|
الشعار الذي يستدعينا جميعا لرفعه: لتخرس أبواق الفتنة
نشر بتاريخ: 23/09/2023 ( آخر تحديث: 23/09/2023 الساعة: 18:21 )
برهان السعدي فلسطين لمن يعرفها أو لا يعرفها هي الحب والعدل والحقيقة، هي بوابة الحرب وبوابة السلم، وهي من تلفظ أعداءها على امتداد آلاف السنين. هي منبت الخير وبوصلة الوحدة. ورغم تواكب الغزوات الاستعمارية بألوانها المختلفة تاريخيا، ورغم قوة تلك القوى الغاشمة وآليات فتكها وبطشها، أصبحت جميعها مهزومة وفي مزابل التاريخ، ومصير الغزوة الصهيونية الحالية أيضا هو نفس مصير الغزاة السابقين، فالحق يعلو، وكما قال الطاهر وطار في لازه: "ما بظل في الواد غير حجاره"، وكما قالت وأكدت قوافل الثورة الفلسطينية أنه لا يحرث الأرض غير عجولها. مواثيق الأمم المتحدة، وأعراف الشعوب، وقواعد الأخلاق العامة تؤكد على حق الشعوب في مقاومة المحتل والغزاة لصد العدوان، وطرد الغزاة وتحرير الأوطان، وهذا ما يدركه شعبنا تاريخيا، ألم يهزم المغول في معركة عين جالوت الفلسطينية، ألم يهزم الغزاة الفرنجة بحملات رفعت شعار الصليب على أرض فلسطين، ألم يهزم نابليون بونابرت على أسوار عكا وفي مواقع أخرى على امتداد فلسطين؟؟!!! فالمقاومة في فلسطين تاريخيا منهج في مواجهة الغزاة المحتلين، لكن للمقاومة أخلاقياتها وقيمها وأهدافها وبوصلتها والخروج على أي منها هو دعم للغزاة وترسيخ للاحتلال وقتل للوطن والقيم. فالمقاومة ليست مجرد إطلاق رصاصات أو رفع شعارات مثيرة للعواطف في وجه الغزاة، أنما هي منهج متكامل، لا يقدر عليه الأدعياء وأحصنة طروادة. والمقاومة إن لم تحرص على وحدة شعبها، وتربأ عن معاداة شرائح من شعبها بدعوى التخوين والتكفير، تخرج عن مفاهيم المقاومة، وتتمترس وعيا أو جهلا في مربع الأعداء. وكم حري بالنهج المقاوم الحرص على أبناء الشعب ورفع الظلم عنهم، وكسر الأصفاد التي قيدهم بها الغزاة المجرمون، والارتقاء بمفاهيم وقفات المؤازرة للأسرى بدلا من الوقوف ساعة زمنية أو أقل، بجمع قليل جدا أمام مكاتب الصليب الأحمر في المدن الفلسطينية إلى مواقف فاعلة تجبر الآسرين على إطلاق سراحهم، خاصة أن هناك من قضى أربعين عاما في الأسر، والبعض قضى ثلاثين عاما، والكثير من الأسرى قضى أكثر من عشرين عاما في سجون الاحتلال. وإن كان هذا الأمر لم يحرك هؤلاء المقاومين لتحرير أبطال شعبهم، فهم إن أجسنا التعبير يمارسون أشكالا من المقاومة بحكم العاطفة دون وعي ودراية لأساليب مقاومة المحتل أو معرفة أيها أكثر نجاعة. للأسف، نجد بعض الشامتين بين فينة وأخرى يفرغ مكنونات جعبة تفكيره بكلمات تحمل كل معاني الحقد والكراهية باسم الحرص على المقاومة، كان آخرها ما تناقلته بعض المواقع بنشر بيان يحمل الفتنة والتحريض على القتل، بعبارات واضحة لا تقبل التأويل، ويخلط السم بالدسم، معتبراً أن القتال في سبيل الله واجب، وهذا ما نتفق عليه جميعا، وتأتي في سياقه خطاباً موجها للسلطة الفلسطينية، إن كففتم يدكم عن البحث عنا ومطاردتنا سنجنح إلى السلم، وإن أعرضتم فإن الخلايا العاملة في الميدان ستبدأ بسفك الدماء، ويضيف البيان أنهم أوقفوا عدة خلايا مسلحة بأسلحة لا يعلمها غير الله تجنبا للفتنة. إن هذا المنشور أو البيان بهذه الصورة يحمل لغة مرفوضة وطنيا وقيميا وإسلاميا، ويخدم المتربصين بشعبنا أمثال بن غفير ومن على شاكلته من الغاصبين الصهاينة. وهنا لا يمكننا إلصاق التهمة لأي جماعة أو فصيل فلسطيني يقف خلف هذا البيان الذي جاء مباشرة بعد أحداث عين الحلوة التي تستهدف رمزية المخيم الفلسطيني وحق العودة، بشطب وجود وتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يتساوق مع أجندات الاحتلال وأهدافه بإنهاء الصراع وفقا لرواية الصهاينة. فالمطلوب هنا من الكل الفلسطيني، بجميع فصائله ومقاوميه أن يدين هذا البيان، وهذه اللغة، ويحدد موقفا من كل مثيري الفتنة والشغب والمحرضين على القتل وسفك الدماء مهما كانت الذرائع والمسوغات. فربما نختلف مع حزب أو فصيل، لكن الاختلاف لن يصل حد التحريض على القتل وسفك الدماء، وفي المقابل يجب تجريم هذه اللغة على وجه الإطلاق. إن وحدة شعبنا مقدسة، والفتنة أشد من القتل، ويا حبذا كانت هذه اللغة موجهة إلى عصابات المستوطنين، وسوائب الغزاة المحتين، وأن تكون لغة التخاطب مع أعداء شعبنا بنفس هذه النمطية كوسيلة لوقف الغزاة عن تماديهم في الإسراف في قتل أبناء شعبنا، وسلب الأرض وقطع الشجر وهدم البيوت والترحيل والتشريد وتدنيس المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي. اللهم اكفنا شر الفتن وموقظيها وناشريها.
|