|
الأغوار الشمالية.. محاصيل ومراع تحت لهيب التدريبات
نشر بتاريخ: 27/05/2024 ( آخر تحديث: 27/05/2024 الساعة: 20:00 )
طوباس- معا- يخشى المزارعون في منطقة الأغوار الشمالية الممتدة على مساحة 1.6 مليون دونم، (ما يقارب 30٪ من مساحة الضفة الغربية)، من نيران الاحتلال الذي يزاول في هذا الوقت من كل عام تدريبات عسكرية مكثفة، تنتهي في كل مرة بالتهام نيرانها، سهولهم ومراعيهم ومحاصيلهم ومضاربهم البدائية والفقيرة. تدريبات تشارك فيها المدفعية الإسرائيلية ومئات الجنود المدججين بالبارود والقنابل الحارقة والمضيئة والأسلحة الرشاشة، حيث تتحول الحياة هناك، إلى ما يشبه الجحيم! هناك، يمكن أن ترى بأم العين حياة مختلفة لآدميين من لحم ودم. آدميون اعتادوا على الالتصاق بالطبيعة خوفا من الاقتلاع وعشقا للأمكنة. لصمود الناس البسطاء هناك، نحو 135240 من المزارعين والفلاحين ورعاة الماشية، معنى مختلف تستشرفه في التجربة اليومية للناس الذين يسجلون يوميا أعمالا بطولية دون ضجيج أو انتظار إطراء من أحد. في الأغوار الشمالية التي يخشى سكانها هذه الأيام التدريبات العسكرية، ينام المزارعون بعيون نصف مفتوحة وهم يتعلقون بخيط أمل ألا تطال القذائف ولهيب التدريبات العسكرية محاصيلهم ومساكنهم. "الاحتلال يخلع هذه الأيام كل الأقنعة، ويتبدى عاريا وبشعا: تشريد وإطلاق رصاص وهدم مساكن وعرائش، وترك مئات العائلات في العراء"، قال مزارع وهو ينظر إلى سنابل القمح وقد مايلتها الرياح. ومع دخول موسم حصاد المحاصيل البعلية رسميا في الأغوار الشمالية، لا مظاهر سوى جني نتاج الحصاد.. جرارات زراعية تجر خلفها عربات نقل الحبوب، وآلات حصاد تلتهم محاصيل القمح والشعير، وقطعان من الماشية تسبح في السهول الممتدة على طول الشريط الشرقي للضفة الغربية. تدريجيا، يتعمق موسم حصاد المحاصيل البعلية عند المزارعين، ويظل الأمر هكذا حتى نهاية حزيران القادم، على أبعد تقدير. وفي الأرقام الواردة عن مركز المعلومات الفلسطيني، فإن المعسكرات والقواعد العسكرية ومناطق تدريب الجيش الإسرائيلي تسيطر على نحو 3962 دونمًا. ومع بداية شهر أيار من كل عام، تبدأ المحاصيل البعلية والأعشاب في الأراضي الرعوية بالجفاف، ومع جفافها يصبح أمر اشتعال النيران فيها أكثر يسرا، لا سيما وسط درجات الحرارة المرتفعة وحركة التدريبات العسكرية في جغرافيا تفتح شهية الاحتلال لاستخدام الأسلحة الحية الخفيفة والثقيلة. في الأسبوع الماضي، تسببت التدريبات العسكرية في مناطق (سمرا، ومكحول، والمكسر، وحمصة)، باحتراق قرابة مئتي دونم من المحاصيل البعلية، وأكثر من 1600 دونم من الأراضي الرعوية. حرائق أخرى اندلعت في مناطق رعوية وزراعية في مناطق أخرى بالأغوار الشمالية، دون معرفة الأسباب الرئيسية وراءها. في عمق الأغوار الشمالية، تعتمد عائلات كثيرة على تربية الماشية، مستفيدة من انتشار المراعي، وحبوب المحاصيل البعلية والقش الناتج عنها في إطعام مواشيها. ولعل خسارة ذلك الطعام "المجاني" بسبب احتراق مساحات كبيرة من تلك الأراضي (الزراعية والرعوية)، تضعها في مأزق حقيقي لتوفير العلف لمئات رؤوس الماشية في المنطقة التي تُعتبر هدفا متجددا لسيطرة الاحتلال والمستعمرين عليها. مربو الماشية في الأغوار الشمالية، أدلوا بشهادات متشابهة لمراسل "وفا"، أجمعوا فيها على أن المحاصيل البعلية بما تنتج هي مصدر رئيسي للطعام المجاني المقدم إلى مواشيهم، ما يعني الاستمرار في البقاء في المناطق الغورية. هناك في الأغوار الشمالية، ليس الأمر مقتصرا على موسم واحد فقط، فالمنطقة التي تعتبرها إسرائيل هدفا لا غنى عنه، تظل سخية بالتدريبات العسكرية على مدار السنة، وتسجل سنويا أياما تكون فيها التدريبات العسكرية عنيفة. "أمر ينتظره السكان كل عام(..)، من فاته الحصيد لم تفته نيران التدريبات". قال أحدهم. يقول رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية مهدي دراغمة، إن الاحتلال أحرق العام الماضي بفعل التدريبات العسكرية أكثر من 120 دونما من المحاصيل البعلية، وأكثر من 15 ألف دونم من الأراضي الرعوية. وكانت مناطق جباريس، والشق، وموفيه، وسمرا، وخلة البد، وحمصة، وشرق عين الحلوة الأكثر تأثرا بسبب تلك التدريبات. |