وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تمسكنا بحقوق شعبنا ومقاومته في مواجهة الدور الأمريكي والغرب الأستعماري

نشر بتاريخ: 31/10/2023 ( آخر تحديث: 31/10/2023 الساعة: 17:20 )
تمسكنا بحقوق شعبنا ومقاومته في مواجهة الدور الأمريكي والغرب الأستعماري


لقد وفرت الدول الغربية اضافة الى الدور الدائم للولايات المتحدة خاصة تلك من دول الأتحاد الأوروبي التي امتنعت عن التصويت على مشروع القرار الاخير بالجمعية العامة او تلك التي رفضته الغطاء لأستمرار الأجرام الإسرائيلي الخارج عن القانون الدولي كما هو دائما ، وللهدف النهائي المتمثل في محاولات تنفيذ الرؤية الصهيونية للترحيل الجماعي القسري والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني ، أن كان من قطاع غزة وفق ما يجري من تفاصيل ومكونات العدوان الأجرامي البشع ، أو بالضفة الغربية بما فيها القدس وفق ما يجري منذ سنوات بتوسيع الأستيطان وضم الأراضي وترحيل المواطنين في الاغوار والقدس ومناطق الخليل وسحب الهويات واعدام شبيبة المقاومة والاقتحامات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات وحصارها ضمن تنفيذ "سياسة الحسم المبكر" من خلال تطوير أشكال الإجراءات الفاشية لهذه الحكومة حتى بحق أبناء شعبنا داخل الخط الأخضر لتنفيذ مشروع الحلم الصهيوني "اسرائيل الكبرى" وفق الخرائط التي يعلنوها .

أن حصول نتنياهو على "دعم خاص" من الرئيس بايدن لم يكن حدثاً مفاجئاً ولم يقتصر فقط على الغزو البري لغزة خلال المحادثات التي جرت وتجري بينهما كشركاء ينتمون كليهما للحركة الصهيونية ومصالحها حول العالم ، كما ومجاهرة الوزير بلينكن اليوم بيهوديته التي كاد أن ينساها ، بل وبالتخطيط المبكر لتلك الإجراءات التي لم تعترض عليها الولايات المتحدة بشكل عملي وفعلي ، بل وساهمت في تقديم الغطاء لها بالمحافل الدولية ورفع أحجام المساعدات المالية والعسكرية ، وبعدم ممانعتها في قتل حل الدولتين وفق حدود ٦٧ من خلال ذر رماد هذا الحل بالعيون لاستمرارها في إدارة الصراع فقط دون حله لمصلحة استدامة الأحتلال ومحاولة الاستعاضة عن الحقوق السياسية لنا المتمثلة اساسا بحق تقرير المصير والاستقلال الوطني بفتات مشاريع اقتصادية وأمنية لا تفضي إلى إنهاء الاحتلال الذي يشكل استمراره مصلحة أمريكية ايضا وفق رؤيتها للحالة الوظيفية لاسرائيل واستراتيحيتها الشرق اوسطية وبشرق المتوسط ايضا ، وبالقفز عن ثوابت شعبنا الفلسطيني من خلال اتفاقيات التطبيع لترتيبات المنطقة التي تعتقد واهمة أنها ستديرها وفق رغباتها غير ابهة بالمتغيرات الدولية الجارية وتراجع هيمنتها عبر ما تسميه "الشرق الأوسط الجديد" الذي يتحدثون عن ترتيباته لليوم التالي من حربهم القذرة ضد شعبنا .

ولذلك فأن الولايات المتحدة ستعمل على محاولات منع شعبنا رفع كلفة هذا الأحتلال وعزله دوليا وفق ما يجري رغم كلفتنا الكبيرة من الأرواح وستحارب اي خطوات في هذا الشأن ، والأمر لا يقتصر على قوى المقاومة في غزة ، بل ايضا بالضفة الغربية ووفق ما تعاملت به سابقا بالخصوص مع محاولات الزعيم الخالد ياسر عرفات ، كما وستعاقب وجود تحول ببعض المواقف العربية التي يتوجب تطويرها بعد إلغاء اللقاء في وجه بايدن الذي كان مفترضا في عمّان . أن كل ما تحتاجه انظمة الحكم العربية هو الارادة والشجاعة واستقلال قرارها والاعتماد على قدرات شعوبها التي تخرج إلى الشوارع يوميا . كذلك إدراك التحولات الجارية بالنظام الدولي بروز القوى الجديدة والقديمة الصاعدة اليوم ، حتى لا يتكرر مشهد جريمة النكبة في عام ١٩٤٨ حين تُرك الشعب الفلسطيني لوحده .

لذلك فان أحد اهم محددات العلاقة بين الولايات المتحدة راعية الجرائم بحق الشعوب وإسرائيل الأستعمارية العنصرية هي تلك القائمة على فرض ترك شعبنا ومحاصرته وحيدا ، وعلى روح الرؤية الصهيونية المسيحية هنالك وتوافقاتها مع الرؤية التوراتية وجوهر الفكر الصهيوني وأبواته من جهة ، ومن جهة ثانية بما هو قائم على فلسفة صمؤيل هنتيجتون التي لخصها في كتابه حول صراع الحضارات ، ورؤية هؤلاء بالإدارة الأمريكية التي تمتلئ بالصقور والمحافظين الجدد رغم كونهم من الحزب الديمقراطي لنشر "الديمقراطية المزعومة" من خلال الحروب حول العالم بالاضافة الى مفاهيم الأستعمار الأستشراقي الحديث ، كما ومحددات انشاء دولتيهما على قاعدة التطهير العرقي والفوقية وأختراع مسميات الشعوب لديهما والتماهي الحضاري .

أن الولايات المتحدة بالشراكة مع الغرب الأستعماري وفق محددات اي حرب يمتلكون رؤيتهم واسبابهم الجيوسياسية والفكرية والاقتصادية التي تعتمد هيمنة حضارة الغرب التي تصر دولة الأحتلال ان تكون جزء لا يتجزأ من ذلك الغرب الأستعماري حضاريا وثقافيا وسياسيا ، وأن تحارب بالوكالة عن هذا الغرب هنا وبمناطق أخرى من العالم لضرب حركاتها الوطنية التحررية ، وفي مواجهة حضارة الشرق التي نحن الفلسطينيين جزء منها عبر التاريخ كما كل المشرق العربي وروسيا والصين ، وان تساهم في تنفيذ مشاريع اقتصادية استعمارية مثل قناة بن غوريون ومدن جديدة وخطوط الطاقة وسكك الحديد لمنافعها ومحاولة تحطيم القدرات الاقتصادية للدول العربية .

امام هذا العدوان البربري الإسرائيلي ضد شعبنا في غزة وايضا في مدن ومخيمات الضفة الغربية منذ السابع من اكتوبر دون قدرة المجتمع الدولي على لجمه نظرا لنفاق الغرب وانتقائيته السياسية للقانون الدولي كونه منحازا بشكل اساسي لدولة الاحتلال رغم معارضته اللفظية احيانا ، لكن دون تحمله لمسوؤليات أخلاقية حتى بالإضافة إلى القانونية والسياسية الغائبة والمتناقضة مع مواقف الشعوب الي باتت يوميا بالمظاهرات المؤيدة للحرية والعدالة وحقوق شعبنا ، فباتت دولة الاحتلال كدولة استعمار وابرتهايد تعصف بها الخلافات التي بدأت قبل سبعة شهور إضافة إلى ما نشاهده اليوم بمستوى المؤسسة العسكرية ايضا من تباينات واهتزاز معنويات عصابات جيشها وتاَكل الإجماع الوطني حول الحرب بطرفهم تؤثر على الصورة التي اصبحت مقيته سوداء واجرامية الآن وتعيق مخططات حسمها للحرب او الصفقات خاصة في شأن الأسرى ، بعكس ما حاولت إسرائيل ترويجه من صورة الديمقراطية الوحيدة عن ذاتها لسنوات طوال .

لذلك فهنالك ضروة ملحة اليوم للإستثمار بما هو حاصل اليوم على ساحة الشعوب وقواها التقدمية حول العالم بما فيها في امريكيا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي من تضامن على اثر عودة الأهتمام الدولي وتصدُر قضيتنا الوطنية وجرائم الأحتلال لإولويات المشهد الدولي ، بل والاهتمام السياسي بضرورة إيجاد حل للصراع باعتبار الأحتلال هو جوهر الإرهاب وعدم الاستقرار . فقد حققت المقاومة الوطنية بمختلف تشكيلاتها التنظيمية والفكرية استكمالا للمقاومة السياسية والدبلوماسية والشعبية هدف الحراك والتغير السياسي الدولي الرسمي بغض النظر عن المواقف المتباينة للدول ، كما وحققت عودة التضامن الدولي الشعبي الذي يتوجب البناء عليه في سياساتنا الدولية ومواقفنا السياسية ورفض اي وعود سرابية أمريكية أو احتكارها لمحاولات النتائج السياسية بعد انتهاء العدوان .

وللمساهمة المباشرة في تلك المخططات فقد نشرت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات والمدمرات وغيرها من القوى العسكرية ليس فقط بما يهدف "لردع" جهات فاعلة أخرى عن الانضمام إلى الحرب بل وبالقتال الفعلي مع الأحتلال من خلال جنود المارينز والاستشاريين ذوي الخبرة في حروب خاضتها امريكيا ضد الشعوب لاستعادة قوة الردع الإسرائيلية وصورة جيشها الذي انهار بساعات عند حدود غزة بعد عنصر المفاجئة التي اعتمدته المقاومة وامتلاكها ما يلزم من عناصر التفوق ، وذلك وفق تطورات الحالة العسكرية التي لست خبيرا بها ، كما ان النقاش جاري الآن ببن الشركاء حول إمكانية استخدام القوة العسكرية ضد حزب الله ولبنان إذا شن هجوماً كبيراً على إسرائيل ، بعد عمليات الاشتباك المحدودة التي تجري بالشمال ، والتعامل مع غموض الموقف الايراني الذي ما زال يخضع لعقوبات الولايات المتحدة تجاه تطور الاحداث الذي سوف يتحدد برأيي وفق مصالحه الوطنية ومشروعه العقائدي ، رغم انني أجد نفسي غير متفقاً معه لكنه يشكل على الأقل نقيضاً للمشروع الصهيوني في غياب مشروع قومي عربي معاصر .

هذا بالنهاية هو ترجمة متوحشة وبربرية لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يحاولون بزعامة الولايات المتحدة الآن فرضه بالقوة العسكرية والترهيب لمحاولة تنفيذ رؤيتهم من حضارة الغرب الاستعمارية وبما يتوافق مع المشروع الصهيوني ركيزة ذلك المشروع وحضارته بالمنطقة . وبما هو مرتبط ايضا على المستوى الدولي من خلال الناتو باثارة الصراع في اوكرانيا لمحاصرة روسيا وبحر الصين والبلقان وافريقيا واستمرار محاولاتهم الفاشلة في القارة اللاتينية بعد انهيار الانظمة الموالية للولايات المتحدة هنالك.

رغم كل ذلك فان ذاكرتنا وطموحاتنا الوطنية مليئة ايضا بروح المقاومة والإصرار على الأنتصار للحق والعدل والحرية رغم حجم التحديات وفداحة التضحيات والدماء ، التي اَمل أنها ستفتح افاقا سياسية جديدة أمام مسيرة كفاحنا الوطني .