بعد سنتين.. إسرائيل فشلت في قمع انتفاضة الضفة وقد تستمر لعشر سنوات
نشر بتاريخ: 10/06/2023 ( آخر تحديث: 13/06/2023 الساعة: 10:41 )
رفع الاحتلال عقيرته كثيرا ، وروّج لعدوان " كاسر الأمواج " رافعا سقفه اكثر من امكانياته . بدأ ضد جنين عند هروب الاسرى الكبير من سجن جلبوع ، ولكن الأيام طوت نحو عامين حتى الان والانتفاضة تنتشر في كل مكان وفي كل مدينة ومخيم وقرية . الشوارع كلها تهتف للانتفاضة وللفدائيين ما يعني فشلا كبيرا في تقديرات الاحتلال الاستخبارية .
كلما قرأت تحليلا عسكريا او امنيا في الصحافة العبرية أعرف اكثر كمية السخافة والوهم .فهم منفصلون عن الواقع ، و يكتبون لأنفسهم ولجمهورهم العبري وليس هناك رقيب او حسيب على كلامهم . يبيعون جمهورهم اليهودي وهما تلو وهم , ويشترون خدعة بعد خدعة . يكتبون لوحدهم ويضعون لأنفسهم أفضل العلامات . ولكن النتائج في واد والاستخبارات الإسرائيلية في واد اّخر تماما .
يراهنون على الخلافات الداخلية الفلسطينية بشكل سينمائي ، وعملوا ويعملون على جعل الصراع الداخلي اهم من الصراع ضد الاحتلال وصرفوا ويصرفون مئات ملايين الدولارات على قنوات تنشر الإحباط وتصنع التفاهة لتأجيج الخلافات وتمكين المتعصبين . هم اوجدوا الذباب الالكتروني وهم وقعوا في مصيدته .ولكن وفي اول مواجهة يرص الفلسطينيون الصفوف في جنازة شهيد وينسون خلافاتهم الجانبية وتظهر شراكة بنادق ميدانية غير متوقعة .
اكثر من نص جيش الاحتلال يعمل في الضفة الغربية ومعه سلاح الطيران والكوماندوس والمستعربين والعملاء وبرامج التجسس بيغاسوس والذئب الأزرق والاف من طائرات " درون " دون جدوى . بحيث وبعد سنتين لا يزال مقاتل واحد ببندقية مصنعة ينجح في قلب الطاولة رأسا على عقب .
لم يتعلم المستوطنون اليهود من الانتفاضات السابقة ، ولا يريدون أن يفهموا بسرعة ان معالجة الانتفاضة تتم من خلال حل سياسي وليس من خلال العقوبات الجماعية ونظام الابارتهايد العنصري وهدم المنازل وقتل الأطفال .
راهن الاحتلال على التطبيع العربي ، وعلى انقلاب السلطة ضد الانتفاضة ، وعلى تمسك حماس بالسلطة على حساب المقاومة ، وعلى فقر لبنان ، وراهن على ضعف سوريا وابتعاد العراق . لكن الظروف العربية والإقليمية والدولية تقول عكس ذلك .
استمر الربيع العربي الأمريكي عشر سنوات من الذبح والتطرف والعملاء والتفجيرات و المخابرات الغربية التي تنهب كنوز الأنظمة الخائفة . ثم فشل وارتد الربيع على أوروبا التي تعيش الان على حافة حرب عالمية ثالثة .
وهذه الانتفاضة قد تستمر لعشر سنوات قبل البحث عن حل سياسي . ولكن خلال هذه السنوات لن تسلم الجبهة الداخلية الإسرائيلية من تبعات الامر ، كما لم تسلم أوروبا من نتيجة افعالها في العراق وسوريا وليبيا .
فلسطين قضية أجيال . وبالتالي لم يعد الفلسطينيون يشغلون بالهم بمن يأتي بعد محمود عباس ولا يرهنون مستقبلهم ومستقبل أولادهم بأي قائد . ولا يصرفون وقتا في معرفة اذا فاز المتطرفون اليهود في انتخابات كنيست او ظل نتانياهو او رحل .
إسرائيل مجرد زمان وهي ملف جيل استعماري محدد مرهون بدعم الغرب . اما فلسطين فهي مكان . هي قضية أجيال وتراكم نضالات . ولذلك لا يشعرن احد منا يوما بانه خسر المعركة بعد عشرات السنوات من الصمود والنضال . بل كل واحد منا يقول لنفسه : نحن ننتصر وهذا هو الجيل القادم يستلم الراية ويواصل حتى تحرير الأرض والانسان