76 عاماً على نكبة فلسطين المُتواصلة مُنذ 1948 .. الاحتلال يستمر بحرب الإبادة الجماعية

هيثم زعيتر

76 عاماً مضت على نكبة فلسطين في 15 أيار/مايو 1948، لم تُنس الفلسطينيين حقّهم السديد من الاحتلال الإسرائيلي.

أثبتوا دحض مقولة ديفيد بن غوريون: "غداً الكبار يموتون والصغار ينسون"، فإذ بالكبار يغرسون في الأبناء والأحفاد، حُبَّ الوطن وأرض الرسالات السماوية المُقدّسة.

قدّم الفلسطينيون التضحيات الجِسام شهداءً وجرحى وأسرى ومُعتقلين ومُبعَدين، في مسيرة النضال من أجلِ حقّهم بوطن الأجداد والآباء.

وما زال الاحتلال الإسرائيلي، الذي قام على ارتكاب المجازر، يُواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

وما نُفِّذَ من مجازر قبل نكبة فلسطين على أيدي العصابات الصهيونية، ما زال يتكرّر في قطاع غزّة، في العدوان المُتواصل مُنذ 220 يوماً، ما أدّى إلى سقوط أكثر من 35 ألف شهيد، و10 آلاف مفقود، و78 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدميرٍ كُلّي أو جزئي لما تجاوز 400 ألف وحدة سكنية ومُؤسّسة، وتدمير المُستشفيات والمراكز الصحية والطبية، والمدارس والجامعات والمعاهد، والمساجد والكنائس ودور العبادة والمقابر، والمقرّات الحكومية، والمعالم الأثرية ومراكز الإيواء.

هذا فضلاً عن تهجير أكثر من 1.5 مليون نسمة داخل قطاع غزّة، وحصار ما يفوق عن 2.2 مليون مُواطن يُواجهون الجوع والخوف والهلع، جرّاء أكثر من 90 ألف طن من المُتفجّرات ألقيت على القطاع.

ناهيك عن الاقتحامات والمُواجهات في الضفّة الغربية، ما أدّى إلى سقوط أكثر من 460 شهيداً، وعدد من الجرحى، واعتقال الآلاف ما رفع عدد الأسرى في سجون الاحتلال إلى ما تجاوز الـ10 آلاف أسير، فضلاً عن اعتداء المُستوطنين على المُواطنين.

كما اعتداءات الاحتلال والمُستوطنين على المُقدّسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.

كذلك مُمارسة التمييز العُنصري في الأراضي المُحتلّة مُنذ العام 1948، والذي تفاقم مع إصدار "الكنيست"، "قانون القومية لليهود"، بتاريخ 19 تموز/يوليو 2018.

مُنذ نكبة 1948، ما زال العدوان الإسرائيلي مُتواصل، يُواجَه بنضالٍ فلسطيني بدعمٍ عربي وإسلامي ومسيحي، ومن أحرار العالم، لأجلِ إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلّة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين.

محطّات النضال الفلسطيني

لقد مرّت القضية الفلسطينية بمحطّاتٍ مُتعدّدة تحوّلت فيها من الانتداب البريطاني، والنكبة، وخيام اللاجئين، إلى الثورة، والنكسة، وصولاً إلى حُلم الدولة، في طليعتها:

* مُنذ المُؤتمر الصهيوني الأوّل، الذي عُقِد في مدينة بازل السويسرية، بتاريخ 29 أب/أغسطس 1897.

* اتفاقية "سايكس - بيكو"، بتاريخ 16 أيار/مايو 1916.

* "وعد بلفور" المشؤوم، بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917.

* قرار تقسيم فلسطين الرقم 181، بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947.

* 1948-1965: من النكبة إلى انطلاقة الثورة الفلسطينية.

* 1967-1974: من النكسة وإطباق الاحتلال على قطاع غزّة والضفّة الغربية بما فيها القدس - أيّ على كامل فلسطين التاريخية، وصولاً إلى دخول الرئيس ياسر عرفات، الأمم المُتّحدة، بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1974، واعتراف العالم بعضوية "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" كعضو مُراقب.

* 1975-1987: الزجِ بالثورة الفلسطينية بالحرب العبثية في لبنان، وما تلاها من اجتياح جنوب لبنان، بتاريخ 11 آذار/مارس 1978، ومن ثم غزو لبنان في 6 حزيران/يونيو 1982، وخروج الثورة الفلسطينية من بيروت إلى دولٍ عربية.

* اندلاع "الانتفاضة الفلسطينية الأولى" - "انتفاضة الحجارة"، بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 1987 وحتى 13 أيلول/سبتمبر 1993.

* 1987-2004: إعلان استقلال دولة فلسطين في الجزائر، بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، والمُشاركة في مُؤتمر مدريد ضمن الوفد الأردني في العام 1990، قبل أنْ يُصبح الوفد الفلسطيني مُستقلاً، وتوقيع الرئيس عرفات "اتفاق أوسلو" بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 1993، ثم العودة إلى فلسطين، بتاريخ 1 تموز/يوليو 1994.

* اندلاع "الانتفاضة الثانية" - "انتفاضة الأقصى"، بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر 2000 حتى 8 شباط/فبراير 2005، وخلالها استشهاد الرئيس "أبو عمّار" اغتيالاً بالسُم، بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004.

* 2004-2024: تسلّم الرئيس محمود عباس القيادة، وانتخابه رئيساً لـ"مُنظّمة التحرير الفلسطينية" والسلطة الفلسطينية، وانتزاعه من الأُمم المُتّحدة اعترافاً بدولة فلسطين كعضو مُراقب، بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بتأييد 138 دولة، وما تلا ذلك من مُكتسباتٍ حقّقتها دولة فلسطين.

واعترافِ الأمم المُتّحدة بنكبة فلسطين بإحياء الذكرى الـ75 للمرّة الأولى داخل الأمم المُتّحدة، بتاريخ 15 أيار/مايو 2023.

وصولاً إلى استخدام الولايات المُتّحدة الأميركية حق النقض "الفيتو" ضُد مشروع قرارٍ تقدّمت به الجزائر إلى مجلس الأمن الدولي لرفع تمثيل دولة فلسطين إلى عضو كامل العضوية في الأُمم المُتّحدة، الذي حظي بتأييد 12 دولة، وامتناع دولتين، وذلك بتاريخ 19 نيسان/إبريل 2024.

وبعده تأييد 143 دولة طالبت برفع تمثيل دولة فلسطين إلى عضو كامل العضوية في الأمم المُتّحدة، وفق المشروع الذي تقدّمت به دولة الإمارات العربية المُتّحدة، بوصفها رئيسةً للمجموعة العربية للشهر الجاري، وذلك بتاريخ 10 أيار/مايو 2024.

مُحاكمة الاحتلال

مُحاكمة الاحتلال الإسرائيلي في "محكمة العدل الدولية" بالقضية التي رفعتها جنوب إفريقيا بجريمة الإبادة الجماعية، خلال الجلسة التي عُقِدت بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2024، وانضمامِ دول جديدة إلى رفعِ القضية.

أيضاً الشكوى في "المحكمة الجنائية الدولية" ضد مسؤولين إسرائيليين في طليعتهم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني.

إذا كان "الفيتو" الأميركي جاهزاً دائماً لاستخدامه لصالح الكيان الإسرائيلي بمُواجهة الحق الفلسطيني، فإنّ حقيقة الرواية الفلسطينية أصبحت تلقى تأييداً على الصعيد العالمي في مُواجهة زيف ادّعاءات المُحتل الإسرائيلي.

كذلك مُحاولات الولايات المُتّحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي إلغاء وكالة "الأونروا" الشاهدة على نكبة فلسطين، وحق العودة وفق القرار الدولي 194.

رغم مجازر الاحتلال وعدوانه، ما زال الفلسطيني مُتمسّكاً بحقّه ويُواصل نضاله بالأشكال كافة، ومنها "القنبلة الديموغرافية"، حيث أظهر إحصاء "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" أنّ عدد الفلسطينيين في العالم حتى نهاية العام 2023، بلغ 14 مليوناً و630 ألف نسمة - أيّ تضاعف عددهم 10 مرّات مُنذ نكبة العام 1948.

فقد بلغ عدد الفلسطينيين في أراضي دولة فلسطين في قطاع غزّة والضفّة الغربية بما فيها القدس 5.55 ملايين نسمة، وفي الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948 بلغ 1.75 مليون نسمة - أيّ أنّ المجموع في فلسطين التاريخية بلغ 7.3 ملايين نسمة، فيما يبلغ عدد اليهود 7.2 ملايين نسمة مع نهاية العام 2023.

يُشكّل السُكان الفلسطينيون 50.3% من سكّان فلسطين التاريخية، واليهود 49.7% من مجموع السكان، يستولون على 85% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27 ألف كلم2.

وهناك 6.56 ملايين لاجئ فلسطيني في الدول العربية و772 ألفاً في الدول الأجنبية.

لدى نكبة فلسطين شُرِّد مليون فلسطيني من أصل 1.4 مليون نسمة، بينهم مَنْ لجأ إلى داخل الأراضي الفلسطينية في الضفّة الغربية وقطاع غزّة أو إلى الدول الجوار.

يتزامن إحياء الذكرى الـ76 لنكبة فلسطين مع عقد القمة العربية الـ33 في عاصمة مملكة البحرين، المنامة، بتاريخ 16 أيار/مايو الجاري، والمطلوب منها خطوات عملية لدعم النِضال الفلسطيني، والضغط من أجلِ وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة وإدخال المُساعدات الإنسانية العاجلة، وعودة منْ اضطروا للنزوح إلى أماكنهم، والإسراع بإعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي.