|
تفاهمات على الطريق بين واشنطن وطهران
نشر بتاريخ: 22/06/2023 ( آخر تحديث: 22/06/2023 الساعة: 10:49 )
أكّدت مصادر كثيرة، خلال الأيام الأخيرة، قرب التوصّل إلى إطار تفاهم بين الولايات المتحدة وإيران، يشمل عددا من القضايا العالقة بين البلدين. ويجري الحديث عن تفاهمات، وليس عن إعادة إحياء الاتفاق النووي، الذي وقّع عام 2015، ولا عن اتفاق رسمي جديد. ووصف مسؤولون أمريكيون هذه الأخبار بأنّها غير دقيقة، ولكنّهم لم ينفوا أنّ هناك اتصالات حثيثة تهدف إلى التوصّل إلى «اتفاق صغير» أو ما يسمّى «لا اتفاق». أمّا في إسرائيل فقد تم تأكيد صحة ما يُنشر عن توافق أمريكي-إيراني غير رسمي، وشارك في التأكيد مسؤولون سياسيون وأمنيون ومختصون وصحافيون ولم يفصح أحد بالتشكيك في صحة الأنباء الواردة عن الموضوع. تفاصيل غير رسمية يستدل مما جرى تداوله في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية وكذلك الإيرانية بشكل غير مباشر، أنّ الحديث يجري عن تفاهمات بين الإدارة الأمريكية والقيادة الإيرانية حول نقاط محدّدة، وذلك بهدف نزع فتيل التصعيد، ومنع التدهور وخروج الأمور عن السيطرة، والتوصل إلى نوع من التهدئة. وتتلخّص التزامات إيران، التي طرحت على جدول الأعمال في الاتصالات المباشرة وغير المباشرة، بما يلي: الموقف الأمريكي يبدو أن الإدارة الأمريكية هي التي تريد أن يبقى ما يجري الاتفاق عليه بين الطرفين تفاهمات غير رسمية وليس اتفاقا أو معاهدة تجري المصادقة عليها رسميا. والسبب هو أن تجنيد أغلبية في الكونغرس لدعم اتفاقية رسمية مع إيران غير مضمون بالمرّة، بسبب معارضة الجمهوريين، وبسبب الموقف المناوئ لإيران في صفوف الكثير من النواب الأمريكيين، تبعا لتورّطها في دعم ومساندة روسيا في حربها في أوكرانيا. وعليه فإن الحديث يجري عن وفاق على «لا اتفاق»، لأن هناك خلافا بين الإدارة والكونغرس، بغض النظر عن إمكانية أو عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران. الإدارة الديمقراطية تريد أن ترتاح من «الهم» الإيراني، خلال سنة الانتخابات، وتجميد المشروع النووي وعدم الانتقال إلى مرحلة أكثر توتّرا، هو مكسب لبايدن، الذي أصدر تعليماته بالسعي الحثيث للتوصّل إلى تفاهمات مع إيران. الولايات المتحدة تخشى أيضا، أن تقوم روسيا في خضم الحرب الأوكرانية بتبنّي الملف الإيراني، وتقوم بوضع شروطها وتوظّف الملف النووي الإيراني لصالحها، وهي تأمل كذلك بأن تؤدّي التفاهمات إلى دق الأسافين بين روسيا وإيران. شرط الصواريخ الغريب من الغريب فعلا، أن تشترط الولايات المتحدة على إيران عدم «تزويد» روسيا بالصواريخ البالستية، وروسيا أكثر من يمتلك مثل هذه الصواريخ في العالم، فهل حقّا تخشى أمريكا أن تؤثّر صواريخ إيران في مجريات حرب أوكرانيا؟ الجواب هو أن هذا هو شرط أوروبي أكثر منه أمريكيا، وهو يعكس خوفا من أن تستغل إيران الحرب في أوكرانيا لإجراء تجارب على صواريخ، يصل مداها إلى أوروبا، في معارك عسكرية حقيقية. وعليه لا تريد أوروبا والولايات المتحدة أن تقوم إيران بفحص عملي لمدى دقة هذه الصواريخ وقوّتها التفجيرية، وكذلك قدرة الدفاعات الجوية مثل منظومة «باتريوت» على إسقاطها. لقد اقتنع عدد من الأطراف في أوروبا، بأن هناك خطرا فعليا من تطوير صواريخ إيرانية يصل مداها إلى دول أوروبية، وهي تريد أن تمنع قدر المستطاع قيام إيران بتدقيقها وتحسين أدائها وتطويرها لتكون جاهزة لحمل رؤوس نووية. هذا الاقتناع الأوروبي هو صناعة إسرائيلية وهو جزء من حملة الدولة الصهيونية المستمرة ضد إيران، ولكن لا يبدو منطقيا أن الدولة الإيرانية تهدد أي دولة أوروبية، وهي لم تفعل ذلك منذ 2472 عاما، حين انتهت حرب فارس واليونان بعقد الصلح في شوش بين كالياس اليوناني وارتحششتا الفارسي عام 449 قبل الميلاد، وبموجبه تعهّدت الإمبراطورية الفارسية بعدم الاقتراب من بحر وبر أوروبا، وبقيت وفية لعهدها إلى يومنا هذا، وما من سبب لكي تغيّر إيران التزامها «التاريخي»، إلّا دفاعا عن نفسها، إن هي تعرّضت لعدوان أوروبي مباشر. |