|
أن تعيش طيلة عمرك خائفا مترقباً
نشر بتاريخ: 22/07/2024 ( آخر تحديث: 22/07/2024 الساعة: 09:52 )
الفلسطيني هذه الأيام يترقب الصفقة وما أدراك ما الصفقة، وهو في ذلك مضطر أن يعرف مواقف الأطراف والجهات المحلية والدولية وامكانيات نجاحها من عدمه، وخلال ذلك، يترقب شاحنة المساعدات وينتظر الراتب ويخشى القذائف ويحاذر الحواجز ويستعد للاقتحام المفاجئ، وهو يرجو وقف اطلاق النار لعد من تبقى من أسرته أو من أصابع كفه ، وهو يقرأ المعوذتين خوفاً على ابنه وعلى شقته وعلى حقله وعلى مستشفاه ومدرسته. الفلسطيني يخشى إجراءات السفر وتعليمات المعابر من الجيران ومن غير الجيران، يحسب سنوات عمره ليعرف أي المعابر أو الحواجز يستطيع اجتيازها وتلك التي لا يستطيع عله يصل المسجد الأقصى أو بيت شقيقته في محافظة أخرى، والفلسطيني يخاف على حياته قائماً أو نائماً أو ماشياً ويخشى على أشجاره من أسنان جرافة عصبية أو منشار مستوطن غاضب، ويخشى على أغنامه و حظيرته ودواجنه، ويخشى انقطاع الماء والكهرباء والوقود والدواء، ويخشى ضياع بطاقته الشخصية أو كوشان أرضه أو تصريحه، ويخشى التأخر في العودة ويخشى السفر وحيدا. وهو يخشى البناء في منطقة (ج) ويخشى حفر بئر ماء في منطقة (ب) ويخشى الاعتقال في منطقة(ا). الفلسطيني ومنذ مئة عام تقريباً يخشى أن يعرب عن فرحه أو احتفاله، وهو يخشى المؤقت والانتقالي، ويخشى الاتفاقيات والمبادرات والتفاهمات ، ويخشى الزيارات والمقترحات، يخاف من الهدايا والرشاوى والمكافآت المفاجئة، يخاف من المناشير والمناطيد والكمرات والآليات المصفحة والأعيرة النارية. الفلسطيني وطيلة عمره يشعر أنه مكشوف الظهر، غير محمي، ولا مغطى، لا سياج لحقله ولا قفل لبابه ولا حرمة لخصوصياته ، يجبر الفلسطيني على رفع يديه ورفع قميصه عن بطنه، و يجبر على أن يرى بأم عينيه كيف يهدم بيته أو يجبر على هدمه ويجبر على أن يرى بأم عينيه كيف تخلع أبواب خزانته وخزانة زوجته، وكيف يساق فلذة كبده إلى حيث لا يعرف. |