|
الفيتو الأمريكي ودولة فلسطين
نشر بتاريخ: 22/04/2024 ( آخر تحديث: 22/04/2024 الساعة: 16:46 )
لا شك أنّ القضية الفلسطينية عالقة في أروقة المجتمع الدولي، وأنّ مساعي إقامة دولة فلسطينية مستقلة تواجه عقبات، أهمها الفيتو الأمريكي الذي شكّل دائماً ولا يزال حجر عثرة أمام أيّ قرارٍ دولي يدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وهو ما كان مؤخراً في الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار قبول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة. من مبررات رفض تمرير القرار ووفقاً لأكثر من مسؤول أمريكي، هو أنّ ذلك يجب أن يحدث من خلال المفاوضات وليس من خلال الفرض، وأن يكون بموافقة مسبقة من إسرائيل، وهذا مبرّر فيه خرق للقانون الدولي، وإنكار لحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ذلك لأنّ القانون الدولي يُؤكّد على حقّ الشعوب في تقرير مصيرها وإقامة دولها المستقلة، دون أيّ تدخل خارجيّ. كما أنّ ميثاق الأمم المتحدة ينص على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء، ويشمل هذا المبدأ حقّ فلسطين في الانضمام إلى الأمم المتحدة دون أيّ شروط مسبقة من قبل دولة أخرى، بما في ذلك إسرائيل. كما يُمثّل هذ الربط اعترافاً فعليّاً بالاحتلال، ما يُخالف العديد من القرارات الدولية التيٍ تُدينه، وتُؤكّد على حقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ويشجّع إسرائيل على الاستمرار في الاستيطان وضم المزيد من الأراضي دون عواقب، ما يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي. ناهيك عن أنّ الربط بين العضوية وقبول إسرائيل يُعيق نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، ويُحبط آماله ويُعيق تحقيق حقوقهم المشروعة. إنّ قبول فلسطين كعضو في الأمم المتحدة هو حق غير قابل للتجزئة، ولا ينبغي ربطه بأيّ شروط مسبقة من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، ويُعتبر ربطه بموافقة إسرائيل موقفاً خاطئاً يُعيق تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة. وحول اعتبار الولايات المتحدّة بأنّ قبول فلسطين عضواً في المنظمة الدولية يُعيق عملية السلام، ويقوّض فرص التوصل إلى حلٍّ تفاوضيّ للصراع، فالعكس هو الصحيح، حيث أنّ الفيتو هو الذي يُعيقها، ويُرسل رسالة إلى إسرائيل بأنّها تستطيع الإفلات من انتهاكاتها للقانون الدولي دون عواقب، مّا يُشجّع على استمرار الاحتلال وعرقلة مسار التسوية، ومن هنا فإنّ قبول فلسطين كعضوٍ في الأمم المتحدة، يُسهم في تعزيز الشرعية الدولية للقضية الفلسطينية، ويُشجّع على حلٍّ تفاوضيّ عادلٍ للصراع، ويُسهم في تغيير الوضع القائم للمفاوضات، ويُؤكّد على حقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وما معارضة الولايات المتحدة إلّا انحيازاً كاملاً لإسرائيل، وحرصاً منها على استمرار الاحتلال. وقد يكون من مبررات الفيتو الأمريكي البعد الأمني، ويتمثل في أنّ المحافظة على أمن إسرائيل هو مصلحة استراتيجية لأمريكا، وبالتالي تخشى أنّ تُعرّض عضوية فلسطين أمن إسرائيل للخطر، خاصّةً مع تصاعد التوتر في المنطقة. وهنا نقول إنّ الأمن الحقيقيّ لإسرائيل يكمن في السلام العادل والدائم مع الفلسطينيين، وليس في استمرار الاحتلال، والذي يعني استمرار الحق المشروع للفلسطينيين بالمقاومة بجميع أشكالها وفقاً للقانون الدولي، لذا فإنّ قبول فلسطين كعضوٍ في الأمم المتحدة يُسهم في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، ما ينعكس على أمن إسرائيل. ويبدو أنّ هناك مخاوف من قبل الولايات المتحدة من أنّ عضوية فلسطين قد تُلحق الضرر بعلاقاتها مع الدول العربية الحليفة، ما قد يُؤثّر على مصالحها في المنطق، وهذا غير وارد، لأنّ المصالح الحقيقية للولايات المتحدة تكمن في دعم حلّ عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وليس في الحفاظ على الاحتلال. إنّ هذه المبررات، المعلنة وغير المعلنة، تُعيق تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، والفيتو يُعزّز ستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ويُشجّع على استمرار سياسة إسرائيل في الاستيطان وضمّ الأراضي كما سبق ذكره. على السلطة الوطنية الفلسطينية أن تُواصل سعيها للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وأن تستمر الدول الحرة الأعضاء في التقدم بمشروع عضوية فلسطين الكاملة مراراً وتكراراً، وأن تربط الفيتو الأمريكي بمصالح الولايات المتحدة معها. |