|
عُمق أزمات اسرائيل وأثرها على تطور الأحداث القادمة .
نشر بتاريخ: 21/06/2024 ( آخر تحديث: 21/06/2024 الساعة: 13:21 )
رغم استمرار بشاعة عدوان الإبادة على شعبنا وتداعياته المختلفة ، فأن دولة الأحتلال الاسرائيلي تشهد تصاعد أزماتها ذات الأوجه المتعددة ، وهي تعيش مدة من التوتر السياسي والأمني والأجتماعي والاقتصادي غير المسبوق بعد أحداث السابع من أكتوبر حتى الآن ، والتي أدت إلى تصاعد الانتقادات والمظاهرات ضد حكومة بنيامين نتنياهو . وفي وصفة للحالة القائمة قال إيهود براك الذي يُعد من أهم جنرالات جيشهم ورئيسا سابق للوزراء ، " اليوم دولة اسرائيل امام خطر ازمة وجودية في تاريخها ، نحن نتحدث عن حرب تحولت من تهديد وجود وفق التقييم الإسرائيلي الى أزمة وجودية بسبب محركات السياسة الإسرائيلية " . في هذا المقال ، سأحاول نقاش تأثير هذه التوترات على السياسة الإسرائيلية ومستقبلها . فعلى صعيد الأوضاع الداخلية والتحديات السياسية ، يواجه نتنياهو وحكومته ضغوطاً كبيرة من الداخل . وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تراجع الدعم الشعبي لحكومة نتنياهو ، حيث يعكس هذا التراجع حالة من عدم الرضا العام عن أداء الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات الأمنية والاقتصادية . على الجانب الآخر ، تزداد شعبية أحزاب المعارضة وخاصة تلك التي يقودها الجنرالات السابقون مثل بيني غانتس وازنكوت . هذا التحول في الدعم الشعبي يعكس رغبة متزايدة في تغيير القيادة السياسية وإيجاد حلول جديدة للأزمات التي تعيشها مجتمعاتهم . ومن جانب اخر تواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة لتحقيق وقفا للنار و الوصول لحل سياسي يتعلق بما يسمونه "باليوم التالي" ينهي عدوانها في غزة تحديدا ويصل الى صفقة تبادل ووضوح مستقبل غزة . الامر الذي لا يمكن بالنسبة لنا الا ان يكون سوى جزء من الحل السياسي الشامل لإنهاء الأحتلال واقامة الدولة الفلسطينية على قاعدة وحدة الارض والشعب ، رغم اتساع العدوان في كل فلسطين . في الوقت نفسه تستمر جرائمها وعملياتها العسكرية ، مما يزيد من تداعياتها الداخلية والخارجية . فجيش الأحتلال الإسرائيلي يواجه انتقادات داخلية بشأن فعالية العمليات العسكرية والتكلفة البشرية العالية التي تتزايد بالفترة الاخيرة لم يعتاد عليها سابقا على الرغم من النجاحات التكتيكية التي يدعونها هم والمتلخصة بالجرائم المرتكبة من تحقيق الإبادة الجماعية . إلا أن الجيش لم يحقق بعد أهدافه الاستراتيجية التي اعلنتها حكومته منذ البداية ، مما يزيد من الضغوط على حكومة نتنياهو . وعلى الصعيد الدولي تزداد حدة الانتقادات من دول مختلفة ووتتصاعد حركة احتجاج الشعوب في دول العالم ودعوات المقاطعة الجادة ، وتقف دولة الأحتلال التي تعاني العزلة الدولية الى حد كبير امام القضاء الدولي الذي من المنتظر ان يصدر عنه خلال ايام أوامر توقيف بحق قادة اسرائيلين من بينهم نتنياهو وجالانت ، ما يعتبر حدث غير مسبوق في تاريخ كيانهم الذي يجسد اليوم معاني النظام المارق . من الجانب الآخر ، فانه من المحتمل أن يكون هناك تصعيد محدود بين إسرائيل وحزب الله دون تدخل كبير من القوى الكبرى . هذا قد يشمل تبادلاً مكثفا للنيران عبر الحدود ولكن دون تحول إلى حرب شاملة بهدف إبعاد اللبناني الى شمال الليطاني . اما إذا تصاعد العدوان على لبنان بشكل كبير، فقد تتدخل إيران وروسيا بشكل غير مباشر من خلال دعم حزب الله أو الضغط الدبلوماسي والتحركات الدولية . تركيا قد تتدخل إذا رأت فرصة لتعزيز مصالحها أو ردا على تهديدات مباشرة ، او لربما لتحقيق أهدافها من الخلاف بالجزيرة القبرصية التي تستضيف قواعد عسكرية اسرائيلية على أراضيها . -- سيناريوهات المستقبل واحتمالات التغيير السياسي. وتشهد دولة الأحتلال حالة من الغليان في مجتمعاتها المتباينة أصلاً ، حيث يطالب العديد منهم اليوم بإنهاء الحرب لاطلاق سراح اسراهم وللتخفيف من حدة التداعيات المختلفة كازدياد الهجرة الخارجية المعاكسة وتردي الاوضاع الإقتصادية وانسحاب العديد من الشركات العالمية من اسواقهم كما وعدم تمكن سكان المدن والقرى بالشمال والجنوب من العودة الى بيوتهم ، اضافة الى مطالبتهم بتحقيق إصلاحات سياسية جوهرية بنظامهم . المظاهرات المستمرة تعكس حالة من الأستياء العميق تجاه الحكومة الحالية وسياساتها ، ومظاهر القلق تتزايد لتتحول من ازمات سياسية وامنية إلى صراعات أعمق داخل المجتمع الإسرائيلي غير المتجانس ، مما قد يفاقم من الوضع الحالي ويؤدي إلى تصاعد العنف والأنقسام مما سيكون له اثارا اجتماعية مختلفة تنعكس على البعد الوجودي . -- دور الجيش والمؤسسات الأمنية. والان وبعد تسعة أشهر من حرب الإبادة ، فأننا نجد ان قادة الأحتلال الإسرائيلي يضطرون الى قول عدة حقائق امام الجمهور الإسرائيلي ، فبالإضافة الى تصريحات واعترافات عدد من قياداتهم حول حقيقة الاوضاع ، يخرج الناطق باسم جيش الأحتلال هيجاري ليقول بأن "حماس هي فكرة ولا يمكن القضاء عليها" ، وتصريحات اللواء في الاحتياط دان هرئيل نائب رئيس الأركان سابقاً ، "لا يمكن محو حماس" ، لتعكس اقوالهم واقعاً معقداً ومتعدد الأبعاد بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. |