وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الإعلان الإسرائيلي عن مطار للمقاومة في جنوب لبنان حلقة في خطة أمريكية عنوانها المطارات داخل لبنان

نشر بتاريخ: 13/09/2023 ( آخر تحديث: 13/09/2023 الساعة: 15:57 )
الإعلان الإسرائيلي عن مطار للمقاومة في جنوب لبنان حلقة في خطة أمريكية عنوانها المطارات داخل لبنان

وقف وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت يوم الاثنين الماضي امام الاعلام، يكشف عن انشاء المقاومة اللبنانية مطارا في جنوب لبنان يبعد عشرين كيلومترا عن الحدود مع فلسطين المحتلة، لإتاحة شن هجمات على إسرائيل حسب زعم غالانت. في الصورة التي عرضها مدرج مجهز، ومهبط طائرات مروحية، ومنشآت موزعة على مساحة واسعة.

إسرائيل التي تراقب من الجو لبنان على مدار الساعة وتطلب من عملائها وجواسيسها في لبنان تصوير شقق وملاعب كرة قدم ومحلات وشوارع ابنية لابد وانها تعلم بوجود هذه المنشأة ربما منذ اليوم الأول للعمل بها، وقد يكون ذلك قبل عام او عامين او اكثر. فلماذا وقف وزير الحرب وكأنه يعلن اكتشافا جديدا؟

للإعلان دون ادنى شك دلالاته، وللتوقيت مغزاه. فهل ربما سنجد جوبا لذلك في الداخل اللبناني؟ وما هي السياقات التي جاء بسببها هذا الإعلان الإسرائيلي حول المطار.

لا نجازف اذا ذهبنا من باب التحليل الى القول ان هذا الإعلان هو جرء من خطة أمريكية تحضر للبنان عنوانها المطارات، وقد نكون امام معركة عنوانها المطارات في الوقت القريب، ولعلنا دخلنا اتون هذه المعركة فعليا. لا نستبعد ان يكون حزب الله على علم ببعض ملامحها منذ اشهر او ربما اكثر.

الخطة الامريكية المزمعة ملخصها تعطيل مطار بيروت الدولي لسبب او لاخر وبطريقة او باخرى، واستبداله بمطار الرئيس رينيه معوض المغلق منذ الحرب الاهلية اللبنانية عام ١٩٧٥، وكان هذا المطار قبل الحرب الاهلية يستخدم كمطار عسكري للجيش اللبناني، وقد ورثه عن الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. ويقع مطار معوض او ما يسميه اللبنانيون ” مطار القليعات في سهل عكار شمالا.

صحيح انه خلال السنوات الماضية وفي مراحل مختلفة كان مطلب إعادة تشغيل المطار حاجة أهلية لبنانية وفرصة لسكان تلك المنطقة الشمالية المحرومة من اجل انعاشها اقتصاديا و حاجة لبنان الى مطار ثان نظرا للضغط على مطار بيروت الدولي. الا ان وضع هذه المطالبات على نار حامية اليوم، والالحاح على رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لتعيين جلسة عاجلة لبحث هذه المسألة، وإعادة انعاش امال السكان وفعاليات المنطقة للضغط من اجل هذا المطلب قد يكون لافتا بالنظر الى التحرك الأمريكي المستتر في التركيز على المطارات في لبنان. الهدف الأمريكي قد يكون واضحا وهو اخراج مطار رفيق الحريري من الخدمة وتدريجيا او عبر اختلاق مشكلات ليبدو إخراجه عن العمل امرا طبيعيا وله مسببات داخلية ليس قرارا ضمن خطة أمريكية معدة سلفا، وبذلك تسعى واشنطن ومن خلفها إسرائيل تجنب ردود الفعل المقاومة. يعزز هذه الفرضية، تصاعد الاتهامات لحزب الله في وسائل اعلام لبنانية محسوبة على السفارة الامريكية وأخرى عربية معادية للمقاومة في لبنان بالهيمنة على مطار بيروت، واستخدامه لنقل السلاح والمواد المستخدمة في تصنيع الصواريخ من ايران. وكان اخر ما نشرته تلك الأدوات الإعلامية تقريرا يضع إحصائية لعدد الطائرات الإيرانية ومن شركات متعددة التي هبطت في بيروت خلال النصف الأول من العام الحالي.

التقرير الذي بدأ من شاشة قناة الحدث السعودية وتلقفته شبيهاتها المحلية أشار الى أسماء مسؤولين سياسيين وامنيين في حزب الله متهما هذه الشخصيات بانها المسؤولة عن عمليات تهريب الأسلحة من داخل المطار. وقد رد حزب الله على هذه الاتهامات ببيان نافيا ما ورد بالتقارير الإعلامية ومعتبرا انها تتماهي مع اهداف إسرائيل ونواياه العدوانية تجاه المطار. اللافت في بيان حزب الله هو قوله “”ان التناغم والشراكة القائمة بين هذه المؤسسات الإعلامية المعروفة الأهداف، التي تُقدم تقاريرها ‏بدون أي ‏دليل أو برهان، وبين بعض الجهات اللبنانية المعروفة الانتماء والمرتبطة بسفارات ‏وأجهزة أمنية ‏خارجية، أصبحت مكشوفة أمام ​الشعب اللبناني​، وبالتالي فإن كل أساليب الخداع ‏التي تستخدمها سواء ‏تحت ستار تحقيق تلفزيوني أو متابعة قضائية، تعود عليها وعلى مُشغّليها ‏بالخيبة والخسران” هذه السطور تعني ان حزب الله يعلم ان ما عرض ليس مجرد تحقيق صحفي او معلومات إعلامية، وانما هي جزء من قرار وخطة أمريكية تمضي على قدم وساق في لبنان، هي لعبة مطارات ربما باتت مكشوفة اكثر من الحديث عنها همسا في الصالونات المغلقة. وإذ كانت نوايا من يبذلون الجهود اليوم من نواب وشخصيات سياسية لاعادة تشغيل مطار القليعات في شمال لبنان لا يمكن التشكيك بها نظرا لما يمثله تشغيل هذا المطار من فوائد يستحقها سكان الشمال بعد حقب من التهميش الحكومي لهم. الا ان الشك الحقيقي يقع في من خلف هذا المطالب المحقة والعادلة. خاصة بالتزامن مع التركيز والحملات الامريكية ضد مطار بيروت الذي يقع ضمن نطاق مناطق نفوذ حزب الله وحركة وامل. وخاصة كذلك لجهة الاهتمام الإعلامي من قبل الجهات المحسوبة على السفارة الامريكية في بيروت بجهود إعادة تشغيل مطار الشمال. وطبعا لاهداف سياسية وليس حرصا على سكان ومناطق الشمال التي تعاني منذ سنوات طويلة.

النائب “التغيري” الذي وصل الى البرلمان على خلفية الاحتجاجات وضاح الصادق عقد مؤتمرا صحفيا هذا اليوم الأربعاء ليقول أنّ “التعاطي مع مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت منذ سنوات طويلة طغى عليه الاستهتار واللامبالاة وسوء الإدارة والتوظيف السياسي، واليوم نرفع الضوء الأحمر قبل التدقيق الذي سيحصل السنة المقبلة”.

وحذر الصادق، “من التقارير التي قد تصدر بعد التدقيق في مطار بيروت لأنّه ما لم يتم تدارك الوضع الخطير قد تصل الأمور إلى منع الرحلات الدولية إلى لبنان أو منع الطيران اللبناني من الدخول إلى مطارات في العالم”. مشيرا إلى أن “إذا قرّرت اليوم “الميدل إيست” التوقف عن الدفع سيتوقف المطار عن العمل”. ليس الصادق وحده من تحدث بهذا الاتجاه، سبقوه اخرون من نفس الخط السياسي الذي يتبناه خلال الفترة الماضية.

وحسب التجربة هنا في لبنان تبدأ الحملات دوما من وسائل اعلام تابعة للسفارة الامريكية ثم شخصيات سياسية تلاقي هذا الضخ الإعلامي قبل ان تظهر حقيقة السياسات الامريكية في استعمال الأدوات الداخلية. كان اتهام حزب الله بتفجير المرفأ واحدة من اكثر التجارب والنماذج وضوحا، وطبعا ليست البروفا الوحيدة. ما يحدث خطير وخطير للغاية، الهجمة الامريكية المرتدة ليس على لبنان ومقاومته وحدها، انما باتت تشمل عموم المنطقة.

كاتب واعلامي فلسطيني