ازدواجية المعايير الغربية وزيفها تجاه القضية الفلسطينية
نشر بتاريخ: 22/10/2023 ( آخر تحديث: 22/10/2023 الساعة: 14:17 )
النظام العالمي الذي تتحكم به القوى العظمى والكبرى، تلوي به أعناق الحقائق والوقائع على الأرض بما يؤدي في نهاية المطاف، إلى ما يتلاءم ويتناسب مع ما تريد، بصرف النظر عن الحق والعدل، وعن السلام والأمن والاستقرار في العالم، الذي من المفترض بها أن تسعى إليه.
كل الوقائع والحوادث والحروب والنزاعات، التي جرت في السابق وتجري الآن في غزه والضفه ،والتي لا تحظى بتسليط الضوء الكافي عليها والتي اسفرت عن مايقارب ال 90 شهيدا . فقط منذ عمليه طوفان الاقصى والعداد في ازدياد ناهيك عن عدد المعتقلين والذي فاق ال900 معتقل لغايه كتابه هذا المقال. وان الوضع في الضفه الغربيه والقدس قاب قوسين او ادنى قابل للانفجار ،ونسي العالم او تناسى بأن الوضع في الضفه يعتبر من أهم اسباب عمليه طوفان الاقصى و لم يجر البحث فيها أو عن حلول لها، بما يستوجب العدل والحق، أو على قاعدة القانون الدولي، بل على قاعدة المعايير المزدوجة، أي الكيل بمكيالين. لتصبح الشعوب هي الضحية وهي حطبها في الوقت نفسه، العالم لا يحكم بالعدل، ولا بما يفرضه القانون الدولي، ولا من أجل السلم الدولي، بل ما يحكم العالم هو مصالح القوى العظمى .
ففي الأيام التي تلت عمليه طوفان الاقصى، في السابع من الشهر الحالي، سارعت الحكومات و في مقدمتها حكومه الولايات المتحده الامريكية و الحكومات الأوروبية وحكومات أمريكا الشمالية، باستثناء عدد قليل منها، إلى تقديم رسالة موحدة وراسخة من الدعم لتل ابيب الدوله المحتله لاراض الفلسطينين بالقوه، واظهرت هذه الدول زيف ازدواجيه المعايير تجاه القضيه الفلسطينيه ودعمت جرائمها بحق الفلسطينين.
فمن أمريكا إلى فرنسا ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي، كلهم اجتمعوا على دعم جرائم وانتهاكات دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق فلسطين وأبنائها، كما اجتمعوا على الإقرار بأن من حق دولة الاحتلال الدفاع عن نفسها وارتكاب المجازر بحق أطفال ونساء وشباب غزة والضفه والقدس.
وكان اللافت للانتباه هو ازدواجية تلك المعايير الغربية، و التعاطف الغربي الصريح مع أوكرانيا خلال الحرب الروسية عليها مؤخراً،، أما في حرب إسرائيل على غزة فاعتبر الغرب أنه "يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها”.
الموقف الغربي الاميركي تجلى بأن إسرائيل ضحية هجوم إرهابي لم تقم هي بعمل استفزازي أدى إليه، وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وأن الغرب يقف بالكامل مع إسرائيل ضد العنف البربري للفلسطينيين، وأن حماس هي التي بدأت بالأعمال العدائية وأجبرت إسرائيل على استخدام القوة، بينما تختبئ وراء المدنيين، وبالتالي فإن اللوم يقع عليها سواء جزئيا أو كليا للتسبب بقتل جميع المدنيين من الطرفين ، و تغلغلت الرواية المعادية للفلسطينيين في الغرب، ومفادها أن كل أنواع الدعم لفلسطين متأصل بالعنف ومدفوع بكراهية جميع اليهود. وهكذا فباسم محاربة العنصرية تتم إدانة الفلسطينيين وتجريمهم.
الشيء ذاته غائب تماماً بالنسبة للفلسطينيين. فما من إجلاء للفلسطينيين، وما من حاملات طائرات أرسلت لتوفير الدعم العسكري لهم، والخطاب السياسي والثقافي السائد لا يضفي على حياة الفلسطينيين صفة الإنسانية ولا يحزن لموت الفلسطينيين، وتم منع المساعدات الإنسانية واستخدامها كورقة مساومة، كما أن الدعم الاقتصادي غير منتظر والمؤسسات لا ترسل رسائل دعم للفلسطينيين".
الكيفية التي استجابت بها الحكومات الغربية إلى مقتل المدنيين الإسرائيليين مقابل مقتل المدنيين الفلسطينيين، إذ تحركت المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بالكامل لتوفير الدعم لدولة إسرائيل وضحاياها.
المؤسسات الغربية تكرر بشكل متزايد التطرق لنقطة حديث ضعيفة، وهي أن الإرهاب هو سبب جميع أعمال العنف. ونقطة الحديث هذه تستخدم لمنح إسرائيل الضوء الأخضر لإطلاق العنان للعنف الإسرائيلي غير المقيد ضد الفلسطينيين، في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس"
وخير دليل على ازدواجيه المعايير هو الموقف الامريكي: في 20 من أغسطس/آب الماضي عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن حزنه وألمه إزاء مقتل 7 أشخاص في قصف شنته روسيا على تشيرنيهيف شمالي أوكرانيا.وفي حينها كتب بلينكن على منصة إكس “ندين بأشد العبارات هجوما مروعا آخر بالقذائف على مدنيين أبرياء في تشيرنيهيف”، داعيا روسيا إلى “إنهاء حربها الوحشية الآن”. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بلينكن نفسه زار إسرائيل التي قتلت في عدوانها الحالي على غزة نحو 4 آلاف مدني معظمهم من النساء والاطفال في 13 أبريل/ 2022 قال لقد جئتكم كيهودي فقط بعد ان قطع كل هذه المسافات وبشكل عاجل ليدعم الدوله المحتله التي تقوم بالتنكيل اليومي وبقمع وقتل الشجر والحجر والنساء وتعتدي على البيوت المقدسه وتدمر المساجد ففي غزه لوحدها دمر 15 مسجدا ودمرت كنيسه القديس بريفروس بمن فيها من المواطنين الاربعين اللاجئين اليها من ويلات القصف الصهيوني المتطرف . اما الرئيس الامريكي جو بايدن أدان ما سماها إبادة ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا.وقال إن الرئيس "الروسي فلاديمير بوتين “يحاول القضاء على فكرة أن يكون المرء أوكرانيا”.ودعم بايدن إصدار الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين انطلاقا من كونه متهما بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
بالمقابل:عندما بدأت إسرائيل عدوانها الأخير على غزة وصبت الجحيم على رؤوس الأطفال والنساء، لم يتذكر مصطلحات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وترويع المدنيين.لقد تحدث بلسانه الثاني، وقال إن حركة حماس “قطعت رؤوس الأطفال الإسرائيليين” أثناء شنها عملية طوفان الأقصى، وهي العملية التي جاءت ردا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين وتدنيسه المتكرر للمسجد الأقصى المبارك ومايقوم به حيش المستوطنين في الضفه هذه الحرب التي لا يسلط الضوء عليها الاعلام الغربي ،
لاحقا تراجع البيت الأبيض عن اتهام حركة حماس بقتل الأطفال،وبعد أيام تحدث بايدن أيضا بلسانه الثاني وقال إنه لن يطلب من إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة، بل ذهب أبعد من ذلك وقال إن لديه معلومات بأن المقاومة هي التي ارتكبت مجزرة المستشفى المعمداني في غزة، ترديدا للرواية الإسرائيلية.ولم يكتفي بذلك بل اعلن عن دعمه لإسرائيل الثابت كالصخر مترجما هذه المقوله على الارض من خلال إرسال حاملات طائرات وصواريخ كروز الى الشرق الاوسط زاد منه بلاده لإسرائيل فوق 3.8 المقرره سابقا وبحجه ان القياده ال الأمريكية هي التي تجمع العالم سويا. والتحالفات الأمريكية هي التي تبقينا، كأمريكا، آمنين". منحت بلاده مساعدات. عسكريه لإسرائيل بلغت قيمتها 260 مليار دولار فقط العسكريه لدعم إسرائيل وطلب من الكونغرس الامريكي تمويلا عاجلا وطلب بايدن مخصصات أمنية ضخمة بقيمة 105 مليارات دولار، تتضمن مساعدات عسكرية قدرها 61 مليار دولار لأوكرانيا و14 مليار دولار لإسرائيل وجاء الرد على بايدن وبلينكين من عقر دارهم التمرد الجمهوري الحاصل في الكونغرس الامريكي وتسريبات حول انه ستسود حاله من العصيان في وزاره الخارجيه الامريكيه.
ففي فرنسا، هناك تركيز كبير على أن الحرب ليست بين فلسطين وإسرائيل، إنما هي بين إسرائيل وحماس، وذلك من أجل كسب التعاطف الشعبي الذي لم يرض بأن تكون آراء فرنسا ضد الفلسطينيين". فرنسا :في العام 2022، بدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غاضبا جدا إزاء “قتل روسيا مدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية”.وقال الرئيس الفرنسي بلسانه الأول إن ثمة “أدلة واضحة جداً” تشير إلى أن القوات الروسية مسؤولة عن جرائم حرب في أوكرانيا، ودعا لفريض المزيد من العقوبات على موسكو.اما في العام الحالي. ادلى اي بعد عمليه طوفان الاقصى ادلى ماكرون بعدة تصريحات حول الصراع العربي الإسرائيلي، ولكنه تحدث هذه المرة بلسانه الثاني.ففي الوقت الذي وصف فيه حركة حماس بأنها إرهابية، لم يدن قتل إسرائيل للمدنيين وتدميرها للمنازل على رؤوس ساكنيها، ولم يتلفظ بمصطلحات ومفردات الوحشية والبربرية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب.هذه جريمة وهذا دفاع عن النفسس.
المانيا:المستشار الألماني أولاف شولتس على تسليط الضوء على “الجرائم التي ارتكبها الجيش الروسي في بلدة بوتشا الأوكرانية”.في العام 2022 وشدد على “وجوب محاسبة مرتبكي هذه الجرائم ومن خطط لها”، مطالبا بإفساح المجال أمام منظمات دولية لدخول المنطقة “لتوثيق هذه الفظائع”.ولكن بعد عمليه طوفان الأقصى واثناء. زيارته لإسرائيل ،أدلى بتصريحات عديدة حول عملية طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على غزة.ولكنه هذه المرة كان يصرّح بلسانه الثاني، فقد أكد وقوفه إلى جانب إسرائيل في “الدفاع عن نفسها”، وحث أجهزة الأمن الألمانية على عدم التسامح مع أي تظاهرة تشهد تضامنا مع المقاومة الفلسطينية التي تكافح الاحتلال الإسرائيلي ،و بالمقابلات يدين الجرائم البشعة التي ارتكبت بحق الاطفال والشيوخ والنساء العزل في مستشفى المعمداني في غزة، فلم يدنها ،ولم يطالب بتوثيقها ولم يتحدث عن هدنة إنسانية ولا عن أي شيء يعكس أنه شعر بالحزن والألم اللذين أحس بهما إزاء المدنيين الأوكرانيين.
بريطانيا : رئيس الوزراء البريطاني ذي الاصول الهنديه ريشي سوناك وأثناء حضوره قمة العشرين في إندونيسيا، شن هجوم على روسيا ووصفها بالدولة المنبوذة نظرا لما “تقترفه من جرائم في أوكرانيا”.كان ذلك في العام2022.وفي مقال كتبه لصحيفة ديلي تلغراف، قال سوناك إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “مسؤول عن الكثير من إراقة الدماء في أوكرانيا”.
وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري،وصل سوناك إلى إسرائيل وهي تواصل قصف المستشفيات والمساجد والكنائس في غزة.ولكنه لم يدن هذه الهجمات، ولم يقل للمسؤولين إن قتل 4 آلاف مدني تصرف همجي وإن عليهم التوقف.لقد تحدث بلسانه الثاني وقال لهم: “إني معكم وأقف إلى جانبكم”.
أن التخبطات في الآراء السياسية لا سيما في أوروبا تتماشى عادة بحسب التطورات الجيوسياسية.
السلطات الأوروبية تحاول دائمًا البحث عن مخارج لمثل هذه الأزمات، كي لا يتواجهوا مع شعبهم الذي هو بشكل أو بآخر
مواقف الدول الغربية تجاه عملية طوفان الأقصى تأتي بناء على تبني إسرائيل ودعمها من قبلهم، فهي تبقى كمخفر متقدم لصالح أهدافهم وبما يحقق إضعاف العرب بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وإبقائها متوترة كي لا تحقق النمو والاستقرار”. ورد عليه بالمس الشعب البريطاني من خلال المظاهره الحاشدة للشعب البريطاني في لندن والمؤيده للفلسطينين
إن تبني حام العالم الغربي والامريكي لمسائل حقوق الإنسان ما هي إلا تبيض لمواقفهم المزدوجة وليس الإيمان بها كقيم .
وهنا لابد لنا الا ان نستذكر بأن كثيرون من الغربين من بينهم رواد منصات التواصل الاجتماعي تحدثوا عن ازدواجية المعايير الغربية، معتبرين أنه “على مر عقود والغرب وأمريكا يتكلمون عن القيم الأساسية لحقوق الإنسان المتمثلة في الكرامة الإنسانية والمساواة، وقد فهمنا حقوق الإنسان عن طريق تحديد تلك المعايير الأساسية الضرورية لتأمين حياة كريمة، وها نحن نعرف الآن أن الحياة الكريمة لا تعني إلا فئات معينة من العالم فقط، وفق وجهة نظرهم.
وأكد مراقبون أن هذا الأمر ليس بمستغرب عن الدول الغربية وليس جديدا عليهم، ومن ينتظر الدعم أو المساندة من هؤلاء ما هو إلا ضرب من الجنون والغباء، مضيفين أنه يجب أن لا ننسى أن “من أنشأ الكيان الصهيوني هي بريطانيا وأخواتها”.
طوال الوقت كانت الازدواجية والمواقف الغربية حاضرة، ويجب أن ننتبه إلى السكوت على كل جرائم إسرائيل وعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وطوال الوقت كانت هناك مظلة حماية غربية إنكليزية فرنسية أمريكية، وحتى تقييمات حقوق الإنسان الغربية التي تقول إن اسرائيل أضحت دولة فصل عنصري يتم تجاهلها”.
خلاصه القول: إن الحديث عن الحل في فلسطين يأتي دائما من مصلحة اسرائيل، أي عند مراقبة الحديث الغربي عن حل الدولتين أو دولة فلسطينية أو التسوية، نرى أنه يأتي من باب الدفاع عن إسرائيل وشرعنة حقها في الوجود كما يقال في التعبير الإسرائيلي”.،ولكن حرب غزة فضحت كل هذا السكوت على ظلم الشعب الفلسطيني وعن حصاره، وعندما انفجر الشعب الفلسطيني تم فبركة الأخبار والصور والأدلة، ولم تكن هناك جرائم أو قتل للأطفال أو اغتصاب للنساء، وحتى القول بأن الشعب الفلسطيني لا يملك حق الانتفاض أو الدفاع عن نفسه أو المقاومة أو الانفجار، هي خارج حدود المجتمع الدولي .
هذه هي المرة الأولى التي تحظى فيها إسرائيل بكلّ هذا الدعم والتعاطف الغربي، حيث سارعت كل الدول الغربية إلى إبداء تعاطفها مع إسرائيل، بصفتها ضحية (إرهاب حماس)، في حين ذهبت الولايات المتحدة إلى إعلانها تقديم مساعدات عسكرية وغير عسكرية على وجه السرعة، وأرسلت حاملة طائراتها جيرالد فورد إلى شرق المتوسط، وعززت طيرانها في قواعدها في المنطقة”، مبيناً أن ” أن الولايات المتحدة قررت إعطاء إسرائيل الوقت الكافي لتصفية حساباتها مع حماس”.
المجتمع الدولي مطالب الان اكثر من اي وقت مضى بالحفاظ على الحق الإنساني والتخلي عن إزدواجية المعايير وتوفير الأمن والاستقرار والسلام في منطقه الشرق الاوسط،و إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط 1967، والاعتراف بحق الشعب في الاستقلال والسيادة".