|
لشاعر سليم النفار أبا مصطفى سنفتقدك كل صباح ومساء
نشر بتاريخ: 14/12/2023 ( آخر تحديث: 14/12/2023 الساعة: 08:44 )
سنفتقدك كل صباح بوجهك الصبوح وابتسامتك الأخاذة ، سنفتقد حدثيك الحلو يا طيب المعشر نبحث بين ثنايا الوجع عن دخان سيجارتك المتوهجة لا تنطفىء إلا قليلاً لتناولني واحدة قائلاً "مش مأخذين شي من الدنيا"، سابقى ومعي كثر ننتظر أن يرن الهاتف ويرتسم اسمك على الشاشة تبحث عنا لنجلس قليلاً نرتشف قهوة الصباح في مؤسسة معين بسيسو التي كنت من أوئل ممن بحثت معه اهمية العمل تأسيس مؤسسة تحمل اسم شاعرنا الكبير معين وتليق بمكانته وحين نجحنا في ذلك قبل عام ونصف غمرتك فرحة ونشاط محموم للإعلان عنها في مشهد وطني وثقافي مهيب ، سنفتقد حديثك الطيب عن رحلة اللجوء من شواطىء اللاذقية حيث نشأت لعائلة مناضلة فقدت اباك الشهيد مصطفى النفار مطلع سبعينات القرن الماضي في عرض البحر قبالة بيروت وهو ينقل السلاح للمخيمات في خضم الحرب التي استهدفت شعبنا ، كنت فتىً عاش يتيم الأب وتحملت ليلى امك الصابرة التي رحلت قبل اقل من عام عبىء تربية عائلة تميزت بطيبتها عاشت حياتها بالكفاف والاحترام إلى أن شببت واكملت تعليمك في جامعات دمشق ، وحين اشتد الخطب كنت واحدٍ من ابطال العمل الفدائي حيث أصريت بعناد رغم صغر سنك للتطوع بصفوف الثورة أبان ملحمة الصمود في بيروت ، سنفتقدك سليم وأحاديثك الحلوة عن مصطفى وقلقك على مستقبله وانت ترتب أمور تقاعدك من الوظيفة العمومية قبل شهرين ، سنفتقدك وانت تعمل بجهد عصامي لضمان مستقبل كريماتك ليلى ولمى وجومانا ، واجزم ان قلقك هذا دفعك للتنقل بهم من مكان لاخر بحثاً عن مكان آمن فلم تجد ، سأفتقدك ونحن نتابع قلقك مستقبل أخيك المريض سلامة وأسرته وان نعمل لتحويل راتب والدك الشهيد له بعد رحلت ليلى التي سبّلت عيناها بأصابعك وطبعت على جبينها قبلة عند الرحيل ، تفاصيل الحياة الخاصة لأسرتك التي طالما فردت صفحاتها امامي كأخٍ ورفيق لبحث ما أنسب من حلول ، سنفتقدك يا ابا مصطفى وأسرتك وأسرة سلامة التي طالما حملت همومهم كما هموم الوطن فرحلوا كلهم معك يا حبيب القلب ، رحلوا وانت الذي طالما فردتجناحيك اينما حللت مدافعاً عن حرية الفكر ونقاء الثقافة الوطنية وعملت مع زملاءك في اتحاد الكتاب لرفعها. وجعله بيتاً لكل الكتاب والأدباء الفلسطينيون كلهم يا سليم بحثوا عنك منذ أن فقد الاتصال بك وقد ذرفوا الدمع حزناً على غيابك المفجع في تلك الغارة الغادرة التي دمرت العمارة حيث لجأت اليها في طريق عودتك لبيتكم في حي النصر فسكنت وعشرات الشهداء تحت أنقاضها وما زلت ، سليم زملاءك الذين أحبوك في المشهد الوطني كما في واحات الثقافة التقدمية وفي القلب منهم محبيك من طلبة وطالبات جُبت مدارسهم من الشمال للجنوب في نشاط دؤوب لغرس بذور الثقافة الوطنية في عقولهم وطالما قلت إن الحفاظ على الثقافة الوطنية وحفظ الرواية هو مقاومة ، ابا مصطفى نحن زملاؤك في مجلس امناء مؤسسة معين بسيسو وطاقمها واصدقائها أحببناك من صميم قلوبنا وانت المجد المجتهد وقد كنا نحضر معاً لعقد ندوة ثقافية سياسية في ذكرى ميلاده بعنوان "معين بسيسو القائد السياسي والشاعر الثائر " بالتعاون مع جامعة الأقصى وكنت ستشرفنا بتقديم ذلك اللقاء الذي لم يعقد بسبب العدوان المتواصل على شعبنا ، سنفتقدك بكل مشاعرنا الاخوية ، مشاعر رفاق الدرب والمصير والألم ،،، آخ يا سليم كم التهمت هذه الحرب المجنونة من أحبة حزنا لفقدانهم وعليك أكثر ، حزنا وبصقنا على شاشات التلفاز في وجوه المتراقصين على اشلاء أطفالنا ودماء الشهداء ، العاجزين حتى عن انتشال جثامينكم والألاف مثلكم من تحت الركام بعد أن عجزوا عن تأمين حتى كسرة خبز وشربة ماء لما يزيد عن مليونين ونصف من البشر يموتون رويداً رويداً في غزة ،، سليم أظنك رحلت وانت تسحبُ نفساً عميقاً من آخر سيجارة احتفظت بها حتى أزف الرحيل . |