|
أكتوبر لغزة ورمضان للضفة!
نشر بتاريخ: 21/02/2024 ( آخر تحديث: 21/02/2024 الساعة: 12:26 )
بقلم: د. صبري صيدم
بات واضحاً لسكان هذا الكوكب من أصقاعه إلى أصقاعه ما تريده ماكينة الموت الإسرائيلية وما تطمح إليه، كما بات كوكبنا برمته مقتنعاً بنوايا إسرائيل السوداء من خلال حربها على الشعب الفلسطيني وما أقدمت عليه مجنزرات القتل وصنوف التقتيل. هذه الحرب التي تذرعت بهجوم أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إنما قررت أن تحكم بالإعدام على الكل الفلسطيني حجراً وشجراً وبشرا وصولاً إلى حلمها في تحقيق ما خطط له مسؤولوها ومستوطنوها، عبر ترحيل الفلسطينيين وطردهم خارج حدود بلادهم التاريخية واتمام مصادرة الأرض من النهر إلى البحر.
واليوم تبحث إسرائيل عن حجتها الجديدة في الضفة الغربية لتشعل الأرض تحت أقدام الفلسطينيين هناك وتستكمل تنفيذ مخططها المذكور. ويبدو أن مصنع المكائد في حكومة بنيامين نتنياهو قد وجدوا ضالتهم في شهر رمضان الفضيل لتتفتق أذاهنهم عن إجراءات عنصرية تقود نحو إشعال الميدان بعد فشل إسرائيل في جر الضفة الغربية إلى مربع المواجهة التي تريدها إسرائيل لتكرار ما فعلته في غزة.
فاقتحام المدن والمخيمات وقصف المقرات وتدمير البنى التحتية واستهداف الناشطين وتجريف المعالم الوطنية وتكثيف الاجتياحات، لم تفلح مجتمعة في خلق ردة فعل فلسطينية كبيرة تشكل ذريعة كافية للاحتلال لبدء هجومه على الضفة الغربية.
وعليه اختار مصنع الشر في إسرائيل فرض إجراءات مشددة في شهر العبادة الفضيل لاستفزاز مشاعر الفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حقهم الشرعي والإنساني في الصلاة والعبادة. وهو الذي يعرف مع سبق الإصرار والترصد حساسية هذا الأمر وحراجته ومدى اقترابه من قلوب الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين، وحجم التأثير السلبي الذي يتركه ويقود إليه.
فالفلسطينيون الذين تسلقوا جدار الفصل العنصري ذات يوم رفضاً لهذا الظلم لن يتنازلوا من جديد عن حقهم في الوصول إلى المسجد الأقصى وفرضهم للسيادة الفلسطينية الدينية على القدس والمقدسات وهو ما ستواجهه إسرائيل بقمعها المعتاد ساعية لتفجير الشارع الفلسطيني، وخلق الذريعة المطلوبة لشن محرقتها الثانية هذه المرة في عموم الضفة الغربية. مخطط لطالما انتظرته إسرائيل وبحثت عن طريقة لجر الفلسطينيين إلى مواجهة واسعة تشرعن لها شن هجومها وتحقيق حلمها التاريخي في الإجهاز على الهوية الفلسطينية في الضفة والسعي لترحيلها إلى الأردن، تماماً كما ظهر في المنشورات واليافطات التي رفعها المستوطنون في بعض أرجاء الضفة الغربية.
الاستكانة لهذا القرار طبعاً ليست خياراً فلسطينياً، كما أنه لا يجب أن يكون قراراً إقليمياً أو عالمياً، لأن الفلسطينيين، وكما كل شعوب الأرض، من حقهم ممارسة حريتهم الدينية، ولا حق لأي قوة حاكمة أو محتلة أن تمنعهم.
لذلك فإن ناقوس الخطر لا بد وأن يدق الآن وليس غداً، ولا بد للعالم أن لا يسمح لنتنياهو وعصابته لقيادة هذا المشهد نحو محرقة جديدة هذه المرة في الضفة الغربية بصورة أكبر وأوسع وأشمل.
لقد شاهدت البشرية محرقة غزة وحرب الضفة المستمرة، فكم من محرقة ستحصل على يد إسرائيل قبل أن تقتنع بأن دوام الحال من المحال، وأن الاحتلال حتماً إلى زوال، وأن إسرائيل ليست أكبر من البشرية وقوانينها وشرائعها؟ فهل تستفيق البشرية اليوم قبل فوات الأوان؟ ننتظر ونرى.
|