وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل نريد مطار وميناء؟

نشر بتاريخ: 02/08/2023 ( آخر تحديث: 02/08/2023 الساعة: 17:20 )
هل نريد مطار وميناء؟


ننظر بعين الحسرة على حالنا ونحن نرى الى جانبنا كيف تنجح الشقيقة مصر في تطوير ميناء العريش وتسعى لتطوير مطار العريش ونتمنى لمصر التقدم والازدهار .
عندما حاول الزعيم الراحل أبوعمار ان يتقدم بشعبنا الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال واقام مطار غزة الدولي والذي افتتحه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ، وبدأ مشروع إقامة ميناء غزة والذي افتتحه الرئيس الفرنسي جاك شيراك ، وسعى لإقامة مطار في الضفة الغربية ، واقام شرطة جوية وطيران رئاسي ، وقوة أمن بحرية ، وممر آمن يربط بين الضفة وغزة ، هاجت وماجت الكثير من الناس وهي تكيل الشتائم والتخوين لاتفاق أوسلو الذي رسخ الهوية الفلسطينية وأسس قواعد الدولة التي ترتقي بالشعب الفلسطيني وتحفظ حقوقه .
إلى يومنا هذا لا يوجد بجعبة الكثير من السياسيين الفلسطينيين ومنهم اعضاء في المجلس المركزي لمنظمة التحرير ما يستعرضون عضلاتهم به غير كيل الشتائم لأوسلو والمطالبة بإلغائها بشكل متزامن مع اليمين الاسرائيلي الذي تعهد بتدمير أوسلو ولا يزال يدعو لإلغائها ليشطب ما تبقى لنا من رموز السيادة التي انتزعناها بفضل أوسلو .
اليوم بفضل مشروع زعيمنا الراحل ابوعمار السياسي القائم على جبال من النضال والتضحيات ، نمتلك كشعب فلسطيني كل رموز الدولة التي تسهل علينا حياتنا وتحفظ الى حد ما كرامتنا وتجعل منا شعب له وثائقه الثبوتية ، وكود اتصالات ، ورمز بريدي ، وكود حوالات مالية ، وشهادات علمية يمكن تصديقها ، ووثائق ميلاد وزواج وملكية ، ورخصة سياقة ، وبيع وشراء وتصدير واستيراد باسم دولة فلسطين ... ، اليوم عندما اُحمل تطبيق على هاتفي استطيع ان اختار بلدي فلسطين وأضع الكود الدولي لها ، ما اطرحه من أمثلة بنظر أي شعب من شعوب الأرض هو بديهي من بديهيات الحياة ، ولكننا كشعب فلسطيني عشنا عشرات السنين بلا هوية هو تقدم وانجاز في ظل مواجهة وتحدي الظلم والعدوان الامبريالي الدولي الذي قرر شطب فلسطين من الخريطة الدولية واستبدالها بالكيان الاسرائيلي الغاصب ، وظن اننا أضعف بكثير من ان نتمكن من النجاة وتحدي تلك الارادة الدولية الغاشمة للدول الامبريالية الكبرى .
اليوم اليمين المتطرف الاسرائيلي يعلنها بكل وضوح وصراحة بانه يسعى ويهدف لإزالة كل رموز الكيانية الفلسطينية التي اوجدها اتفاق اوسلو المكروه لديهم ، والذي اعدموا صانعه زعيمهم رابين من أجله ، ويفتخرون اليوم بانهم من سعى وحرض على اعدامه بنص الشارع ، اليوم برنامجهم يقوم على تحويل الشعب الفلسطيني الى جماعات بلا هوية وطنية ترتبط بمصر والأردن في تسيير شؤون حياتها اليومية ، وممنوع ان يحلم الفلسطيني بان يكون له مطار او ميناء او حتى علم وهوية ، انما عليه ان يتسول السفر والتجارة من خلال موانئ ومطارات الاشقاء مصر والاردن ولا مانع من مطار رامون البعيد والمُهمل في دولة الاحتلال .
المصيبة بان الاحتلال قد نجح في تدمير منجزات أوسلو وجعلنا نصفق ونعلن الانتصارات بذلك ، ولليوم لا يخجل الكثير من السياسيين في شتم أوسلو والدعوة لإلغائها ، ولن يهنأ لهم بال حتى نعود صفر كبير بلا هوية ولا عنوان ولا رموز وطنية ، فقط جماعات متسولة أقصى امانيها زيادة تصاريح العمل لدى دولة الاحتلال ، ولا يجوز ان يكون منا من يقوم بإدارة موانئ ومطارات وقيادة طائرات ، نحن فقط عمال وعمال مع احترامي وتقديري لكفاح العمال في توفير لقمة العيش والتعليم والصمود والارتقاء لابنائهم ، ولكنهم يكافحون كي يروا ابنائهم طيارين وقباطنة ومدراء وتجار كبار ، لا كي يروهم عمال مثلهم .
من واجبنا الآن ان نعود للغة الحكمة والعقل ونحدد ماذا نريد والى ماذا نسعى ؟
هل نسعى الى رفع شعار تحرير فلسطين من النهر الى البحر ونستنزف مواردنا ومجهودنا وعمرنا وسلامتنا وفرص بقائنا وعلاقاتنا الدولية من أجل "التجهيز والاعداد" ليوم التحرير، ثم وبنفس الوقت ومن خلال نفس أصحاب شعار التحرير نقدم للاحتلال طلبات لتصاريح العمل في بناء مستوطناته !
ام نسعى بالعمل السياسي والضغط الشعبي والدولي لنحصل على ما قد أجمع العالم على انه الحل ويدعمنا من اجله وهو العمل من اجل اقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة على حدود السبعة وستين مع حل عادل لقضية اللاجئين ؟
اذا كان خيارنا هو الأول فلن نكون أكثر من عمال ينجبون عمال ويختارون عمال ليحكموهم ويضبطوهم ، اما الاعداد والتجهيز والملثمين والمسلحين فمهمتهم الرئيسية هي ضبط النظام في مخيمات وكانتونات مساكن العمال وتنظيم خروج وعودة العمال الى مساكنهم ، مع جاهزيتهم للمشاركة في أي مناوشة حربية ليس لها علاقه لا بالتحرير ولا بالاستقلال ، فقط يحتاج لها الاحتلال كي يعزز مكانة جيشه ويحسن من تطوير وتجارة سلاحه ويوحد شارعه خلف يمينه المتطرف .
اما اذا كان خيارنا هو الثاني ، فلن ينجح بدون ان نمتلك نظام سياسي واحد وموحد يقود بشكل فعال الشعب الفلسطيني ويسير فيه بقرار واحد وبأدوات مدروسة ومحددة تجاه أهداف سياسية قابلة للتحقيق تؤدي الى الحرية والاستقلال والعودة .