|
اختبارات حماس ليحيى السنوار دليل على انسداد الأفق السياسي
نشر بتاريخ: 07/08/2024 ( آخر تحديث: 07/08/2024 الساعة: 15:01 )
وبعد شد وجذب داخل مجلس الشورى والجهات ذات الصلة التي تمتلك حق التصويت في اختيارات داخلية لخليفة الشهيد القائد إسماعيل هنية، يقع الاختيار على يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس. قد يكون هذا القرار لأسباب ديمقراطية، وبرغم أنه قرار شأن داخلي لحركة حماس، إلا أنه يعبر عن غياب الأفق والبعد السياسي وتغليب روح المغامرة على منطق العقل. لقد عرفنا العقلية والنضوج والحكمة والمنطق والوعي الوطني الذي يتمتع به الراحل الكبير الشهيد إسماعيل هنية، وكان بارعًا في المسار السياسي لحركة حماس والعلاقات الوطنية الفلسطينية مع مختلف القوى والفصائل الفلسطينية من خلال التجربة الطويلة، وهو إلى جانب القائد المؤسس لحركة الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين والقيادات السياسية لحركة حماس.
وقد تولى رئاسة كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، وبعد حصول حماس على الأغلبية في الانتخابات التشريعية، كُلِّف من الرئيس أبو مازن برئاسة الحكومة الفلسطينية. وقد تولى للمرة الثانية، وبعد الانقلاب العسكري لحركة حماس في قطاع غزة، لسنوات عمل على إنجاح اتفاق الشاطئ بين حماس وحركة فتح، حيث تخلى طوعًا عن موقع رئيس الوزراء من أجل التوافق الوطني الفلسطيني. وقد تولى رئاسة الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله، رئيس جامعة النجاح الفلسطينية. جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2014، والذي امتد 52 يومًا، وقد تراجعت حماس عن اتفاق الشاطئ، والذي كان سبب نجاح ذلك الاتفاق الشهيد القائد إسماعيل هنية، ولكن قوى الشد العكسي لحركة حماس أسقطت ذلك الاتفاق في اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي في 2014.
وبدون أدنى شك فإن قرار انتخاب يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس هو شأن داخلي، ولكن حين تأخذ حماس، وبشكل منفرد من قبل يحيى السنوار، قرار الحرب يوم السابع من أكتوبر 2023، ونصل إلى هذه النتائج الكارثية والمدمرة لشعبنا الفلسطيني، لم يعد الأمر شأنًا داخليًا. وليس ذلك فحسب، بل إن غالبية قيادات حماس والمكتب السياسي لم يكونوا على علم بقرارات يحيى السنوار وعدد من رفاقه حول ما حدث. وبعد مرور عشرة أشهر من العدوان الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة، من قتل وتدمير ومسح البشر والحجر عن الوجود نتيجة العدوان الإسرائيلي، والذي استغل ما حدث عن سبق إصرار، ولم يكتفِ بصمت لساعات عما حدث يوم السابع من أكتوبر، بل قام الجيش الإسرائيلي بقصف المستوطنين الإسرائيليين عن قصد، وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن تعرضهم للعمليات وقتل المدنيين، وتجنيد دول وشعوب العالم بأن "إسرائيل" تتعرض لهجوم إرهابي واعتداءات جنسية وقتل المدنيين، مستغلين احتجاز المدنيين واعتقالهم. وبدون أدنى شك فإن الاحتلال الإسرائيلي الفاشي لا يحتاج إلى مبرر، ولكن هذه الواقعة كانت بمثابة هدية تنتظرها "إسرائيل" وعملت على استغلال ذلك بأبشع الوسائل.
حيث قامت بشن عدوان ومجازر وإبادة جماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة، مما تسبب في دمار شامل لكافة مرافق الحياة من منازل وأبراج ومخيمات اللاجئين والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ولم يبقَ شيء بدون تدمير، بحيث لم تعد إمكانية الحياة ممكنة للمواطنين في قطاع غزة. وقد أصبح مطلب الشعب الفلسطيني وشعوب العالم والقيادة الفلسطينية وقيادات المقاومة المسلحة، وفي المقدمة حركة حماس وجناحها العسكري والسياسي، وقف إطلاق النار، وما تزال "إسرائيل" غير معنية بوقف إطلاق النار، وحتى هذه اللحظة ترفض "إسرائيل" الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك قرار محكمة العدل الدولية لوقف إطلاق النار والإبادة الجماعية للفلسطينيين. بل إن حكومة نتنياهو قامت بعمليات استهداف للمحافظات الشمالية في الضفة الغربية ومخيماتها، حيث التصعيد الإسرائيلي اليومي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس من أجل تهجير الفلسطينيين. لقد تنازلت حماس عن مطالبها بتبيض السجون وحماية الأقصى المبارك وباحاته بعد نتائج طوفان الأقصى، حيث أصبح المطلب هو وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية للمواطنين في قطاع غزة، والذي يعني سوء الأوضاع الإنسانية والحياتية لشعبنا.
والسؤال المطروح: هل انتخاب القائد يحيى السنوار يعتبر رد الجميل على ما تحقق من انتصار للقضية الفلسطينية وقطاع غزة على وجه التحديد؟ وقد لفت نظري أن اختيار السنوار بصفته قائدًا عسكريًا لحركة حماس في قطاع غزة، ولكن السؤال غير المطروح هو من أي الكليات العسكرية والأمنية تخرج السنوار؟ لقد أمضى عشرين عامًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وخرج من خلال عملية تبادل الأسرى مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. بدون أدنى شك إنه مناضل ومجاهد، ولكنه لم يكن يومًا قائدًا عسكريًا أو سياسيًا يتحمل هذه المسؤولية للقيادة في حركة حماس ويصبح خليفة الشهيد القائد إسماعيل هنية رحمه الله تعالى. والمتعارف عليه في معظم جيوش العالم هو منع الأسير من تولي مسؤولية عسكرية أو سياسية لسنوات، وفي نفس الوقت فإن السنوار لا يزال في الأنفاق مقيد الحركة.
نسأل الله السلامة لشعبنا الفلسطيني.
|