وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ما بعد اللحظة في غزة

نشر بتاريخ: 13/12/2023 ( آخر تحديث: 13/12/2023 الساعة: 20:22 )
ما بعد اللحظة في غزة

برهان السعدي

برز السؤال الهام على لسان الرئيس الأمريكي جون بايدن، عندما هرع بسرعة صواريخ بوارجه وطائراته لزيارة الكيان الإسرائيلي دعما وانتشالا له، من أزمة وجود تهددته بفعل قيام عدة مئات من المقاومين في غزة، بأسلحتهم البسيطة لدى العبور التاريخي لأعظم وأمتن حاجز حدودي بخرسانته الباطونية لعمق عدة أمتار، وأشياكه المدعمة بأحدث التقنيات الالكترونية وأحدث الأنظمة الأمنية العالمية التي كانت تسوّق لدول العالم أوروبية وآسيوية. وبعد اجتماع بايدن مع رئيس وزراء الكيان الذي كان يترنح من هول الصدمة، ومن أفكاره المتشعبة حول ماذا سيفعل من أجل محو صورة الهزيمة التي حددت نتيجة حربه وعدوانه على غزة قبل أن تبدأ، سأله ماذا بعد انتهاء الحرب في غزة؟؟!! طبعا، لم يكن نتنياهو يملك أفقا واضحا للإجابة على هذا السؤال الصعب، وكأنه امتحان.

فالأهم عند نتنياهو شطب صورة العار الذي لحق بجيشه ومؤسساته الأمنية والعسكرية والمعلوماتية، فكان قراره الأحمق بأن يفرغ شمال غزة من سكانه الذين هم مواطنون فلسطينيون أبا عن جد، وبتسلسل تاريخي عبر مئات القرون، تحت شعارات اندمجت بأهداف هوائية عبثية غير قابلة للقياس، وبالتالي يستحيل تحقيقها. فباشر بقصف جوي وصل حافة الجنون وتجاوز معايير الإرهاب الدولي، وجرائم الحرب، إلى حد يمكن وصفها جرائم بحق الإنسانية. فلا يهم قيادة الاحتلال ذلك، المهم أن تعلق في أذهان العالم صورة جديدة، قتل ودما وهدم، بدلا من الصورة التي هزت وجود إسرائيل وكشفت زيف حقيقتها.

أخذت قيادة العدوان في إسرائيل تشطح بتفكيرها، فطرحت أهدافها بوضوح بأنها ستعيد الرهائن الإسرائيليين من احتجازهم لدى حماس، وأنها لن توقف الحرب إلا بعد القضاء على حركة حماس، وأنها ستحتل قطاع غزة، ولن تسلمه إلى السلطة الفلسطينية التي رفض رئيسها إدانة هجوم حماس على أراضيها. وأخذت قيادة إسرائيل بتوجيه إعلامها عبر ماكينات إعلامية إسرائيلية وأوروبية وأمريكية رسمية بشيطنة المقاومة الفلسطينية، وأهداف شعبنا الفلسطيني بالتحرر كأنها أعمال إرهابية تتهدد وجود دولة إسرائيل حسب ادعاءاتهم. وصورت السابع من تشرين أول المجيد بأنه أساس الإرهاب، وصدرته كأحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 عند انهيار برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن السفلى في مدينة نيويورك.

وقد هرعت إلى المنطقة حاملات طائرات أمريكية وأخرى أوروبية، وحدد إدارة البيت الأبيض وقيادات عدة دول أوروبية موقفها المعلن بوضوح الداعم لأهداف إسرائيل باجتثاث حماس واستئصالها من غزة، وكأنهم يتحدثون عن اجتثاث بعض الأعشاب الضارة في حقولهم، غير مدركين أن هذا تنظيم لها امتداداته الجماهيرية والفكرية والعقائدية، وأنه ليس مجرد مجموعات من المسلحين، إنما جزء أصيل ومهم من الشعب الفلسطيني الذي يشكل حاضنة له. وحقيقة الأمر أن المستهدف ليس رأس حماس، إنما رأس الشعب الفلسطيني ووجوده في أرض وطنه، وصلابته وصموده وأدوات قوته، ليكون مجرد ركام بشري.

والمستمع لتصريحات قيادة الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة، يعتقد للوهلة الأولى أن الجيش الإسرائيلي بكافة ألويته وأجهزة أمنه على وشك حسم الحرب المعلنة من طرف واحد على مجهول، أو لنقل على مدن ومخيمات قطاع غزة، من أبراج مكتنزة الكثافة السكانية الأكثر ازدحاما سكانيا في العالم نسبة إلى حجمها الجغرافي البسيط، ومن مستشفيات صورتها أنها مراكز إرهاب، ومدارس وأماكن إيواء، واعتقدت قيادة الحرب في إسرائيل أنها حققت انتصارا وحسما لحربها، بقتلها ما يزيد عن 18 ألف معظمهم من الأطفال والنساء، وبلغ عدد الجرحى قرابة 50 ألف شخص، وهذا ضمن مجازر مروعة وإبادة جماعية في أحياء سكنية، حيث أن الغارات الجوية الإسرائيلية كانت تمسح مربعات سكنية بكاملها من أجل حسم الحرب (حسب إعلان وزارة الصحة في غزة بتاريخ 11/12/2023).

يبدو أن تفكير قيادة الحرب الإسرائيلية على غزة، تعتبر أن الحجم الهائل من الخسائر البشرية يمكّنها من أن ترى الرايات البيضاء كدلالة استسلام، كما فعلت اليابان لدى قصف هيروشيما وناغازاكي بالنووي الأمريكي، حيث أعلن الامبراطور استسلام بلاده. غير مدركة أن الحرب على الشعب الفلسطينية لم تبدأ قبل شهرين ونيف، إنما منذ الهجمة الاستيطانية الصهيونية على فلسطين بدعم كلي وتسهيلات بريطانية، مع تواطؤ دول أوروبا الاستعمارية التي دعمت فكرة قيام دولة لليهود على أرض فلسطين، على حساب الشعب الفلسطيني لحماية مصالحها الاستعمارية في المنطقة العربية، بل والشرق أوسطية. فكانت المجازر بحق أبناء شعبنا من مواطنين آمنين في قراهم ومدنهم وعزبهم، بهدف ترحيلهم وتوطين من لا حق له في فلسطين بدلا منهم. لكن الشعب الفلسطيني لم يفكر بالاستسلام، ولا بالتخلي عن هويته رغم عدم امتلاكه في كثير من أحيان بطاقة سفر أو بطاقة شخصية تثبت فلسطينيته، لكن الفلسطيني في أرض وطنه التي كانت جزءاً من دول عربية أو خاضعة للاحتلال عام 1948 أو في أماكن تشرده وشتاته، بقي يحمل فلسطينيته في فكره وقلبه وطموحه وتربية أطفاله، فلم يقل الفلسطيني في مخيم اليرموك أنه سوري، ولم يقل ابن صيرا أو عين الحلوة أنه لبناني رغم ولادته ومنشئه فيها، ليس عدم تقدير لتلك الدول الحاضنة للاجئي شعبنا، إنما تمسكا بهويته، وإيمانا راسخا بحقه في العودة إلى بلده الأصلية، التي تم استبدال تسميتها بمسميات عبرية، وإنتاج ثقافة عبرية كبديل عن المعالم الثقافية الأصيلة، لكنهم ورغم 75 عاما من الاحتلال، بقيت شجرة الزيتون والميرمية والصبر والمقابر المهدمة وطيور الدوري تنطق بفلسطينيتها وعروبتها. وهذا ما يغيض القوى اليمينية الفاشية الحاكمة في إسرائيل، فجاءت فكرة يهودية الدولة، على أمل أن يحققوا حلمهم المنشود بعبرنة الأرض والشجر ودفنهم أي معلم ثقافي يوحي لذاكرتهم قصيرة التخزين بأن هذا الحيز الجغرافي يهودي الامتداد والوجود، غير مدركين أن تصرفاتهم توحي لهم بأنهم غرباء ومرفوضون حتى من طبيعة الأرض الفلسطينية.

فاعتقدت قيادة الحرب الإسرائيلية أنهم بهذه الإبادة الجماعية في غزة يمكنهم تحقيق ذلك، فأمعنوا في القتل والدمار، لكنهم لم يدركوا أنهم لو امتلكوا قوة طرد أهل غزة من وطنهم إلى جوار وطنهم، لبقي هذا الرعب يواجههم، لأنهم لن يفقدوا فلسطينيتهم، وسينتفضون من أجل حريتهم وتحرير وطنهم، واستقلالهم، كما أن تلك القيادة لم تدرك أن كل فلسطيني مؤمن إيمانا راسخا، ومن منطلقات دينية عقائدية أنهم سيبقون مرابطين في وطنهم، أي في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. لذا لن تستطيع كل أدوات الفتك والبطش والقتل والتدمير أن تقتلعهم من وطنهم المقدس، أرض الرباط.

كان من الأجدر على قيادة الكيان الإسرائيلي أن تتعامل بواقعية لصالح شحن بطاقة وجودها لسنوات إضافية بالتعايش مع الشعب الفلسطيني في دولة جارة له، لأن هذا بحد ذاته، تنازل من الفلسطيني لصالح عدوه، بل كان الأجدر من الإسرائيلي أن يطالب الفلسطيني بقبوله مواطنا في دولة فلسطين العربية، بدلا من أن تكون له دولة استعمارية، وبدلا من أن تتحول قيادة هذا الكيان وجيشها ومؤسساتها وشرائح عديدة من مجتمعها إلى قتلة على حد تعبير أولمرت رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، الذي وصف نتياهو بأنه كارثة وطنية على إسرائيل، وأكد أن قيادة إسرائيل وشعبها هم قتلة. حتى أن نتياهو الذي يجلس على رأس الهرم الإسرائيلي أكد في أكثر من مناسبة أن سيسعى جاهدا لتجاوز عقدة ولعنة العقد الثامن وأنه سيحاول أن يمد في عمر دولة إسرائيل. ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق أيضا إيهود باراك تطرق لهذا الأمر، ونادى مؤخرا بإسقاط نتنياهو لأنه فشل في قيادة إسرائيل وحربها.

إذن، جميع تصريحات قيادة الحرب في إسرائيل مجرد أوهام وهذيان، فالخسائر اليومية في صفوف الجيش الإسرائيلي يوميا متزايدة، وخسارته لأحدث آلياته القتالية متسارعة ومتراكمة، مما يؤكد أن العقل والمنطق والميدان يدرك أن هزيمة إسرائيل في غزة متحققة، ومجرد مكابرة نتنياهو الذي لا تهمه خسارة جيشه بقدر ما تهمه مصالحه الشخصية هو السبب في إعلان هزيمته في غزة. وأن التلويح بالانتقال إلى قيامه بإعلان الحرب على أجهزة أمن السلطة الفلسطينية هي مجرد منفذ له للخروج من وحل غزة، إضافة أن هذا التصريح هو رغبة جامحة تساور الأحمق بن غفير وزير الصدفة الفاشية، الذي لا يستطيع سوى بث سمومه وعجزه، فيلاحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين للتضييق عليهم وإذلالهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الحياتية الإنسانية، ورغبة سموتريتش الذي وضع خططه منذ سنوات لتهويد الضفة الغربية، وخطته ترتكز على أحد أمور ثلاثة: التهجير الطوعي مع مكافأة مالية، أو البقاء كعبد تخدم إسرائيل دون حقوق، أو القتل. فزبانية حكومته هم مأفونون قتلة، مرفوضون حتى من الدول الداعمة لوجود إسرائيل سواء البيت الأبيض أو دول أوروبا.

وأمام هذا، يبرز السؤال: ما هو مستقبل قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر؟؟!! صحيح ما قيل ويقال أن ما قبل السابع من هذا الشهر المجيد ليس كما بعده. لكن، وأمام التطورات المتلاحقة ميدانيا وانعكاساتها، تكون صيغة السؤال ماذا بعد هذه اللحظة المعاشة؟؟

الخلاف حول هذه النقطة وغيرها بين الولايات المتحدة وإسرائيل أضحت بارزة، وأن حكومة بهذه العينات الحاقدة بعنصريتها وممارساتها العنصرية الوقحة تشكل عبئا على إدارة البيت الأبيض وأوروبا، فالمطلوب تغييرها. ومن جانب آخر، إن موقف نتنياهو باحتلال أجزاء من غزة كما يعلن وكأنه صاحب القوة والحسم، ورفضه عودة السلطة الفلسطينية يبقى مرفوضا لدى الإدارة الأمريكية.

إذن ما هو السيناريو الممكن لغزة؟؟ طبعا هناك إرادتان، فتجاهل إحداهما لرسم مستقبل غزة هو قفز عن واقع وتسويق أحلام. فعندما تكون الولايات المتحدة وحدها أو إسرائيل وحدها في الميدان، يمكنها رسم ما تريده. أما بوجود مقاومة متزايدة، بنتائج ميدانية تستكمل صورة انتصار السابع من تشرين أول يجعل جميع السيناريوهات قسرية وحليفها الفشل، أو أن تحدد أن استمرار الحرب على غزة وشعبها هدف ثابت.

لكن الظاهر من تصريحات ومواقف البيت الأبيض مؤخرا، تنفي احتمالية وجود أو ثبات هذا الهدف. مع ضرورة إدراك أسباب قدوم حاملات الطائرات والبوارج إلى شواطئ قبالة غزة، فهل الحرب على قطاع جغرافي صغير المساحة يحتاج إلى هذا الثقل من الضخامة؟؟!! لا بد أن يكون شيء آخر.

قناة البحرين الواصلة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض هي مشروع اقتصادي واستراتيجي أصبح واضحا، لكنه يحمل في المقابل عداءً كامنا للصين الشعبية، وفشل المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة في أوكرانيا، يمكن أن تكون غزة كعنوان بديل لهم في إقصاء روسيا، فالأوراق متشابكة ومتداخلة. فما هي مداخل ذلك؟؟

هناك معادلة واضحة تشمل الصين وروسيا وإيران وحزب الله اللبناني وقوى عراقية واليمن المسيطر على طرق التجارة البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب والذي أعلن حربه على السفن الإسرائيلية وكل ما يتجه إلى الموانئ الإسرائيلية. مع عدم وجود رغبة لدى الأطراف بالبدء بحرب إقليمية أو دولية، لكن المعسكرين تتضح معالمهما وكل له مصالحه، ولن يتخلى عنها، وكل يعمل في مطبخه بهدوء.

تدرك الولايات المتحدة أن التطورات على ساحة غزة ساعدت في إنضاج قيام دولة فلسطينية، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا بد من حماية هذه الدولة الناشئة، لذا لا بد من إيجاد قواعد عسكرية لحلف الناتو في غزة تحديدا. هذا هو الشعار، أو الهدف المعلن، لكن الولايات المتحدة تهدف إلى السيطرة على حقول الغاز في شواطئ غزة، كما سيطرت على حقول النفط في سوريا والعراق. وهذا يشكل طموح الولايات المتحدة، ومن خلال ذلك، تكون قد أزاحت الوجود الروسي من هذه المنطقة، وأضعفت الوجود الصيني بتحويل ممر التجارة الذي كانت تسعى الصين إلى إيجاده.

هذا السيناريو لم يكن يطرح بهذا الشكل لولا السابع من تشرين أول من هذا العام، وما تبعه من فشل للآلة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة رغم ما أحدثته من قتل ودمار. حيث لا يمكن اعتماد المصالح الأمريكية على جيش يقف عاجزا أمام مئات من المقاومين، وفي رقعة جغرافية قليلة الساحة في طولها وعمقها.

لكن اللاعب الأساسي والذي يحدد مستقبل غزة هو صاحب الفعل في الميدان، بطل العبور في السابع من تشرين أول، والذي كسر شوكة الجيش الإسرائيلي بتكبيده الخسائر غير المعهودة في أعداد قتلى الجيش الإسرائيلي، وتدمير أحدث وأقوى الدبابات في العالم كما تم تسويقها المركباة وناقلات النمر المتطورة. هذا اللاعب الأساس في ميدان القتال وميدان السياسة، فالمقاومة في غزة بكافة تشكيلاتها وفصائلها منسجمة في تفكيرها وأدوات فعلها، وقيادة القسام وقيادة حماس في غزة هي صانعة القرار، وليست قيادة حماس في خارج الوطن سواء المتواجدة في تركيا أو قطر.

ولا بد من إدراك أن عناصر القوة على الأرض منذ السابع من تشرين أول هي أوراق الضغط التي يجب استثمارها لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة، والتي يتغنى بها أطفال وشباب فلسطين، والتي تغنى بها مرارا القائد الراحل ياسر عرفات، والتي بشر بها القائد الشهيد أحمد ياسين. فتحرير الأرض وإقامة الدولة المستقلة لن يكون من خلال ملفات تكدست في أدراج الأمم المتحدة، وإن مواقف الدول الأوروبية وغيرها يؤكد حقيقة أن الدولة الفلسطينية لن تقوم بجهود أوروبية فهي التي أنشأت إسرائيل على جماجم أجدادنا، ولن تدفع بجهود جدية وحقيقية ضاغطة على إسرائيل من أجل قيام دولة فلسطينية. فالاستقلال وكنس الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية بحاجة إلى أوراق قوة ضاغطة على الطاولة، ومجرد مظاهرة أو رشق حجارة أو صرخات من حناجر صادقة لن يشكل ضغطا على الاحتلال ورعاع مستوطنيه الذي يزداد تغولهم مع إشراقة كل يوم جديد.

إن الواقع الجديد شكل أوراق قوة يمكن استثمارها على أرض الواقع، وبوجود قيادة موحدة للشعب الفلسطيني كشرط، مؤمنة بعدالة قضيتها، وبربها، ولا تتردد في تبني قوة مقاومة شعبها في غزة وكافة أماكن الوطن، ولديها الجرأة بتبني أبناء شعبها المقاومين الذين يحققون بقواهم الذاتية انتصارات ميدانية، لا تستطيع أسلحة وجيوش الاحتلال وقفها أو كسرها. إن تحقق هذا الشرط، يمكن لهذه القيادة الفلسطينية أن تحقق دولة في حدود مشروع التقسيم، خاصة إن أوجدت قوى عربية وإسلامية ودولية مثل الصين وروسيا، لتكون نصيرة لأطروحاتها، التي ستلتف حولها جماهير شعبنا في كافة أماكن تواجدها، وجميع الجماهير والقوى الحرة والمناصرة لفلسطين في جميع أنحاء العالم.

وأمام عدم وجود قيادة بهذه المواصفات، فإن أوراق القوة الحالية تفرض قيام دولة فلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران عام 1967م، وبشروط فلسطينية، ويمكن أن تكون طواقم التفاوض في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، من شخصيات تختارها قيادة المقاومة في غزة، بمواصفات الانتماء والحنكة ومن ذوي التجربة في مقارعة الاحتلال بصلابة داخل المعتقلات الإسرائيلية، مع عدم اجتهادات على غرار اجتهادات مفاوضات أوسلو. والقرار لا يكون بيد المفاوض، إنما معه خطة يسير عليها أما مرجعيته في الإطار المرجعي الفلسطيني الذي تحدده قيادة المقاومة، في إطار م. ت. ف. بهذا يمكننا كنس الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.

وعلى أبناء الشعب الفلسطيني الالتفاف حول قيادة المقاومة، والتأكيد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الجامع والممثل لجميه شرائح وقوى شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده. لذا تشكل هذه المقالة مفاتيح لتصحيح المسار باستثمار انتصارات المقاومة، ودعة لدخول جميع القوى الفلسطينية المقاومة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية على أرضية برنامج مقاوم، استكمالا لتحقيق البرنامج الوطني الذي تسهم حاليا مقاومة شعبنا في غزة تحديدا، وكافة أماكن الوطن بتحقيق البرنامج الوطني الذي انطلقت فصائل الثورة الفلسطينية من أجل تحقيقه منذ انطلاقة الفاتح من كانون ثاني عام 1965م.