل دقيق ونقدي، فضلا عن إيجاد مكان لصالون إعلامي مركزي للنقابة، بالإضافة إلى وجود أفرع له بالمحافظات وذلك لضمان التواصل الدائم مع النقابة.

يرى بعض الزملاء أن الصحافي يحتاج "ظهر" يستندون إليه في جميع النواحي التي تناضل بها الصحافة، فمن الجانب القانوني، يجب أن يكون هناك دائرة للشؤون القانونية تتكفل بالدفاع عن جميع الصحفيين في القضايا المرفوعة ضدهم، لا سيما في التهم ذات الخلفية الصحافية. أم من ناحية الخدمات، فليس من الخطأ أن تكون هناك دائرة تختص بالخدمات العامة، التي تسهل على الصحافيين إصدار الأوراق الرسمية بكافة أشكالها.

الدفاع الفعلي عن حقوق الصحفي، وحريته المنتهكة من السلطة الإسرائيلية، ومن السلطات الحاكمة، وسلطة رأس المال، وتنظيم العمل الصحفي للمؤسسات الصحفية ومراقبته الجيدة لها، ورصد دقته وموضوعيته في طرح الأخبار والتقارير والتحقيقات، وتشكيل لجان لرفع شكاوى الصحفيين إلى المؤسسات والمحاكم العليا، والإشراف على القضايا والشكاوى التي يرفعها الصحفيون عند أي عملية انتهاك.

خلاصة القول: من يعمل يُخطئ، وقد تخطئ النقابة أو تقصر لأسباب موضوعية، وهذا ليس مبرراً للطعن الكلي فيها. المطلوب نقدها بشكلٍ مهني ودقيق بعيداً عن شخصنة القضايا أو تعميم الصغائر. علينا أن نترك الآخرين يعملوا وفق نظام داخلي متفق عليه بدلاً من الذم والتشكيك. علينا إتباع شعار: "كيف تنتقد الآخر فيحترمك؟".

علينا جميعاً أن نرتق بأعظم المهن وأجلها؛ تلك المهنة التي أمامها تحديات جسام، وفي مقدمتها مواجهة الاحتلال بكل ما لديه من آليات إعلامية ضخمة: تزيف الحقيقة، وتُعلي من شأن المصطنع. المطلوب نقابة مهنية وطنية، لا نقابة سياسية ذات توجهات تُهمش أو تُقصي من لا يندرج في إطارها. نتمنى أن تكون انتخابات النقابة القادمة مستندة إلى جمهور صحفي أوسع، وخدمات أكثر اتساعاً وجودة، وفاعلية أكثر عمقاً في مجالات الحريات والخدمات والنشاطات.