وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العدوان وكشف العورات والمستور

نشر بتاريخ: 14/11/2023 ( آخر تحديث: 14/11/2023 الساعة: 15:58 )
العدوان وكشف العورات والمستور

الهاشمي نويرة

لا نكاد نعثر في صفحات التاريخ القديم والحديث على حجم "تضامن" ومساندة بمثل ما نعاين على مدى الأيام والأسابيع الأخيرة من وقوفٍ للعالم الغربي الرسمي إلى جانب دولة الاحتلال في عدوانها الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة الغربية ،وذلك نتيجة التجييش غير المسبوق لمختلف وسائل الإعلام والإتصال ومنصات التواصل الاجتماعي .
وإنّنا نقرأ في "انتفاضة" العالم الليبرالي الغربي الرسمي لمساندة دولة الاحتلال ، دليل إضافي على أنّ عملية "طوفان الأقصى" ليوم 7 أكتوبر 2023 , أحدثت زلزالا حقيقيا في منظومة العلاقات الدولية وفي منظومة الأمن التي أرست دعائمها توافقات ما بعد الحرب العالمية الثانية ، وبالخصوص كشفت هذه العملية هشاشة الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي والمجتمعي لدولة الإحتلال الإسرائيلي ، ما دفع حكّام مجموعة الدول الكبرى إلى التحركّ العاجل وبقوّة لا نكاد نرى مثيلا لها في السابق .
وعملية "طوفان الأقصى" رغم كلفتها الباهظة على الشعب الفلسطيني ، كانت الفرصة الكبيرة التي كشفت الوجه الحقيقي والبشع لدولة الاحتلال وعرّت بما لا يدع مجالا للشكّ طبيعة الترابط بينها ومجموعة الدول المتحكّمة في العالم كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول حاملة لواء الديموقراطية والحرية وحقوق الانسان والشعوب .
وإذا كانت عملية "طوفان الأقصى" أحدثت مثل هذه التداعيات على الجانب الرسمي في العالم الغربي الليبرالي ، فإنّ ردّة فعل الاحتلال ضدّ الشعب الفلسطيني كانت شديدة وأكثر من صادمة للرأي العام الدولي وبالخصوص في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وقد لاحظنا على مدى الأيام الماضية الحشود الهائلة وغير المسبوقة التي خرجت الى الشارع عواصم هذه الدول نصرة لفلسطين وللقضية الفلسطينية ، وهو ما يدلّل على حدوث شروخا بين الأنظمة الرسمية في دول الغرب الليبرالي وشعوبها ومجتمعاتها وخصوصا في صفوف الشباب ، حيث تراجع دعم دولة الاحتلال الاسرائيلي الى ما دون ال50 في المئة ، وقد أظهرت نتايج استطلاع حديث للرأي أنّ شريحة الشباب بين 18و50 سنة يساندون بقوّة حقوق الشعب الفلسطيني ، ويبدو أنّ جيل الشباب في هذه الدول بدأ يتخلّص بالكامل من تأثيرات الدعاية الصهيونية التي خلقت على مدى السنوات موجة من التعاطف والتضامن ما تزال ملامحها بادية عند من فاقوا سنّ الخمسين ، والأحد الماضي كانت نسبة مشاركة الشباب في مظاهرة باريس التي حملت عنوان التصدّي لمعاداة السامية ، ضعيفة للغاية وهو ما يؤكّد هذا المنحى الجديد .
ويمكن الجزم بأنّ هناك بالنسبة لدولة الاحتلال ما قبل عملية "طوفان الأقصى" وما بعدها ، بعد أن أصبح شبح الموت والدمار المحقّق بخيّم على المستوطنين وجيشهم ، في حين أنّ الحرب على غزّة والضفة فهي عنوان لعودة الروح للقضية الفلسطينية ، إن كان ذلك على المستوى الدولي أو على المستوى الاقليمي العربي .
وفي هذا الصدد قدّمت القمّة العربية الإسلامية التي حضرتها 53 دولة غطاء سياسيا ودبلوماسيا مهمّا الشعب الفلسطيني صاحب الحقّ في قضية كشفت عورات وزيف المنظومة القيمية لمجتمع غربي طالما أصمّ آذاننا بالحديث عن حقوق الانسان والشعوب .
قمّة عربية اسلامية أرادوها إطارا لتصفية نهائية للقضية الفلسطينية فجاء بيانها الختامي مدينا لجرائم الحرب التي تنفذها دولة الاحتلال ومطالبا بالوقف الفوري للحرب والعدوان وفتح مسالة المساعدات الانسانية ورافضا لعمليات التهجير القسري ضدّ فلسطينيي غزّة والقطاع ومتمسّكا بحقّ الفلسطينيين في دولة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية على جورها ، ويبقى من حقّ الدول إبداء بعض التحفظات لأنّ هذا حقّ سيادي تمارسه كلّ دولة وهو في كلّ الحالات لا يُنقص شيئا من السقف العالي للبيان ، إذ ليس من السهل توحيد مواقف 53 دولة حول هذا الموضوع خصوصا في هذا الظرف التي تجنّدت فيه كل القوى الدولية لتصفية القضية الفلسطينية بصفة لا رجعة فيها .
ويبقى صمود الشعب الفلسطيني على الأرض هو صمام الأمان بالنسبة لقضية تمثّل وصمة عار في جبين الانسانية ، وكلّ الأطراف في هذا الصدد هي إلى زوال وتبقى فلسطين.