وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الدول اللاتينية الثلاثة التي لم تصدق الكذبة

نشر بتاريخ: 02/11/2023 ( آخر تحديث: 02/11/2023 الساعة: 11:19 )
الدول اللاتينية الثلاثة التي لم تصدق الكذبة

ثلاث دول في اميريكا اللاتينية اقدمت على مواقف لافتة جدا ,اذ اعلنت دولة بوليفيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل احتجاجا على حربها المتواصلة على غزة , فيما استدعت كل من تشيلي و كولومبيا سفيريهما من اسرائيل احتجاجا على حربها المتواصلة على قطاع غزة , و نددت الدول الثلاثة بالهجمات الاسرائيلية و ادانت مقتل المواطنين الفلسطينيين .

و حسب وزارة الخارجية البوليفية في العاصمة لابازا فان هذه الخطوة تاتي بسبب ارتكاب جرائم ضد الانسانية في الهجمات على قطاع غزة .

و في مؤتمر صحفي قال نائب وزير الخارجية البوليفي ,فريدي ماماني , ان حكومة بلاده قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل رفضا و ادانة للهجوم العدواني و غير المتكافىء على قطاع غزة .

يذكر ان هذه ليست المرة الاولى التي تقطع فيها بوليفيا علاقاتها مع اسرائيل , فقد قامت بذات الخطوة سنة 2009 , و لم تعد العلاقات بين الطرفين الا بتولي اليمين دفة الحكم في بوليفيا و ذلك سنة 2020.

هذا الخبر ليس عاديا في هذه الظروف , و يجب ان لا يمر هكذا دون التفات , فهو خبر صادم و محرج و فيه الكثير من الدلالات .

فما الذي يدفع ثلاث دول بعيدة عنا جدا ان تقرر ان تدين الهجوم الاسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزة , فلا علاقة تاريخية او دينية او جغرافية او حتى مصلحية , ولا علاقات جوار ولا علاقات مصاهرة ولا علاقات ثقافية او تجارية , ما الذي يدفع هذه الدول الى ان تعلن انها تقطع علاقاتها مع اسرائيل احتراما للقانون الدولي .

في حين ان هناك جهات دولية كبيرة تعمل ماكينات غسيل للكذب القانوني و الدبلوماسي و تدعي ان هناك احتراما و تنفيذا للقانون الدولي الانساني في قطاع غزة .

ما الذي يدفع هذه البلدان الصغيرة التي تعاني ما تعاني من ازمات سياسية و اقتصادية و امنية الى ان تصطف في الجانب المشرق من التاريخ في حين ان دولا عظمى تكذب ببساطة و تنافق بوقاحة و تتحدث بلغتين و لسانين مختلفين .

لماذا كان على هذه الدول الصغيرة الثلاث ان تحترم دماءنا و تقدرها و تعتبرها دماء تستحق في حين لم يفعل مثلها القريب و البعيد و القوي و الضعيف و ما بينها .

هذه الدول الصغيرة و الفقيرة الثلاثة يعلن للعالم المتمدن و المتحضر الكاذب و المنافق و الشريك في الحرب على فلسطين ان العالم ليس ملكهم حتى لو امتلكوا كل منصات و ماكينات صناعة الكذب و السرديات المضللة و حاملات الطائرات التي ترسم الحدود و تقيم الانظمة او تقعدها.

و لكن لماذا نلوم او نعاتب من كان مسئولا عن نكبتنا الاولى و ما بعدها ,لماذا نطلب ممن يصنع ازمتنا ان يحلها , اليس هذا عيبا كبيرا بحقنا , ان ننتظر الحلول ممن يخلق و يغذي ازماتنا و كوارثنا .

لماذا نلوم هؤلاء و نقارن افعالهم بافعال دول صغيرة و فقيرة تفهم معنى الانسانية و تقدرها ؟؟لماذا لا نسال السؤال الاكثر اهمية و ايلاما و احراجا ؟؟

لماذا لا يقوم اخوتنا و شركاؤنا في الضرر و الالم و اللغة و التاريخ و الدم , بما قامت به تلك الدول الثلاثة البعيدة وراء البحار .

لماذا هذه المرة يتم فقدان الاتجاه , و يتم التعبير عن العجز , ويتم الاستسلام للهجمة الامريكية الاوروبية .

ان استصدار قرار في الجمعية العمومية للامم المتحدة مهم و ضروري , لانه تعبير عن راي العالم و اتجاهه , و لكن ذلك لا يكفي على الاطلاق في الوقت الذي يتم فيه منح اسرائيل كل ما تريد من وقت و تغطية و حماية .

انا شخصيا , لن اتنازل عن محيطي و جداري و جذوري , ولن اكل او امل عن ايماني بان اخوتي العرب هم ايضا امل و مستقبل , و على الرغم مما قد تثير المقارنة بين مواقف الدول اللاتينية الثلاثة و مواقف اخوتنا من حزن و خيبة امل , الا ان الوقت لم ينقض بعد , ولا بد للصبر و الصمود الفلسطيني الا ان يثمر عنبا و تينا في الصحراء العربية .