وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مختصون يدعون إلى ضرورة تجسيد مفهوم السلم الأهلي داخل المجتمع الفلسطيني

نشر بتاريخ: 13/09/2023 ( آخر تحديث: 13/09/2023 الساعة: 11:25 )
مختصون يدعون إلى ضرورة تجسيد مفهوم السلم الأهلي داخل المجتمع الفلسطيني

غزة- معا- أكد مشاركون بلقاء للهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، على ضرورة العمل بشكل جماعي من خلال المؤسسات والهيئات والجمعيات الشبابية والأهلية لتجسيد مفهوم السلم الأهلي داخل المجتمع الفلسطيني، ونشر ثقافة المحبة والتسامح وتعزيز مفهوم الشراكة المبني على احترام الآخرين والعمل على تعزيز دور المؤسسات الشبابية والثقافية في تجسيد مفهوم السلم الأهلي داخل المجتمع.

وتطرق المشاركون إلى أهمية تشكيل حركات اجتماعية شبابية للتصدي لكل المحاولات التي تحاول شق الصف الوطني الفلسطيني والنسيج الاجتماعي وتجسيد ثقافة العنف داخل المجتمع، مؤكدين على ضرورة عقد المزيد من اللقاءات الندوات وورش العمل الدورية للشباب من أجل تعزيز مفهوم السلم الأهلي والتسامح داخل المجتمع.

وجاء اللقاء الذي عقدته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، بعنوان:" السلم الأهلي في فلسطين"، بحضور ومشاركة عدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء من شباب والمهتمين.

وافتتح اللقاء د. صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية "حشد" مرحباً بالحضور، ومؤكداً على أن التمسك بالسلم الأهلي يعني التمسك بتعزيز صمود المواطنين وتطبيق القانون.

وأشار إلى أن استمرار مظاهر العنف والفلتان وأخذ القانون باليد وسوء استخدام الأسلحة النارية وارتفاع أعداد الضحايا، يشكل انتهاك لسيادة القانون سيؤدي بلا شك لمزيدا من تهتك النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي

وأضاف:" "في حالة استمرار الانقسام الذي تسبب بكوارث وطنية لا زلنا نشهد تداعياته، وانهيار العدالة لم ينته، بالإضافة الى عدم تنفيذ المصالحة المجتمعية حتى اللحظة، فلا يكاد يخلو يوم إلا وكان هناك قتيل سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بالإضافة إلى الجرائم في مناطق 48، والاحتلال ليس ببعيد عن هذه الجرائم".

ودعا عبد العاطي إلى ضرورة النظر بمسئولية في الأسباب التي تدفع لمثل هذه الأحداث التي تهدد الأمن الشخصي للمواطنين، وكذلك السلم والأمن الداخلي للمجتمع والعمل على الحد من الشجارات العائلية ومظاهر أحد القانون باليد، مطالباً باتخاذ التدابير الكفيلة بمنع انتشار وسوء استخدام الأسلحة النارية، وحصر استخدامها من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، والعمل على اتخاذ كل التدابير لتعزيز السلم الاجتماعي وتحصين المجتمع من الجريمة والفوضى.

من جهتها، وأكدت د. مريم أبو دقة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الشعب الفلسطيني سقط في كارثة اتفاق أوسلو، والذي خلف العديد من النكبات، مشيرةً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي له أهدافه من اتفاق أوسلو، حيث أن تصريحات الاحتلال الوقحة حالياً تثبت ذلك، بأنه لا يوجد دولة فلسطينية، وفي المقابل أجرينا نحن الفلسطينيين العديد من الحوارات".

وأوضحت أبو دقة، أن الإدارة الأمريكية كان لها دوراً كبيراً في الشرق الأوسط من خلال صفقة القرن، لافتةً إلى أن اتفاق أوسلو كان تمهيداً لهذه الصفقة.

وأضافت "نحن في المقاومة من حقنا أن نتلقى كل الدعم من أصدقائنا"، لافتةً إلى أن النكبة الأولى تتمثل في الانقسام الفلسطيني.

وأشارت أبو دقة، إلى أن حادثة قتل الأطفال الثلاثة من عائلة بعلوشة في مدينة غزة، كانت بداية انتهاك السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني، منوهة في الوقت ذاته إلى أن الذي لا يريد انهاء الانقسام فهو يريد بقاء الاحتلال.

وأوضحت أن ما يجري من جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 هي جزء من مخطط الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على ضرورة إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركة الجميع.

وشددت أبو دقة على ضرورة إجراء الانتخابات الشاملة سواء التشريعية أو الرئاسية أو المجلس الوطني وكذلك على مستوى البلديات، ويجب ألا يتم أخذ أذن الاحتلال من أجل إجراء الانتخابات.

وأكدت على أن ما يحدث في منظمة التحرير تفرد بها، وبالتالي يجب إعادة بريقها من جديد"، مشددة على ضرورة تصعيد المقاومة بكافة أشكالها، فقوة الشعب الفلسطيني تكمن في وحدته، حيث أن غرفة العمليات المشتركة خير دليل على وحدة المقاومة بين الفصائل.

وحملت أبو دقة طرفي الانقسام، المسؤولية الكاملة عن هجرة الشباب المتزايدة من قطاع غزة، لافتةً إلى أن هؤلاء الشباب الفلسطيني لم يجدوا الكرامة في بلادهم، فظاهرة الهجرة سعت إليها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

بدوره أكد أ. تيسير الزيري أمين سر الحراك الوطني الديمقراطي أن الانقسام الفلسطيني هو انقسام جغرافي فقط، ولكن يجب أن تكون الإرادة واحدة للتخلص من الاحتلال والانقسام الداخلي، وفي الوقت ذاته فإن السلم الأهلي يعمل على تحديد قواسم مشتركة للوصول إلى قاعدة محددة.

وأضاف: "رغم أن هناك تبايناً طبقياً في المجتمع إلا أن هناك خلاف رئيسي، ويجب تغليب مواجهة العدو، حيث أن منظمة التحرير الفلسطيني الجامع الوطني الفلسطيني منذ عام 67 خطت خطوات إيجابية للمواجهة، وبعد ذلك تم الوصول إلى حالة من التوافق، موضحاً أن اتفاق أوسلو جعل هناك قاسماً سياسياً مشتركاً بين كل شرائح المجتمع الفلسطيني.

وأشار الزيري، إلى أن التجربة الفلسطينية ما بعد أوسلو شكلت حالة من الطلاق بين طرفي الانقسام، ودخلت الفصائل الفلسطينية في انتخابات 2006، ولكن هذه التجربة لم تأخذ حجمها الكافي. وأشار إلى أن المسؤول عن الانقسام شيء، وعن الحسم شيء أخر، حيث أن الطرف الذي فقد الشرعية في المجلس التشريعي، هو سبب الانقسام الفلسطيني.

وأوضح أن هناك العديد من الجرائم التي سادت المجتمع الفلسطيني منذ بداية الانقسام وحتى اللحظة، مشدداً على ضرورة البحث على ما يوحد الشعب الفلسطيني.

وقال: "هناك طرق كثيرة تتعلق بكيفية التخلص من حالة الانقسام، ويجب أن نجاهد من أجل الانتخابات الشامة"، مطالباً بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بشكل رئيسي، حيث أن هذا يعتبر مدخلاً للمشاركة السياسية.

ونوه إلى أن المخرج من الحالة الفلسطينية الحالية، هو العودة إلى الانتخابات الشاملة وبشكل نزيه، فلا يمكن مواجهة الاحتلال في ظل الانقسام الفلسطيني.

فيما تحدثت أ. الآء داوود باحثة وعضو المنتدى الحواري الشبابي بالهيئة حول الشباب ودورهم في تعزيز الأمان الاجتماعي وزيادة قدرة المجتمع على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، معرجةً للحديث عن أسباب القصور الذي يعتري دور الشباب.

كما استعرضت الأسباب التي تهدد السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي في فلسطين، مشيرةً إلى أنه لا يمر يوم دون اندلاع أعمال عنف داخلية تصل أحياناً القتل وسرقات ومشاجرات، أصبح القتل، أو الشروع بالقتل، والاعتداء، وإحراق المحلات والبيوت والسيارات والممتلكات، والتشهير، الابتزاز، والقدح والذم، والاختطاف والابتزاز، والاعتقال السياسي وانتهاك الحقوق والحريات وسيادة ثقافة العنف في التفكير والممارسة لتصبح ثقافة العنف سمة في العلاقات الاجتماعية، وفي المقابل نلاحظ تراجع خطير لسيادة القانون والحوار والتضامن والتكافل والتسامح، لحساب شريعة الغاب والصالح الخاص والفئوية والعصبية القبلية وعقلية الثأر والانتقام .

وأكدت أن الوضع الاقتصادي المتردي، والخطاب الديني المتطرف، والقوانين الموروثة (القصور القانوني)، والفساد الإداري والمالي، وتراجع القيم والأزمة الأخلاقية والقيمية، وتراجع دور الحركة الوطنية، واستخدام الإعلام مصطلحات دخيلة على المجتمع الفلسطيني لها علاقة بالتخوين والتكفير والتآمر والفرقة، والبغضاء. والإقصاء، وظهور الإعلام الاجتماعي، وعدم وجود سياسات حكومية وأهلية لمواجهة الأسباب والعوامل التي أدت إلى تعريض السلم الأهلي للخطر، وانتشار السلاح، وعدم سيادة القانون، والتمييز على أساس مكان السكن والجغرافيا، أو الانتماء السياسي والتنظيمي، وعدم تمكن السلطة من الوصول إلى مناطق(ج) وهروب المتهمين إلى دولة الاحتلال أو مناطق (ج)، وتلكؤ القضاء الفلسطيني في حسم العديد من الخلافات، أسباب أدت جميعها إلى تعريض السلم الأهلي للخطر.

وتطرقت داوود إلى أن هذا المزيج أدى إلى إنتاج مجتمع منقسم ومضطرب، وبلا أجندة أو أولويات وطنية، كانعكاس فظ وغير رحيم لمتاهة النظام السياسي في تحديد هويته الوظيفية، حيث أدى الانقسام السياسي والصراع على السلطة وغياب الاتفاق على برنامج وطني واستراتيجية نضالية شاملة، وغياب القيادة الموحدة إلى تعطيل أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والفصل بين السلطات، وأضعف من قدرة الشعب على الصمود في مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وبينت أن هذا يتطلب تعزيز سيادة القانون، وتعزيز قيم التفاهم والتضامن والسلم الاجتماعي والتسامح واللاعنف بين الأفراد وبين الجماعات السياسية والاجتماعية والدينية، وهذا الأمر يحتاج إلى قرار سياسي حازم يصدر عن القيادة السياسية لحماية الحريات وتعزيز مسار المشاركة السياسية والانتخابات والانتقال إلى الديمقراطية عبر الحوار والتعددية والشفافية والمساءلة والانتخابات، واحترام حقوق الإنسان.

وختمت حديثها بالتأكيد على ضرورة توضيح كلفة ومخاطر غياب أركان السلم الأهلي والأمن الإنساني والمجتمعي بالنسبة لقضيتنا الفلسطينية وكيان مجتمعنا ومصالح أبنائنا، واعتبار الوحدة الوطنية والالتزام بإحكام القانون والتسامح وخدمة المواطنين ميثاق العيش المشترك.