|
كي لا يبقى رأي محكمة العدل الدولية مجرد مصطلح
نشر بتاريخ: 30/07/2024 ( آخر تحديث: 30/07/2024 الساعة: 13:58 )
الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة والذي أكدت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية يتناقض مع القانون الدولي وعلى إسرائيل إنهاء الاحتلال في أقرب وقت. القرار ليس ملزماً، لكنه يأتي في هذا التوقيت بالتحديد واستمرار اسرائيل بارتكاب جرائمها والإبادة الجماعية في غزة وهي أكثر إلحاحاً وفظاعة بكثير. يدعي عدد من الحقوقيين الاسرائيليين والناشطين اليساريين، أن هذا الرأي الإستشاري للمحكمة قد يشكل أهم إدانة صدرت بحق إسرائيل على الإطلاق. وفي الواقع قد يأثر القرار بشكل تدريجي، وفي القريب سيكون لدى الجميع شعور بأنه لم يتغير شيء في الأساس. ولكن هذا سيكون شعورا مضللا. لكن على العكس من ذلك ومن الجانب الإسرائيلي الرسمي وغير الرسمي، هو التطرف وحالة الإنكار الإسرائيلية وتكرار السخافة وتوجيه الاتهامات، واتهام العالم كله بأنه "معادي للسامية". وهذا ما اظهرته الردود من الاحزاب الاسرائيلية المختلفة وهذا ما يؤكده القرار الذي أقره الكنيست الأسبوع الماضي بأغلبية كبيرة ومعارضته لإقامة دولة فلسطينية. إسرائيل لم تتوقف عن ارتكاب الجرائم وتقتل الفلسطينيين بشكل منتظم منذ عقود في القدس والضفة الغربية وغزة، فإن الطبيعة المنهجية للهيمنة الإسرائيلية والقمع هي التي نظرت فيها المحكمة. الرأي الإستشاري ليس حكما، هو وصف للواقع. لقد تشكلت اسرائيل منذ قيامها كقوة احتلال وهي صورة إسرائيل الحقيقية، التي شرعت القوانين وفرضت الأحكام العرفية على الفلسطينيين في عام 1948. بعد أن نفذت جرائمها بالقتل والمحو والتهجير القسري للفلسطينيين. كالعادة رحبت منطمة التحرير الفلسطينية والفصائل بقرار المحكمة، وان هذا القرار يُشكّل تطوراً مهماً في مواقف المنظمات الدولية؛ حيث يُعد من النادر أن تصدر منظمة دولية قراراً بهذا الشمول والدقة في توصيف انتهاكات وجرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. حول التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ورحبت السلطة الفلسطينية بهذا الرأي. ووصف الرئيس محمود عباس القرار بأنه "انتصار للعدالة" ودعا المجتمع الدولي إلى "إلزام إسرائيل كقوة احتلال بإنهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي دون أي شروط". رغم أهمية هذا القرار، يبقى السؤال الجوهري هو مدى إمكانية فرض هذه القرارات على الاحتلال في ظل عدم التزام الاحتلال بقرارات المحكمة وعدم الالتزام لتنفيذ اي من القرارات السابقة المتراكمة منذ عقود وتدين الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، وانتهاك القوانين الدولية، دون أن تُترجم إلى خطوات تنفيذية. إن قرار محكمة العدل الدولية يعتبر قراراً هاماً ويجب المراكمة عليه فلسطيناً وعربياً ودوليًا، وهو ما لا يمكن أن يكون دون انهاء الانقسام الفلسطيني وبناء استراتيجية وطنية فلسطينية وتوفير الامكانات لاحداث تغيير حقيقي. وحث المحكمة تبني توصيات، والعمل على اتخاذ تدابير جادة لوضع حد للوجود غير الشرعي للاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم القناعة أن الإدارة الأمريكية ستُشكّل عقبة حقيقية أمام إصدار مثل هذه القرارات. الاحتلال لن ينتهي من خلال المحاكم والآليات القانونية، بل سينتهي عندما تدفع إسرائيل الثمن، وفرض عقوبات ضدها ومقاطعتها وتشعر بانها منبوذة بشكل حقيقي، وان استمرار الصراع سببه إفلات اسرائيل من العقاب، ومحاسبة المجرمين والمعتدين على القانون الدولي والانساني. قرار المحكمة لن يغير من عدالة القضية الفلسطينية وحقه في مقاومة الاحتلال وتحوز على اكبر شرعية ودعم دولي شعبي كببر، قد يساهم في انهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري. ما يحتاجه الفلسطينيون تحويل هذا القرار وعشرات القرارات السابقة الصادرة عن الامم المتحدة إلى قرارات قابلة للتنفيذ الفوري. وسؤال الفلسطينيين الدائم ما فائدة وقيمة هذه القرارات إذا لم تُفرض على الاحتلال وتنفيذها؟ خاصةً وأنه لم يتم تنفيذ أيٍ من القرارات السابقة الصادرة عن الامم المتحدة بوقف حرب الابادة ضد قطاع غزة وعدم التزام الاحتلال بكل قرارات محكمة العدل الدولية السابقة، بما فيها القرار الإستشاري بشأن جدار الفصل العنصري. من دون ذلك، سيبقى الرأي الاستشاري مجرد قرار ودليل اضافي. على أن اسرائيل فوق القانون وان ازدواجية المعايير وان الشرعة والشرعية الدولبة والعدالة والقانون الدولي والقانون الدولي الانساني هي مجرد مصطلحات. |