|
شكراً ليبيا!
نشر بتاريخ: 30/08/2023 ( آخر تحديث: 30/08/2023 الساعة: 14:14 )
في الوقت الذي أعتقد فيه البعض أن عجلة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني قد دارت، وأن الناس تغاضت عن هذا الإثم وأوشكت على تقبله، وفي الوقت الذي تسلح البعض بدعم العم سام وتبريكات شلومو، ظهرت ليبيا والليبيون ليهزوا سفينة العرب الذاهبة نحو الكارثة، وعروش العرب المتباهين بتطبيعهم، لتعيد إلى الأذهان ما تسلحت به فلسطين طيلة حياتها، ألا وهو لهفة العربي وأنفته وحميته وغيرته والتفافه حول القدس والهوية. ليبيا المجروحة المكلومة المنكوبة، نفضت غبار وجعها ونهضت من ركام الشرذمة والتمزق، لتقول (لا) لشلومو، ولا للتطبيع، ولا للانجرار وراء أولئك الذين غرر بهم وأوهمهم البعض بالدعم والحماية. نهضت ليبيا لتذكّر كل حر شريف بأن دماء الفلسطينيين ليست رخيصة، وأن وجع السنين وجروح الزمان وأنين الخريف العربي لم تنسِ أبناء جلدتنا واجبهم تجاه القدس والأقصى وكنيسة القيام.. نهضت ليبيا في اليوم الذي صعد الإرهابي بن غفير إلى ظهر جرافة هدامة ليتغنى ويتباهى بهدم البيوت العربية، بل يجعل من ذلك حجة للسخرية والتندر.. نهضت ليبيا أيضاً في اليوم الذي اختار فيه وزير الإسكان الصهيوني أن يقتحم الحرم الإبراهيمي الشريف ليدوس كرامة النائمين المنبطحين وليدنس تاريخ أطهر معالم المسلمين والفلسطينيين. ليبيا والليبيون والليبيات كانوا وما زالوا وسيبقون على العهد، تماماً كما الشرفاء من أبناء وبنات الأمة العربية، الذين تسلحوا بحناجرهم في مقابل من تسلح بقنابله ليقتل فلسطين، البشر والشجر والحجر. ليبيا الأصيلة بشيبها وشبابها إنما تستحق منّا الثناء والحبور، بعدما نام العرب على المستوى الرسمي، وبقي الشعب. والشارع، مستفيقين متوثبين، ممتشقين سيف الحق ورافعين علم فلسطين الجامع للكل العربي في كل محفل وعلى كل جبين. شكراً ليبيا التي فضحت ما توارى في الخفاء فاحتج بسببها البيت الأبيض على إسرائيل لحماقة ما يسمى بوزير خارجيتها الذي لهث وراء سبق صحافي، فوقع ضحية حماقته فكشف المستور وعطّل الجهد الماراثوني للإدارة الأمريكية التي ترى التطبيع أهم من حل الصراع وحقوق الشعب العربي الفلسطيني. شكراً ليبيا لأنك ملئتِ الدنيا وشغلتِ الناس، أصالة وشرفاً وعزة وكرامة ودققتِ ناقوس الخطر أمام من تسول له نفسه بالانزلاق وراء أكذوبة اتفاقات إبراهام التي اخترعها ترامب ويتراكض وراءها بايدن اليوم ساعياً لتجسيدها علها توفر له طوق النجاة وجسر السلامة للعبور نحو الفوز في الانتخابات الأمريكية المقبلة، مهما كان الثمن. الانتصار لفلسطين وردّ حقوقها وإنصاف أهلها بالعدل هو الذي سيكون عنوان الأمن والأمان. وهنا أذكّر بمبادرة السلام العربية، التي ذكرت مفهوم التطبيع، والتي أوردها هنا رغم تحفظ الكثيرين عليها، أفعل ذلك بسبب كون البعض قد نسيها وذهب لتنفيذ بندها الثاني ونسيان البند الأول، بل إلقائه في سلة المهملات. ليبيا الأصيلة الفيحاء أبت إلا أن تدق ناقوس الخطر، فهل تكون الشرارة نحو وقف التطبيع بكامله، أم أن إدارة الظهر والهرولة نحو الانبطاح ستبقى سيدة الموقف؟ ننتظر ونرى!
|