وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رؤية الأمير تركي الفيصل.. معالجة شجاعة وشاملة للواقع الفلسطيني

نشر بتاريخ: 17/01/2024 ( آخر تحديث: 17/01/2024 الساعة: 12:26 )
رؤية الأمير تركي الفيصل.. معالجة شجاعة وشاملة للواقع الفلسطيني

المستشار الإعلامي للمؤسسة العربية الأوروبية عامر ابو شباب

الرؤية التي قدمها الأمير السعودي تركي الفيصل، تحمل مبادئ متكاملة ومعالجة جريئة لإنهاء العدوان الاجرامي على قطاع غزة، ومجمل الاعتداءات الإسرائيلية عبر جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين على الشعب الفلسطيني الأعزل في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

وتعد رؤية الأمير الفيصل الواردة في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان: (الحرب في غزة... الفشل الكبير) إجابة على سؤال المأزق الفلسطيني الداخلي وتداعياته الخطيرة، وتجاوز الاستفراد الإسرائيلي بالقضية الفلسطينية على طريق تصفيتها، وتنسجم مع متطلبات الواقع ضمن روح المبادرة العربية التي تبنتها القمة العربية في بيروت بمبادرة رائدة من الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، وتمثل هذه الرؤية بقوة الاستفاقة العربية من وهم التعايش مع دولة إرهابية تمارس الإبادة والجرائم بشكل رسمي كحكومة وجيش ومؤسسات حكم.

ان رؤية الأمير تعد بمثابة "معالجة تأسيسية"، وتعمل على وقف المحرقة الحالية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وتخرج العرب من حالة العجز، وتواجه بذكاء الضغوط الأمريكية التي تسير عكس اتجاه تبني كل الإدارات الأمريكية مبدأ حل الدولتين دون خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف الذي يجمع عليه العالم من دول ومؤسسات دولية وإقليمية، فضلا عن إعادة رؤية الصراع من منظور عربي جماعي يحمي الأمن القومي العربي ويؤسس للسلام والأمن بشكل واضح على طريق افساح المجال للتنمية والازدهار والرخاء.

ونذكر بالمبادئ الأساسية التي طرحها الأمير تركي الفيصل صاحب التاريخ السياسي الحافل والذي يعتبر أحد صناع القرار في المملكة العربية السعودية في مراحل هامة، وما يحمله من رصيد الحكمة والوعي القومي، وتأتي الرؤية في 10 بنود متكاملة وجامعة وهي:

اولاً: سعي عربي لاستصدار قرار أممي جديد يفرض وقف إطلاق النار الفوري.

ثانياً: فرض هدنة طويلة لمدة 5 سنوات أو أكثر على الطرفين بضمانة عربية للطرف الفلسطيني وضمانة دولية للطرف الإسرائيلي.

ثالثاً: تتوج نهاية هذه الهدنة بقيام دولة فلسطينية بناء على القرارات الدولية (القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والقراران 242 و338).

رابعاً: يلي ذلك مفاوضات جدية لحل نهائي للقضية الفلسطينية مبنية على مبادرة اللجنة الرباعية والمبادرة العربية للسلام.

خامساً: إعلان "حماس" التزامها بميثاق م. ت. ف. وخياراتها السياسية.

سادساً: توافق فلسطيني على قيادة سياسية فلسطينية للقطاع تتولى إدارة شؤونه حتى إجراء انتخابات فلسطينية عامة، (وهنا أرى أن الطريق الوحيد لتجديد القيادة الفلسطينية يتمثل فقط في اجراء انتخابات شفافة ونزيهة مع ضمانات مكتوبة من المشاركين تؤكد دورية الانتخابات بشكل قاطع).

سابعاً: انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع وتبادل الأسرى.

ثامناً: رفع الحصار عن غزة.

تاسعاً: صندوق دولي لإعادة إعمار القطاع تحت إشراف دولي يموَّل من إسرائيل وداعميها الغربيين وأطراف عربية.

عاشراً: منع القيادات الحالية في "حماس" والسلطة الفلسطينية وإسرائيل من أن تتبوأ منصباً سياسياً إلى الأبد.

إن ما سبق يعد "معالجة تأسيسية" لمبادرة عربية يجب تبينها وتطويرها وتشكيل لجنة من وزراء الخارجية العرب تعمل على حمل هذه الرؤية الى العالم ووضع مخطط تنفيذي يشمل كل التفاصيل ضمن، وجدول زمني محدد لتحويلها الى واقع معاش يُؤمن السلام ويفتح طريق الاستقرار والتنمية لشعوب المنطقة.

إن هذه الرؤية تحتاج أدوات ضغط جادة في حال رفضت إسرائيل التعاطي معها تشمل قطع العلاقات وفرض الحصار السياسي والاقتصادي على هذه الدولة التي تهدد استقرار المنطقة، كما يجب أن تطال أدوات الضغط الدول التي تدعم التعنت الإسرائيلي والحد من مصالحها في المنطقة، وأقل جهد في هذا الاتجاه يتمثل دعم الجهود الشعبية للمقاطعة والسماح بالرفض الشعبي المنظم للاعتراض على انحياز أو عجز الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة وألمانيا عن إلزام دولة الاحتلال بما أجمع عليه العالم.

لقد أن الأوان أن تدافع الدول العربية عن استقرار المنطقة وعدم السماح لدولة الاحتلال الإسرائيلي وغيرها من العبث بأمن المنطقة، وعدم قبول أن تبقى دولة الاحتلال الإسرائيلي دون حدود جغرافية واضحة ومتفق عليها تضمن تحرير كافة الأراضي العربية المحتلة منذ 4 حزيران 1967.

إن الدافع الأساسي لدعم هذه الرؤية كأساس لمبادرة ومسار سياسي عربي هو حاجة الشعب الفلسطيني إلى مظلة سياسية فاعلة ومؤثرة توقف معاناته وتحقق طموحه في الحرية والاستقلال وضمان سيادة العرب على قراراتهم باعتبارهم مكون هام لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.