|
زيارة غالانت لواشنطن وسؤال الحرب على لبنان
نشر بتاريخ: 27/06/2024 ( آخر تحديث: 27/06/2024 الساعة: 13:44 )
جاءت زيارة وزير الأمن الإسرائيلي، الجنرال احتياط يوآف غالانت، إلى واشنطن، هذا الأسبوع، في مرحلة حرجة من حرب الدولة الصهيونية على أهالي غزة، والتصعيد القتالي على الجبهة اللبنانية، وانسداد إمكانية عقد صفقة تبادل، والتطورات بخصوص الملف النووي الإيراني، وتراشق التصريحات بين تل أبيب وواشنطن بخصوص بطء وصول شحنات الأسلحة والذخائر إلى الجيش الإسرائيلي. واستقبلت واشنطن ضيفها الإسرائيلي بحفاوة بالغة في مراسيم احتفالية كاملة انطلاقا من «قوة العلاقة التي لا تنكسر» وتأكيدا على أن العلاقة بالدولة الصهيونية، تبقى متينة مهما حصل ويحصل من توتر بين إدارة بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. يبدو أن الإدارة الأمريكية قلقة من تصعيد القتال بين حزب الله وإسرائيل، وتخشى من نشوب حرب شاملة قد تجر إليها إيران، وقد تتورط الولايات المتحدة فيها خلال ثلاثة أيام التقى غالانت كبار المسؤولين الأمريكيين، من بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان، ورئيس «سي. آي. إي» وليام بيرنز، ومبعوث الشأن اللبناني عموس هوكشتاين. وقبل إقلاعه إلى واشنطن قال وزير الأمن الإسرائيلي إن «الزيارة مصيرية وحاسمة» لمستقبل الدولة الصهيونية والمنطقة، وخلال وجوده في العاصمة الأمريكية عاد وشكر الرئيس بايدن وإدارته على «الدعم والإسناد والنصرة» منذ اليوم الأوّل للحرب، مشددا على أن «أعداءنا وأصدقاءنا يشاهدون ما يجري في اجتماعاتنا ويفهمون جيدا ما هو جبروت الشراكة». وكان واضحا أن من أهداف الزيارة هو صورة تعكس «التحالف القوي» بين الإمبراطورية الأمريكية والدولة الصهيونية. نتنياهو في الخلف العلاقة بين نتنياهو وغالانت مشحونة ومتوترة، وحتى مسمومة على المستوى الشخصي، وقد حاول نتنياهو سابقا إقالة غالانت، ولكنه فشل، وهو يحاول طيلة الوقت، وحتى في معمعان الحرب، تقزيمه وتهميشه وتحييده عن صنع القرار قدر الإمكان. هو ليس راضيا عن دعوة غالانت إلى واشنطن، خاصة وأنه لم يدع إلى الآن إلى البيت الأبيض. وقبل الزيارة، أطلق نتنياهو تصريحات، أثارت غضب الإدارة الأمريكية، مفادها أن هناك مماطلة وبطأ في تزويد إسرائيل بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة. قال ذلك وهو يعرف أن هذا الموضوع هو أحد أهداف زيارة وزير أمنه، ويعرف أيضا أن القضية بحكم «المحلولة». كان الهدف كسب الرصيد بأن تصريحاته أجبرت الإدارة على استعجال الشحنات، وليس جهود غالانت خلال زيارته. كما أحرج نتنياهو غالانت بإطلاق تصريح عن أنه يسعى إلى صفقة تبادل جزئية، يعود جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدها إلى مواصلة الحرب. واعتبر المسؤولون الأمريكيون هذا التصريح تخريبا على جهودهم، ووجهوا رسائل احتجاج شديدة اللهجة إلى مكتب نتنياهو، وطلبوا منه التراجع عن تصريحاته والإعلان بصوته وعلى الملأ بانه يدعم خطة الرئيس بايدن، وقد قام بذلك فعلا في خطاب رسمي في الكنيست. لقد حاول غالانت، خلال اجتماعه برئيس سي.آي.إي، إحراز تقدم ما في موضوع الصفقة، لكن نتنياهو صفعه من بعيد، مبرزا أن القرار بشأن المحتجزين عنده وعنده وحده. كانت تلك مسرحية أخرجها ومثلها نتنياهو، بدأت في مقابلة في «القناة 14»، التابعة لليمين المتطرف الإسرائيلي، قال فيها إنه «يكتفي» بالمرحلة الأولى للصفقة ليعود بعدها للحرب. لماذا قالها؟ باعتقادي أنه أراد إقناع حماس برفض الصفقة، ليضمن ألا تكون صفقة، فهو لا يريد صفقة ويسعى لإفشالها بشتّى الطرق، ولكنه يبغي تحميل حماس مسؤولية الفشل. وبعد أن اطمأن أن حقيقة موقفه وصلت إلى العناوين التي يريد، أعلن قبوله لخطة بايدن، لترضى الإدارة الأمريكية وضيفها يوآف غالانت. هناك بالطبع رسالة إضافية وهي «كل ما تتفقون عليه مع غالانت لا يساوي شيئا، فأنا الذي يقرر ويحسم». الملف الأهم: لبنان يبدو أن الإدارة الأمريكية قلقة جدا من مجريات تصعيد القتال بين حزب الله وإسرائيل، وتخشى من نشوب حرب شاملة قد تجر إليها إيران، وقد تتورط الولايات المتحدة فيها. وكان هذا الموضوع محورا مهما في اجتماعات غالانت بالمسؤولين الأمريكيين. وقد أوضح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وجهة النظر الأمريكية بالتأكيد على دجل «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وعلى التزام الولايات المتحدة بتوفير ما يلزم الدولة الصهيونية لحماية أمنها، وأضاف بأنه «قلق جدا من تزايد هجمات حزب الله الصاروخية على شمال إسرائيل، ومن تصاعد التوتّر. حرب بين لبنان وإسرائيل ستكون كارثة على لبنان، ومدمّرة بالنسبة لمواطنين إسرائيليين ولبنانيين أبرياء. الدبلوماسية هي بلا شك الطريق الأفضل لمنع تصعيد إضافي». القيادة الإسرائيلية تعرف هذا الموقف الأمريكي جيدا، وغالانت لم يأت إلى واشنطن ليستمع إليه، فهذا كلام يمكن تمريره عبر الهاتف، خاصة أن الوزير أوستن، حرص على القول إنه هاتف غالانت 50 مرة! في الأشهر الأخيرة. غالانت أراد أن يوضح الموقف الإسرائيلي من جهة، وأن يستوضح ماذا سيكون عليه الموقف الأمريكي إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، وهل ستدعم الولايات المتحدة عندها حربا إسرائيلية على لبنان؟ لا نعرف ماذا قال غالانت في الغرف المغلقة، لكن تتضح معالم الموقف الإسرائيلي مما قيل ويقال على المنصّات العلنية. وتبدو خلاصة التكتيك الإسرائيلي كالتالي: |