نشر بتاريخ: 10/05/2024 ( آخر تحديث: 10/05/2024 الساعة: 23:01 )
تقدّمت فلسطين لأول مرة بمشروع قرار نحو العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2011، ولكنها لم تحصل عليه، بل حصلت على وضع دولة غير عضو لها صفة المراقب بأغلبية كبيرة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بتأييد (138) دولة ومعارضة (9) دول وامتناع (41) عن التصويت.
في 19 نيسان 2024، تقدّمت الجزائر بمشروع قرار لمجلس الأمن يوصي بقبول فلسطين عضواً كاملاً فيها، إلّا أنّ الفيتو الأمريكي حال دون ذلك.
اليوم الجمعة 10 أيار 2024، أيّ بعد أقل من شهر من الفيتو الأمريكي، سوف تُصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار جديد بشأن أحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، بمعنى آخر أنّ الجمعية العامة ستعيد النظر في طلب فلسطين، وهذا القرار الذي يؤكّد على الأحقية القانونية والتاريخية للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كغيره من شعوب الأرض، وإقامة دولته المستقلة، يختلف عن مشروع القرار بالتصويت على العضوية الكاملة.
فالتصويت على الأحقّية يقر فقط بالمبدأ، وبأنّ فلسطين لها الحق، كبقية الدول، أيّ أنه اعتراف بحقّ فلسطين بالعضوية الكاملة، ولكن لا يمنحها هذه العضوية، أمّا التصويت بالعضوية، فإنه يعطي فلسطين الامتيازات والحقوق التي تتمتّع بها الدول كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
أمّا من ناحية التأثير، فإنّ التصويت للأحقية يعتبر خطوة رمزية، ولكنها مهمة، وذلك لأنها تعزّز من المكانة الدولية لفلسطين، وبالتالي تجعل من إقامة الدولة المستقلة أقرب للتحقيق. أمّا التصويت على العضوية، سيجعل من فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة ومعترف بها دولياً، وهذا يعني أنّ لذلك تأثيراً قانونياً وسياسياً كبيراً.
من هنا نرى بأنّ التصويت بالأحقّية كان يجب أن يكون الأساس والأرضية للتصويت للعضوية، وليس العكس، كما عليه الوضع الآن، لأنه من المنطقي أنّ التصويت للعضوية هو الخطوة المتقدّمة والتي كان يجب أن تستند على تصويت سابق بالأحقّية.
ولكن بما أنّ هذا هو الوضع، نأمل أن يتم التصويت اليوم بالأغلبية في الجمعية العامة لصالح مشروع القرار وهو المتوقع، خاصة أنّ هناك عدد كبير من الدول تعترف بفلسطين، وأنّ فلسطين تستوفي شروط قبول العضوية، كما أنّ لها الأحقية استناداً إلى قرار التقسيم (181) لعام 1947، والذي تم تنفيذه من ناحية واحدة فقط، وهو إقامة الدولة اليهودية، ولم يتم تنفيذه فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية.
الفلسطينيون يترقبون التصويت اليوم، وكذلك العالم أجمع، وذلك لأهميته المذكورة آنفاً، ولأن التصويت بالأغلبية لصالح الأحقية يعتبر دعماً للشرعية الفلسطينية واعترافاً دولياً بحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته في إقامة دولته، كما أنه قد يشكّل ضغطاً على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة.
بالنسبة لإسرائيل، فإنّ التصويت للأحقية اليوم يشكّل تهديداً بالنسبة لها، لأنه قد يتبعه تصويتاً للعضوية الكاملة، والتي ستعزّز مكانة فلسطين في المحافل الدولية كافة، وبالتالي تقوّض مكانتها الإقليمية.
وفي حال صدور القرار، سيتم رفعه إلى مجلس الأمن لإعادة النظر في طلب العضوية الكاملة، وبالتالي إصدار توصية إيجابية متسقة مع هذا الإجماع الدولي، وهذا يعني أدبياً وحقوقياً ألّا يقف مجلس الأمن أمام رغبة الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء، لأنه يعمل نيابة عن الجمعية العامة، كما أنه في حال صدور القرار بالأحقية، على الولايات المتحدة وبقية الأعضاء في مجلس الأمن تحمل المسؤولية لقرار الجمعية العامة القديم والجديد.