|
حقائق لا بد من ذكرها!
نشر بتاريخ: 14/02/2024 ( آخر تحديث: 14/02/2024 الساعة: 08:57 )
بقلم: د. صبري صيدم
نشرت الأسبوع الماضي مقالاً حول الأكاذيب المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان: آن الأوان لتفنيد بعض الأكاذيب، ما أثار نقاشاً مهماً ومفيداً حول الصراع برمته والواقعية السياسية، ومصداقية تلك الأكاذيب، وصولاً إلى القناعة لدى البعض بأن حصيلة الأكاذيب إنما تفرض حيرة أكبر حول سبل التعامل مع المحتل، في إطار سؤال جوهري طرحه أحدهم مفاده: ما العمل إذن؟
العمل هو في الحقائق التالية، التي لا تشكل أهم الحقائق المرتبطة بالصراع، وإنما بعض أهمها. نعم لن أقول إنها الأهم، لأن لكل منا طريقته في تصنيف الحقائق واعتمادها من عدمه.
■ أولى تلك الحقائق أن خمسا وسبعين عاماً من الصراع فشلت في إذابة الهوية الفلسطينية، فلا الفلسطيني هجر أرضه (إلا قسراً)، ولا هو تحول إلى هندي أحمر، بل بقي ثابتاً، صامداً، متماسكاً ومحافظاً على هويته وأرضه وبقائه. وعليه فإن الحروب مهما بلغت من ضراوة ووحشية، لن تدفع الفلسطيني لهجران وطنه. حقيقة كهذه برزت واضحة أمام هول الجرائم التي يرتكبها الاحتلال وضراوة حروبه وتحديات الانتفاضتين السابقتين.
■ ثانية هذه الحقائق يرتبط بحفاظ الفلسطيني في المهجر على هويته وارتباطه بأرضه، وتوقه للعودة إليها متى أمكن، إضافة إلى تنشئته لأبنائه على حب الوطن، وتعاظم الانتماء الوطني مع مرور الزمن، لذلك فإن القوة العسكرية مهما بلغت وستبلغ من جبروت، لن تدفع الفلسطيني للتنازل عن فلسطينيته، إنما على العكس تماماً، خاصة مع تنامي عرى الترابط بينه وبين التاريخ والحاضر والجغرافيا الفلسطينية على تنوع مضامينها.
■الحقيقة الثالثة، تؤكد أن محاور الضغط التي ابتكرها الاحتلال لصد الارتباط الوطني للفلسطينيين ومن هم من غير الفلسطينيين، بالمقدسات والتراث ومحاولة طمس الهوية ورموزها، من علم ونشيد وفولكلور، لم تنجح رغم محاولته الاستيلاء على بعض المكونات الترائية وحتى بعض الأطباق الشعبية.
■ ومع تنامي الدراية العالمية بفلسطين وشعبها وحقها المسلوب هذه الأيام، فإن الحقيقة الرابعة باتت غير قابلة للتبديد، ألا وهي زيادة حالة التأييد العالمي لفلسطين وأهلها، خاصة من خلال التعاطف مع غزة اليوم، بفعل إيغال الاحتلال بجرائمه وارتكابه مجازر جبارة، طالت البشر والحجر والشجر، وبصورة لم ترها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية.
■ خامسة هذه الحقائق، تؤكد أن سطوة اللوبي الصهيوني على مصانع القرار في العالم، شجعت ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين ولي ذراع الحقائق وتبرير ما يقدم عليه الاحتلال من مجازر وتجاوزات، وهو ما جعل من هذا الدور سبباً رئيساً في تأخير إنفاذ حقوق الشعب الفلسطيني.
■ سادسة هذه الحقائق، تكمن في كون الجيل الجديد من الفلسطينيين وبخلاف آراء البعض، يمتلك ارتباطاً كبيراً، بل كبيراً جداً بالأرض والهوية والانتماء، ويعرف تماماً إلى أين يتجه وما هي المحصلة النهائية لنضال شعبنا وكفاحه في وجه المحتل.
■أما الحقيقة السابعة فترتبط بحال أشقائنا العرب على المستوى الرسمي، الذين وإن سلمنا بحياديتهم، فإننا لن نسلم من كثافة مؤشرات تساوق البعض منهم مع المحتل، وتنفيذ رغباته في إطار إذعانه لجبروت إسرائيل وخوفه على كرسيه وتماهيه مع رغبات الاحتلال، بينما يسعى شعبوياً ليعكس إعلامه صورة تختلف عما يضمره المستوى الرسمي.
■ وعليه فإن الحقيقة الثامنة، ترتبط بالقناعة التي يرددها الفلسطينيون في مجالسهم وهي: يا وحدنا! في إطار التذمر من غياب الأشقاء ودول الأصدقاء وتهاوي قدرتهم على لجم الاحتلال، إن هم تدخلوا لوقف جنونه وعدوانيته.
■ وعليه فإن الحقيقة التاسعة، ترتبط بضرورة وأد الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية عبر رص الصفوف وسد الفُرج وترتيب البيت الفلسطيني.
■ عاشرة الحقائق، التي تستند إلى تاريخ طويل وحقب زمنية ومصائر شعوب سادت وغارت، تؤكد أن الزمن دوّار وأن أحداً لا يبقى على حاله إلا رب الخليقة، وأن حرية فلسطين واستقلالها آت لا محالة، لا من فراغ وإنما من خلال جهد نبذله جميعاً لحماية الحقائق العشر والتسلح بها، وصولاً إلى زوال الاحتلال وإقامة الدولة، فهل تشكل محرقة اليوم فرصة للتغيير والانتصار للحقائق العشر؟ ننتظر ونرى.
|