نشر بتاريخ: 22/02/2024 ( آخر تحديث: 22/02/2024 الساعة: 11:46 )
صرخة أطلقتها طفلة في غزة لتُعبِّر وتجسِّد لنا الحال هناك،
خمسة شهور متواصلة والعدوان الصهيوني مازال مستمراً على قطاع غزة مستخدمين كل أسلحة الدمار الشامل بحق أهلنا هناك ،
عدوان طال الشجر والحجر، شَهِدَ خلاله نزوح النازح ولجوء اللاجئ إلى أكثر من مكان بحثاً عن النجاة وكأنه الهروب من واقع سيء إلى واقع أسوأ.
صور تتناقلها وسائل الإعلام العالمية تعكس حجم الدمار الواقع هناك وحجم المعاناة والمآسي وكأننا نشْتَم من بعيد رائحة الموت مُنتشرة في كل مكان، موت من آلة الحرب وموت بِفعلِ البرد القارص أو الجوع المُدقِع الذي يتربص بشعبنا في غزة، وحيث أن الكثيرون هناك ممَن عايشوا النكبة الاولى والذين يصفون ما يجري الآن هو أفظع بكثير من النكبة الاولى التي واجهوا فيها عناء التشريد ومرارة الفقدان، واليوم ها هم يعيشون الهجرة المتكررة فاقدين كل شيء لكن إلى اللا أمان فلا شبر في القطاع خارج استهداف آلة الحرب، فالآلاف من الشهداء قضوا في أماكن الإيواء التي طُلِبَ منهم التوجه لها كونها آمنة! لكن الحقيقة المُوجِعة تؤكد بأنه لا ملاجئ آمنه ولا مستشفيات ولا مساجد ولا حتى الكنائس فكل هذه الأماكن التي وحسب القوانين الدولية وحقوق الانسان كافة يُمنع التعرض لها، لكن لا محرمات عند حكومة نتنياهو المتعطشة لدماء شعبنا.
حصار منذ اكثر من سبعة عشر عاماً تعرض القطاع خلالها لخمسة حروب عدوانية ارتقى خلالها الآلاف، وهدمت عشرات الآلاف من المنازل وعشرات المُنشآت وانهارت المقدرات الحياتية هناك، لكن هذا العدوان غير المسبوق في العصر الحديث أعاد غزة إلى العصر الحجري ،حيث سوِّيت أحياء ومناطق كاملة بالأرض، وجرفت الشوارع ودُمرت البنيه التحتية بأكملها من صرف صحي وماء وكهرباء واتصالات، وكذلك
المدارس والجامعات ودور العبادة كلها نُسِفَت وكذلك المستشفيات، الأسواق خالية من السلع الضرورية لحياة الناس ، حيث هناك مئات الآلاف الذين لا يستطيعون الحصول على أدنى متطلبات الحياة، الأسعار قفزت عن الخيال حتى وهذا بحال توفرت بعض السلع، وأحياناً إن توفر المال لا تتوفر السلع.
الجوع والمرض لِجانب القصف المستمر الذي لم يتوقف منذ الأربعة شهور حتى اللحظة ولو لدقيقة واحدة، ما يهدد حياة المواطنين ولعل صرخة هذه الطفلة البريئة توقظ بها ضمائر حكام الظلم في العالم، علّهم يوقفوا هذا العدوان الظالم على قطاع غزة الذي يشهد دمار شامل طالَ كل شبر فيه.
لكن ورغم الظلم الكبير والمجازر التي ترتكب على مدار اللحظة
مطلوب التحرك الفوري من قِبل المنظومة الدولية والدول العربية والإسلامية لإنقاذ الشعب الفلسطيني فعلياً لا بإلقاء الشعارات وعقد اللقاءات، علّهم يتمكنوا من إنقاذ الطفولة التي سرقها الاحتلال من عضو أساس في الجسد الفلسطيني.
إن صانعيّ السياسات في العالم يضعون هذه الفئة العامة على رأس أولوياتهم عبر البحث في كيفية توفير المتطلبات الحياتية والترفيهية لأطفالهم باحثين عن تحسين أدوات التعليم والتنمية وخلق فضاءات واسعة لهم لتحسين ظروفهم النفسية
مثل المدارس والملاعب والأماكن الترفيهية ودور الموسيقى والمكتبات وأماكن للاستجمام وحتى طب الرفاهية، بالمقابل فإنّ ما يحدث في فلسطين بفعل الاحتلال دفع بأطفالنا للبحث عن سقف يظللهم ولقمة عيش وحتى رشفة ماء تبقيهم على قيد الحياة، الحال الذي أصبح طموحاً عند أولي الأمر، وهنا نتساءل هل سيبقى حال أطفال فلسطين هكذا أم أن هنالك بصيص أمل بأن يصحى هذا العالم المُتحضّر، وأن تستيقظ إنسانيتهم من سباتها ليوقفوا العدوان، علّ البسمة المسلوبة تعود على مُحيّا هؤلاء الأطفال بعد أن اختفت بِفِعلِ تخاذل هذا العالم الظالم وصمته المتواطئ عن جرائم الاحتلال.