|
بيكا الفلسطينية في مصافِ نظيراتها جنباً إلى جنب
نشر بتاريخ: 08/07/2023 ( آخر تحديث: 08/07/2023 الساعة: 19:17 )
مُنذ بزوغِ فجرِ نشأتها وفقاً للمرسوم الرئاسي الحامل للرقم (9) لسنة 2016 ميلادية، والذي كان بُعيدَ حصول دولة فلسطين على صفة "دولة مُراقب" غير عضو في الأمم المتحدة، والصادر بقرارٍ من الجمعية العامة فيها، والوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي المعروفة بالاختصار – (PICA) “Palestinian International Cooperation Agency”، تحمل في جُعبة أهدافها رسالةِ وطنية وإنسانية للعالم أجمع، بشخصيتها الاعتبارية وصفتها الدولية المُستمدةِ من تبعيتها الدُبلوماسية لوزارة الخارجية الفلسطينية، وبهويةٍ فلسطينيةٍ وجواز سفر صدرْنَّ من رحم المُعاناة، لتبرز إسهاماتها كجهة رسمية تُمثل الدولة الفلسطينية القادرة على تعزيز دورها الفلسطيني العالمي المرموق، والمشهود له "حضارياً وإنسانياً" على مر العُصور. بيكا تحملُ إلى العالم "رسالة سامية" ذات مضامين قِيمِّية نبيلة تُعبر فيها عن ثالوثٍ من المُرتكزاتِ الهادفة، والتي رسمتها لنفسها بين نظيراتها من الوكالات الدولية مُشابهة الغاية والهدف، بحيث ترعاها وتسعى جاهدة لتحقيقها وهي: أولاً: الإنسانة ومشاعرها، ثانياً: التنمية وأهدافها، ثالثاً: الإبداع الفلسطيني. أما الانسانيةُ: فهي ذلك الشُعور العاطفي المُتبادل بين البشرية جمعاء، بحيث اتخذت منها الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي رُوحاً لها ومهداً لقيّمِها، شعور يتبادله قاطني هذا الكوكب بقلوبهم ومشاعرهم على اختلاف ألسنتهم، وأجناسهم، وألوانهم، وأعراقهم، ومُعتقداتهم، وأماكن تواجدهم، وما اعتادتوا عليه وتكيفوا، لأنها بمثابة "الفطرة الانسانية" السويّة والسليمة، حيثُ قال المهاتما غاندي يوماً واصفاً اياها " يُصبح الإنسان عظيماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان"، فالقيم الانسانية السامية (كالعدل، والمساواة، واحترام الآخر، وتقبل الاختلاف .. إلخ)، هي بمثابه الرابط بلا روابط، والاحساس بلا حواس، والألم بلا مرض، حينما تتجلى الانسانية في أبها صُورها وعلى فطرتها الأولى التي جُبلت عليها كُل البشرية. وأما التنميةُ: فقد اتخذت الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي من "الأهداف التنموية العالمية" SDGs- 17، والتي تستندُ في ثنايا نشاطاتها ومهامها إلى المرامي الإنمائية للألفية الثالثة، والتي أقرتها الأمم المُتحدة، آخذة بعين الاعتبار كممثلة عن الحُكومة الفلسطينية تلك المرامي كأهداف خاصة تُعبر عن "صورة الانسان الفلسطيني البناء"، وتُمثل جسراً للتعاون الإنساني الذي يُعبر في اتصاله عن حاجاتٍ وآمالٍ وطموحاتٍ إنسانيةٍ يرنو إليها العالم أجمع، تُساهم في صناعتها "الخبرات الفلسطينية" المُتميزة في مجالات عدة، جنباً الى جنب مع المُجتمع الدولي، في مُحاربته لمجموعة من الظواهر، والتي أصبحت ألماً يؤرق العالم اليوم (كالفقر، والتهميش، والبطالة، والأمراض المُستشرية)، في صراع الإنسان من أجل البقاء والعيش بكرامة. وأما الابداع الفلسطيني: ذلك الابداع الكامن المُتفجر؛ والبصمة المحبورة بعبق "الأرض المُحتلة"، والمصقولة بمهاراتٍ استثنائيةٍ في مجالات حياتية شتى، جعلت من "الانسان الفلسطيني" عُنواناً للتميز في (التعليم، والادارة، والاستثمار، والعلوم النظرية والتطبيقية، والطب، والفن ..)، فالعائلات والجاليات الفلسطينية اليوم تُمثل بُقعة ضوء ساطعة على منصة التميز في العديد من الدول الاقليمية والدولية، فهنالك ساسة من أصول فلسطينية وبرلمانيين، وهُنالك اقتصاديين ورجال مال وأعمال، وهُنالك عائلات فنية توارثت الفن الأصيل الإبن عن الأب والجد. من الواضح والجلي بأن "الوكالة الفلسطينية" قد نالت ثقةَ واعجابِ المُجتمع الدولي ومؤسساته في مهامها العالمية المُتعددة، رُغم حداثة سنها وعهدها في هذا المجال، فعلى الصعيد الانساني كان زلزال تُركيا والشمال السوري بمثابةِ الشاهدِ على فصلٍ من فصول الغوث والعون الانساني بايدٍ فلسطينية، من خلال بعثة الوكالة إلى المناطق المنكوبة تلك بفعل الزلزال المدمر، عبر طاقم البحث والانقاظ الفلسطيني المُتخصص، الذي شارك العالم أجمع هذه الفاجعة الانسانية، وقد تم تكريم الطاقم من قبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والوفد الفني والدوبلوماسي المُرافق له وعلى رأسهم الأخ السفير عماد الزهري – مدير الوكالة، حيث كان تكريماً يليق بأشاوس هذا العمل الانساني. ومن نشاطات الوكالة اللافتة هذا العام أيضاً على الصعيد التنموي، اختتامها لسلسة برامج تنموية في دول الكاريبي، اضافة إلى مدِ جُسور العمل الصحي الانساني، وتبادل الخبرات على أيدي أطباء فلسطينيين خُبراء في هذا المجال، وتمثل ذلك في المُهمة الانسانية مُتعددة الأغراض والمراحل التي حدثت في دولة ساينت فنسنت والغرينادين في سلسلة جُزر الأنتيل الصُغرى، وذلك ضمن مُهمة بيكا الطبية الثالثة في هذا البلد الصديق، كذلك مُهمة دولة غينيا في نفس المجال، حيثُ تمثلت بزراعة "قرنيات" لأول مرة في تاريخ جُمهورية غينيا، ووفدها الطبي الآخر في جمهورية لبنان الشقيقة في مُهمة مُستشفى الهمشري الطبية. ولم تقف "الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي" عند هذه الانجازات النوعية، بل ساهمت أيضاً في التحضير، والاعداد، والتنفيذ لبرنامج تدريبي نوعي في مجال الاعلام والصحافة في جمهورية زمبابوي، بالتعاون مع الاعلام الوطني والرسمي الفلسطيني - تلفزيون فلسطين، والخبراء الزملاء المُدير العام الأستاذ حسن أبو الرب، والأستاذ نهرو جمهور. في الختام، حقيقة إن "الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي – بيكا" هي باختصار محطُ فخرٍ واعتزاز لنا جميعاً كفلسطينيين على المستوى الرسمي والشعبي، وخاصة نحن جُمهور الكُتاب، وأنا شخصياً من المُتابعين باستمرار وبشكل شبه يومي لنشاط الوكالة خارج الوطن، كوني كاتب ومُختص في مجال التنمية المستدامة، فقد عهدتُ على نفسي المُضي قُدماً في مُساندتها ودعم جُهودها ومراميها الانسانية الخلاقة، فهي رسالة الانسان الفلسطيني المُبدع إلى اقرانه في الانسانية، كما أنها رُغم تواضع الامكانيات مؤسسة وطنية "تصنع من الموجود ما هو مفقود" بعقولٍ فلسطينية فذة، وتُثبت للعالم أجمع “بأن ما على هذه الأرض يستحقُ الحياة” كما قال دروش ذات يوم في مقولته الخالدة هذه. |