|
اتفاق بكين يستوجب التنفيذ الفوري للخروج من دوامة إبريق الزيت
نشر بتاريخ: 23/07/2024 ( آخر تحديث: 23/07/2024 الساعة: 11:47 )
برهان السعدي
تلقف شعبنا بشائر الاتفاق الوطني الجامع لفصائل الشعب الفلسطيني في لقاء بكين، وكان الاتفاق خروجا للمألوف الذي اعتاده شعبنا في اللقاءات المتكررة منذ سنوات حملت السواد والألم والتمزق وبث بذور الكراهية وترسيخ الانقسام بين أبناء الشعب الواحد. ولدى علم أبناء شعبنا بإعلان الاتفاق بين الكل الفصائلي، واتفاقهم على أمور كثيرة تؤكد على لحمة شعبنا الفلسطيني ووحدة قيادته السياسية، والتأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الجامع لجميع فصائل الشعب الفلسطيني بكل اتجاهاتها وتوجهاتها، كانت الفرحة بقلق ممزوج بخوف من نكوص المتفقين جزئيا أو كليا، بتضمين الاتفاق عبارات تحمل عدة أوجه تساعد في تمترس الرافضين تحقيق مصلحة شعبنا بالوحدة. لا بد الآن وفي هذه اللحظات من التذكير بالأخ الشهيد محمد نظمي نصار، أبو صهيب، الذي بادر بتشكيل قيادة الحملة الشعبية لإنهاء الانقسام من شخصيات وطنية وازنة من مختلف الانتماءات الحزبية والفصائلية، لكن همها الوحيد إنهاء الانقسام، وانطلقت الحملة قبل ما يزيد عن عام في كل من رام الله من جوار ضريح القائد الشهيد ياسر عرفات، وفي غزة من جوار ضريح القائد الشهيد الشيخ أحمد ياسين. وتم الشروع بأنشطة الحملة لإنهاء الانقسام، ولاقت الترحاب في شطري الوطن المنقسم قسرا، سواء جماهيريا أو من قيادة حركة فتح، خاصة بعض أعضاء اللجنة المركزية مثل الأخ جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية، والأخ محمود العالول نائب رئيس الحركة، والأخ محمد المدني مفوض المنظمات الشعبية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأخ أبو ماهر حلس في قطاع غزة، الذي أعطى تعليماته لأقاليم فتح في القطاع ومؤسسة الأسرى والشهداء ومؤسسة الجرحى بضرورة تقديم كل الدعم للأخ أبو صهيب. هذا إضافة لأنشطة عديدة في الضفة والقطاع، ولقاءات مع أعضاء لجنة تنفيذية ومع السفير المصري قبيل اجتماع العلمين للضغط على الطرفين الأساسيين من أجل إنهاء الانقسام، هذا عدا عن رسائل للأمناء العامين للفصائل، ورئيسي الجمهورية المصرية والجزائر وأمين عام الجامعة العربية. وكانت النخب الفلسطينية تتوقع أن اجتماع بكين لن يختلف عن سابقاته، مكررين تجربة إبريق الزيت، وخض الماء بالقربة، رغم أن جوانب الاختلاف بسيطة جدا، ويمكن تجاوزها في لقاء أو لقاءين، ولا يمكن للمراقب أن يعزي عدم اتفاقهم لسنوات مضت إلا لعوائق أو قيود إقليمية وربما دولية، وتناقض الوفاق الوطني مع رغبات أو أجندات أو مصالح بعض المتنفذين. وأمام هذا الاتفاق، وتأكيد الجميع على مصلحة الوطن، في مرحلة هي الأكثر خطورة على قضية شعبنا الفلسطيني، فحكومة الاحتلال وتشكيلته البرلمانية، أكدوا مرارا على رفضهم لقيام دولة فلسطينية، وأن ليس من حق الفلسطينيين ممارسة حق تقرير المصير، وأكدوا على مصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، والتضييق على أبناء شعبنا كمقدمة للتهجير وإحلال المستوطنين مكانهم، وأكدوا أن الصراع مع الفلسطينيين هو صراع وجود أو لا وجود بطابع توراتي. من الواجب الآن، في ظل هذه المرحلة، التي لا تحتمل وجود منطقة رمادية، فإما مع الحق الفلسطيني بكنس الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967م كحد أدنى، وعاصمتها القدس وفقا لتراكم قرارات الأمم المتحدة منذ العام 1947، وإما الانحياز للمشروع الاستيطاني وأعداء الأمة العربية والشعب الفلسطيني. فالواجب الآن المباشرة في تنفيذ آليات عمل لتطبيق ما تم الاتفاق عليه. ولن يسمح شعبنا الفلسطيني لأية جهة كانت، التنصل من هذا الاتفاق وتنفيذه بالكامل، مهما كانت الذرائع والمبررات، فشعبنا يذبح ويباد في جميع مواقع وأماكن الوطن، وشكلت غزة عنوانا لهمجية الاحتلال ومنهجيته العدوانية المتواصلة لإبادة شعبنا كما شكلت نماذج بطولية في مقاومة الغزاة، فأعادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة على الساحة العالمية. إن الاختلاف أصلا بين الفصيلين الأساسيين على الساحة الفلسطينية لم يكن على برنامج سياسي، وعليه، إن أية محاولة للتنصل من الاتفاق، تشكل إدانة وطنية، وإسهاما في إنجاح مخططات العدو لاغتصاب الوطن وابتلاعه، وإشهار الذرائع لكل الشامتين والمتربصين، أن الفلسطينيين لا يشكلون سلطة واحدة، ولا قيادة واحدة ممكن التعامل معها، فهم لا يستحقون دولة، أو إدارة مؤسسات لهم. وبكلمة، لا تكسروا فرحة شعبنا وتوقه للوحدة الوطنية، ولا تصادروا مشروع شعبنا الوطني بمبررات وذرائع لا ترقى لأن تكون سبب اختلاف. فإما أن تنفذوا ما وقعتم عليه، وإما أن ينبذكم ويلفظكم شعبنا وتكونوا الأسوأ في سجل تاريخ الشعب والأمة، على غرار أمراء الطوائف وحكام دويلات عربية تواطأت مع الغزو الصليبي لبلادنا. لكن أملنا بالله وبوطنيتكم، وحرصكم على الوطن ومركباته بكل أطيافه وذرات ترابه وسمائه ومائه ومقدساته، تجعلنا ننتظر مصداقيتكم في التنفيذ الفوري لما تم الاتفاق عليه. ومن حقكم علينا، ومن حقنا عليكم، أن نبارك لشعبنا هذا الاتفاق الوحدوي الوطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني، ولا يهم شعبنا من منكم سيقود السفينة، فالانتخابات الدورية هي المرجع والأساس، فكونوا بقدر المسؤولية وإلّا..
|