وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عودة الاغتيالات وهجمات المستوطنين

نشر بتاريخ: 23/06/2023 ( آخر تحديث: 23/06/2023 الساعة: 14:59 )
عودة الاغتيالات وهجمات المستوطنين

فصل الاغتيالات عبر الطائرات الحربية والمسيَّرة يتجدد، وعلى ما يبدو أن حكومة الاحتلال أخذت قرارها، وأن ما كان تهديدًا في الأيام والأسابيع الماضية لم يكن مجرد كلام، بل سياسة وعنوانًا للمرحلة، وقد بدأت تنفيذها على النحو الذي كان عليه في سنوات الانتفاضة الثانية وعمليات السور الواقي العسكرية، كما وأنها مثلما أطلقت يد المستوطنين لبث الخراب، أعطت أوامرها لعودة الاغتيالات عبر الطائرات، وكأن دورة التاريخ في بلادنا تدور كل شهر مرة، أو حتى كل يوم أكثر من مرة.. وليس كل عام أو عقد أو قرن، كما في البلاد الأخرى، أو هكذا يزعم البعض في الغالب، فما أشبه البارحة باليوم، وهذا ليس الاستثناء الوحيد ولا يعني بالضرورة أن دورة الأيام مثلًا بصورتها الماضية، ستبقى هي الحقيقة المجردة الوحيدة، بيد أن ما نلحظه يعيد المشاهد الدموية ذاتها والتي ما غابت صورتها عن مخيلة كل واحد فينا، خاصة ونحن نسمع طقس الوعيد والتهديد والترهيب، ونرى حرب الإبادة ونشهد الصواريخ التي تحرق الأجساد من خلال الطائرات، والقناصة والقوات الخاصة والجند المثقلين بالعتاد والأحقاد...

عادوا يا جنين بطائرات حقدهم، ودبابات جندهم، وبنادق غدرهم، عادوا بطقس الإرهاب الدموي، وليس هناك من فرق بين الطائرة التي قصفت جنين في العام ٢٠٠٢ وبين الطائرة التي قصفت جنين هذا المساء، وهي ذاتها الطائرة التي قصفت خانيونس وحي الرمال والبريج في غزة، كما قصفت بنت جبيل وعيتا الشعب وكفر شوبا وشبعا وغيرها في الجنوب اللبناني، كذلك الحال حين تقصف على طول الشريط الحدودي السوري المحتل.

عادوا بطائراتهم التي تقذف النار، مثل حمم بركان، لأنهم وجدوا في الأرض ما أوجعهم، ولأنهم عجزوا عن مواجهة المعجزة التي اسمها "جنين".

وأمام ما يحدث فإن الخروج بعملية عسكرية واسعة، من قبل الاحتلال بات أمراً قريبًا، ولم يعد ينظر إليه من باب التهديد والمزايدة الحزبية الداخلية للكيان، وهذا يعني أن المزيد من المواجهات ستحدث، إلى جانب هجمات المستوطنين التي تستهدف القرى المحاذية للمستوطنات ويحرقون ممتلكات المواطنين الآمنين في بيوتهم، وما حدث في بلدة ترمسعيا ليس الوحيد بل واحدًا من تلك الهجمات التي حدثت تحت أعين وحماية مباشرة من جنود الاحتلال. وهذا يعني أننا أمام فصل قديم جديد، ستسعى من خلاله حكومة اليمين العنصرية برئاسة نتنياهو إلى الظهور بصورة المنتصر، مستخدمة أدواتها الحديثة في القتل وأساليبها القديمة في الاغتيالات والعمليات العسكرية الواسعة التي تسعى من خلالها لإظهار القوة واستعراض أسلحتها المتطورة.

هجمات المستوطنين خطيرة جدًا، خاصة وأنهم يمتلكون السلاح كما يمتلكون حماية مباشرة من جنود الاحتلال، بينما شعبنا في مدنه وقراه أعزل، ولا يملك أدوات الدفاع عن النفس، وليس بمقدوره صد تلك الهجمات العنصرية الشرسة والتي يستخدم فيها المستوطنين السلاح الأوتوماتيكي والقنابل الحارقة، وأمام هذا فشعبنا لا يمتلك إلا الصبر والعزيمة وقوة الحق وارتباطه بأرضه، ولكن هذا ليس كافيًا في مواجهة حالة الغطرسة الاستيطانية الاحتلالية، فالمطلوب العمل على توفير حماية شعبية، في ظل ما يحدث وهذا دور يقع على عاتق التنظيمات والفصائل والعشائر، والبلديات والمجالس المحلية والمؤسسات، حتى تكف يد المستوطنين عن جرائمها وممارساتها المتطرفة.