المرصد: "مشروع صوامع القمح في فلسطين.. الخشية من الاحتكار
نشر بتاريخ: 05/08/2023 ( آخر تحديث: 05/08/2023 الساعة: 14:04 )
رام الله - معا-أصدر مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) ورقة موقف بعنوان "مشروع صوامع القمح في فلسطين.. الخشية من الاحتكار الذي سيؤدي إلى رفع الأسعار"، تهدف الورقة إلى تسليط الضوء على مشروع صوامع القمح وحيثياته وتفاصيل تنفيذه، حيث كان المشروع على طاولة الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من عشرين عاماً، لكن ازداد الاهتمام به مؤخراً نتيجة أزمة كوفيد 19،والنزاع الروسي الأوكراني وأثرها على أسعار القمح، فأخذ منحى أكثر جدية.
تصنّف بعض المشاريع من قبل الدول على أنها استراتيجية ذات أهداف سيادية، يتولى إنشاؤها وإدارتها والسيطرة عليها القطاع العام، نظراً لأهميتها، وهي الغالب ذات أبعاد تتعلق بالصحة والتعليم والأمن والغذاء. في هذا السياق، من البديهي أن تكون سلعة مثل القمح ضمن أعلى سلم أولويات الحكومات الفلسطينية، فهي ذات تأثيرات مباشرة وغير مباشرة، نظرا لتعدد وتشعب استخدامات القمح. فحسب الاحصائيات المتوفرة يبلغ متوسط استهلاك الفلسطينيين من القمح سنويا ما بين 400 - 450 ألف طن، بعجز سنوي يقدر بحوالي 90%. وعليه كان إنشاء صوامع القمح في غاية الأهمية، ولا يقل عنها أهمية مرجعية وملكية وآلية إدارتها، بما يضمن تحقيق الأهداف التي تسعى لها.
وحسب التصريحات الرسمية، إن مشروع الصوامع سيشكل القطاع الخاص الفلسطيني الركن الأساسي في تنفيذه، من حيث التصميم والبناء والتمويل والإدارة، وسيتم تنفيذ المشروع خلال 24 شهراً، بطاقة تخزينية قدرها 80 ألف طن، مناصفة في رام الله والخليل، تكفي السوق المحلية لمدة 3 أشهر، وترتفع إلى 6 أشهر مع احتساب المخزون لدى التجار.
بالتالي، إن الملكية الخاصة للمشروع، تعني أنه متجه نحو منحى استثماري بمفهوم القطاع الخاص، والذي عادة ما يسعى إلى تعظيم أرباحه، وهذا منطقه وهدفه من وراء أي استثمار محلي أو خارجي بالمفهوم الاقتصادي للاستثمار. وضمن سعي الحكومة الفلسطينية للاستفادة من التجربة الأردنية، فلسان حالنا يقول بتطبيق عكس ما درسنا، فصوامع الحبوب في الأردن ملكية عامة، وتدار بمنطق الملكية العامة لسلع استراتيجية، توسعت وتشعب نشاطها في تكامل مع نظام التخزين للحبوب، بتناغم منطقي مع الهدف منها، من حيث السيطرة العامة على سلعة استراتيجية، وعدم وضعها في بوتقة الاحتكار.
بيد أن التهرب الحكومي الرسمي والتستر وراء القطاع الخاص في مواضيع استراتيجية وحيوية، تحت ذريعة عدم توفر الإمكانيات المادية، لا يؤسس لمستقبل أفضل بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويؤول إلى تفرد وهيمنة أصحاب النفوذ الاقتصادي وتحكمهم في قوت العباد، ويعمق فجوة اللامساواة في توزيع الدخل، وينسحب في التأثير على القرار السيادي من خلال تشكيل مجموعات ضغط على الشعب وعلى القطاع الرسمي في نفس الوقت. كما أن وجود صغار المستثمرين لتسيير نشاط اقتصادي، يعتبر خيارا أفضل ضمن منظومة اقتصاد رأسمالي، من وجود نظام احتكار تام أو احتكار قلة تتفرد فيه بعض منشآت القطاع الخاص، ولا نقصد من هذا التحليل التقليل من أهمية واستراتيجية المشروع، إنما الإشكالية تكمن فيما يؤول إليه، بحيث يبتعد عن تحقيق الهدف المنشود.
كذلك إن الاستراتيجية على المدى البعيد يجب أن تتمثل في تحقيق السيادة على الغذاء، من خلال تعزيز عملية إنتاجه، وتوسيعها لتغطي نسبة أكبر من الاحتياجات المحلية، وهي في الواقع الفلسطيني أكثر الحاحا في القطاع الزراعي كونها لحماية المشروع الوطني، من خلال توسيع رقعة الأرض التي يتم استغالها، وقطع الطريق على المشروع الصهيوني.
بالتالي، كان الأجدر أن تكون شركة صوامع القمح شركة عامة يمتلكها ويديرها ويسيطر عليها القطاع العام، لأهميتها من الناحية الاستراتيجية لسلعة تتعلق بالتأثير اليومي المعيشي للسكان، ومن الناحية التسويقية التي لا يجب أن تستند إلى مفهوم تعظيم الأرباح ضمن مشروع استثماري، وبالبعد الوطني يتم تجييرها وتوجيهها لعملية الانفكاك عن اقتصاد الاحتلال، حسب تصريحات المستوى الرسمي الفلسطيني بمشاربه المختلفة.