حتى لا يخدعنا احد على الاقل
نشر بتاريخ: 08/07/2024 ( آخر تحديث: 08/07/2024 الساعة: 14:03 )
سبب هذا المقال هو ما تروج له بعض الاطراف انها قامت بما عليها من اجل وقف اطلاق النار و استنفاذ كل الأدوات و الوسائل التي كان يجب عليها استعمالها لوقف الحرب و لكن الواقع يكذب كل هذا الكلام ، لهذا وجب ان نقول ؛ فشلت كل الجهود الاقليمية والدولية في وقف اطلاق النار في قطاع غزه حتى كتابة هذه السطور، فشلت الادارة الامريكية بالذات في الضغط على اسرائيل، وفشلت في تخفيض عدد الشهداء وفشلت في ادخال المساعدات وفشلت حتى في الرصيف المائي الذي روجت له كثيرا، وفشلت في اقناع اسرائيل في الدخول بمفاوضات حقيقية، وبلغ مدى هذا الفشل الى درجه ان المراقب المحايد يعتقد ان اسرائيل هي التي تملي ارادتها على الارادة الامريكية و ليس العكس، وقد راى العالم كيف ان نتنياهو اهان الادارة الامريكية وحاصرها ورغم ذلك يدعى هذا الرجل ليلقي خطابا في الكونغرس الامريكي .
فشلت الادارة الامريكية حتى في جهودها من اجل وقف توسيع هذا الصراع ، فقد غامرت الولايات المتحدة في التورط بحرب ضد الاقليم العربي في لبنان والبحر الاحمر ولم تجرؤ على الضغط على اسرائيل لوقف هذه الحرب التي تشكل المصدر الاول لكل هذه الاشتعالات، فشلت امريكا عندما تقول ان ايران واذرعها هي التي تهدد المنطقة دون ان تشير الى دور الاحتلال واثره في توتير المنطقة وزعزعتها.
ولكن الفشل يطال ايضا الاقليم، فقد فشل في جهوده من اجل اقناع المجتمع الدولي واسرائيل بضرورة التسوية او تخفيض التصعيد او تقليل اثار الحصار والدمار، فشل الاقليم في ان يكون موحدا وذا مصداقية، فلم يقم بما قام به اخرون بعيدون اتجاه محاصرة الموقف الاسرائيلي وادانته، وفشل الاقليم في سياساته ايضا، ومما زاد في تعميق هذا الفشل ما كشفه المحتل الاسرائيلي من اوجه تعاون وصل الى درجه من الوقاحة غير مسبوقة، الاقليم فشل في وقف الحرب وتقديم المساعدة وفشل كذلك في كبح جماح اسرائيل و خططها المستقبلية ، فالمطلوب من الاقليم عدم تسهيل الاحتلال او التكيف معه او الخضوع لمطالبه او التعاطي مع خططه الحالية او المستقبلية .
وفشل المجتمع الدولي عامة في الضغط الحقيقي على الهيئات الدولية، القضائية منها والاغاثية، وعمل كثيرون على تعطيل الخطوات او الاجراءات العقابية او غيرها لوقف هذه الحرب الضروس ، وتراجعت كثير من وسائل الاعلام والجامعات والمنظمات عن نشاطاتها المساندة بسبب التهديد او الخوف او الاحتواء، انخفضت حدة الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني بسبب عدم وجود حاضنة عربية او إسلامية وبسبب الهجوم المرتد العنيف من قبل دوائر مختلفة، ان نجاح اليمين المتطرف في اوروبا، بما في ذلك نجاح حزب العمال في بريطانيا، انما يعني ان هناك ريح غير طيبة تهب في اوروبا، فاليمين المتطرف وتحت شعارات معاداة المسلمين وطرد المهاجرين و في ظل الوقوع في براثن اللوبيات والمافيات وجماعات المصالح، فان هذا اليمين لم يكن في وارد دعم وتاييد الحق الفلسطيني، ان تحول اوروبا وامريكا الى اليمين المتطرف له اسباب سياسية واقتصادية وثقافية ، ولكن يعني ايضا ان اوروبا تنقلب على ليبراليتها وتسامحها وانفتاحها على العالم .
ويتمدد هذا الفشل، ليشمل ايضا فصائلنا الفلسطينية التي ضيعت عدة مرات امكانية المصالحة وتأسيس نظام سياسي جديد يحظى بالقبول والتمثيل الشرعي ويشكل جسرا للمرور من دائرة الانكار والتغييب ونقص التمثيل والشرعية .
ان هذه الحرب التي سقط فيها حتى الان اكثر من 120 الف فلسطيني بين شهيد و مفقود وجريح لم يدفع بعد فصائلنا الى العمل المشترك والموحد لتفويت الفرصة على من يريد ان يفرض واقعا جديدا في قطاع غزه يقوم على اعادة انتاج الاحتلال والحصار بمباركة دولية على الاقل، هذه المرة، يريد المحتل ان يعود الى قطاع غزة _بعد تدميرها_ بتفويض واسع من اطراف عديدة، وبدون وحدة فلسطينية اهلية وفصائلية وسياسية، فان المحتل قد ينجح في مسعاه هذا، ان الافشال المتعمد لكل الجهود لوقف اطلاق النار انما تعني التضحية بشعبنا على مذبح اوهام واحلام جهنمية، فشل كل الجهود او معظمها لوقف اطلاق النار يعني ان معظم الاطراف لها حساباتها، البعيدة والقريبة، الداخلية والخارجية، وحتى لا يخدعنا احد، لا الان ولا في المستقبل، نقول ان استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني مع عدم القدرة على ايقافها ستؤدي بالضروره الى توسيع دائرتها لتشمل الصامتين والمحايدين والمعتدلين والمنحازين وما بين هذا وذاك، الحرب لن توفر احدا كان عليه ان يتدخل في الوقت المناسب وضاعت منه هذه الفرصه .
ما الفعل الصواب اصلا؟!
اليس هو الفعل الصواب في المكان والزمان الصواب!!