وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحرب على غزة الى أين؟

نشر بتاريخ: 08/11/2023 ( آخر تحديث: 08/11/2023 الساعة: 08:54 )
الحرب على غزة الى أين؟

نداء قيسية

دخلت الحرب على قطاع غزة شهرها الثاني ، هذه الحرب التي اشعلتها الهجمة المفاجئة لفصائل المقاومة على مواقع عسكرية اسرائيلية في منطقة غلاف غزة في السابع من اكتوبر " تشرين اول" ،هذه العملية التي اوقعت عددا كبيرا من جنود وسكان منطقة غلاف غزة كأسرى في ايدي حماس وفصائل المقاومة الاخرى ، فوضعت حماس هدفاً لها منذ البداية يتمثل في تبييض السجون الاسرائيلية من كافة الاسرى الفلسطينيين مقابل اطلاق سراح الاسرى الاسرائيلين لديها،وقد شكل وجود عدد قدربـ 260 اسيرا لدى حماس وفصائل المقاومة في قطاع غزة عائقا كبيرا لدى قادة المستوى السياسي والعسكري في اسرائيل بشأن مصيرهم مع بدء العملية الجوية على القطاع ومن ثم اتخاذ قرار بدخول الحرب مرحلة البر .

بدت حكومة نتنياهو في البداية وكأنها تروج لقرار دخول غزة برياً ، لان القرار بالتوغل نحو حدود غزة سيحمل الكثير من العواقب ، فالدخول برياً يجعل القتال من مسافة صفر والذي من شأنه ان يلغي التطور التكنولوجي للعتاد والاسلحة المتقدمة التي يمتلكها الجيش الاسرائيلي ، ان الدخول الى ارض القطاع سيجعل الجيش يتلقى ضربات مباشرة ومفاجئة وفعلا هذا ما حدث، وعلى الرغم من ان ماكنة الاعلام الاسرائيلية التي تعمل تحت رقابة المؤسسة العكسرية في اسرائيل لا تنشر الحقائق حول الخسائر وعدد القتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي حفاظاً على معنويات الجيش ومن أجل رأي عام هادئ وواثق في مؤسسته العسكرية والسياسية، الا ان وحدة الاعلام العسكري لفصائل المقاومة نشرت فيديوهات أظهرت ضربات تلقتها الآليات العسكرية الاسرائيلية من مسافة صفر .

قامت الحكومة الاسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة بإستدعاء 360 ألف جندي من جنود الاحتياط ،واصبحت وسائل الاعلام الاسرائيلية بين الحين والاخر تبث تصريحات لمسؤولين حول ان الحرب البرية على غزة هي الحل الامثل لإستعادة الاسرى وحفظ الامن القومي الاسرائيلي واعادة اسراهم واخرين ممن يحملون جنسيات أجنبية وخصوصا الامريكية ، الا ان الضغط من عائلات الاسرى الاسرائيليين واحتجاجهم المستمر حول مصير حياة ابنائهم اخر قرار الحرب البرية .

وبحسب مسئولين من المستوىين السياسي والعسكري ، فإن الحرب البرية على غزة ليست الا في البداية وان عملية اجبار السكان على النزوح من شمال القطاع الى جنوبه لا تعني ان الاهداف العسكرية متمثلة في الشمال فقط، بل ما هي الا مرحلة بداية تتمثل في تطهير منطقة غلاف غزة من فصائل المقاومة وايجاد مساحة حرة للتحرك فيما بعد، ومن ثم تحقيق اهداف اخرى وصفتها بالدقيقة، تتمثل في تقويض القدرات العسكرية والدفاعية لحركة حماس واكتشاف شبكة الانفاق وتدميرها، ووضعت هدفاً يتمثل في اغتيال اسماء بحد ذاتها وصفتها بالمسؤولة عن احداث 7 اكتوبر مثل "يحيى السنوار " ، وتدمير تشكيلات حماس بناء على معلومات استخباراتية . ان ما يجري منذ 27 اكتوبرما هو الا مرحلة المنطقة الشمالية من القطاع، وخصوصا تلك القريبة من الحدود ،وسيأتي الدور على منطقتي الوسط والجنوب واللتين لم تتخد حكومة نتنياهو قرارا حتى اللحظة بشأنهما .

وفي محاولة من حكومة نتنياهو لأن تظهر صورة جيشها المحقق للاهداف سمح لمراسلي بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية وتحت الرقابة العسكرية بمرافقة الجيش لحدود غزة الشمالية والتي نشرت ان الجيش يحقق اهدافاً عسكرية على ارض المعركة ولكن ببطء وحذر ويكون ذلك بحماية سلاح الجو وان هناك ثمناً باهظاً لهذه العملية البرية .

ولكن ما زالت اسرائيل بعيدة المنال من الهدف الاساسي الذي وضعته لهذه الحرب التي أجبرت عليها على حد قولها، والمتمثل بالقضاء على حركة حماس من خلال مناورة عسكرية طويلة الامد وفي فترة قد تكون صعبه للغاية، ولكن السؤال الاهم هنا هل يمكن لاسرائيل ان تتحمل حرباً طويلة الامد ؟ وقد تكون الحرب على أكثر من جبهة، مما ينذر باتساع رقعة الصراع والذي من شأنه ان يحمل تبعات اقليمية ودولية وسط تشجيع ودعم عالمي للهجوم على غزة ، هذه الحرب التي تنطوي على خسائر كبيرة ولحظات صعبة وجهد حربي ومادي على حد تعبير وسائل الاعلام الاسرائيلية ، وبالعودة الى ما قاله الكولونيل كوبي ماروم الخبير في الامن القومي " ان التحدي الذي يواجه الجيش الاسرائيلي في القتال داخل غزة لم نعرفه من قبل، ولا يشبه اي تحد واجهه الامريكيون من قبل ،هذه المدينة محصنة على مستوى لم يكن موجودا، وهناك مجموعات قتالية متنوعة ، هذا سيستغرق أشهرا وبعد كل هذا ما زالت حماس تقاتل ونظام التحكم يعمل بقوة ونشاط، وكأنه يقول ان الامر على ارض الواقع يجعل من الاهداف التي وضعتها القيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية صعبة التحقيق ومبالغاً فيها .