حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها
نشر بتاريخ: 26/08/2024 ( آخر تحديث: 26/08/2024 الساعة: 08:43 )
عادة ما يستخدم الغرب المستعمر مصطلح "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها" وهو مصطلح مستفز ومضلل وهو بوابة واسعة للادعاء بأن اسرائيل غير معتدية ولا محتلة ولا تمنع الإقليم من التوحد والتنمية و استثمار الكفاءات والثروات والتخطيط للمستقبل، وهذا يعني أن إسرائيل هي الضحية الأبدية التي تتعرض دائماً للاعتداء والحصار والقصف والقتل والتجويع، وهذا يوفر المبرر الامني والسياسي والأخلاقي لأن تقوم اسرائيل كلما أرادت أو رغبت في العدوان أو الاحتلال أو الاستحواذ على أراض أو ثروات أو شعوب، وهذا يعني أن الغرب الاستعماري يغلف خدمته ودعمه لإسرائيل بحق لا وجود له أصلاً، فهذا الغرب يعرف تماماً أن اسرائيل متفوقة عسكرياً وعلمياً واقتصادياً على كل دول المحيط، وأنها تملك ما يمكن له أن يدمر أعداءها بشكل فعّال وسريع، والغرب يعرف أيضاً أن اسرائيل لا تعيش ولا تتطور دون هذا الدعم المستمر والدائم والعلني والمتغطرس أيضاً.
إن القول بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ما هو الا شعار استعماري بالدرجة الاولى، اذ لا يمكن لكيان محتل ان يتمتع بهذا الحق فيما هو يريد الاندماج في الإقليم بالقوة، وأن يحصل على كل ما يريد من هدوء وتطبيع واحتلال وتمتع بالثروات والتواجد و سهولة الحركة وقوة التأثير دون أن تقدم استحقاق ذلك أو التزاماته. لا يمكن لكيان أن يتمتع بحق الدفاع عن النفس ما دام يسلب الآخرين حقوقهم وحاضرهم ومستقبلهم.
وحق الدفاع عن النفس شعار ضد القانون الدولي أصلاً، فالمحتل لا يتمتع بحق الدفاع عن النفس إلا إذا أنهى احتلاله ، فالاحتلال خرق للقانون الدولي والإنساني والديني، ومن يخترق القانون يعاقب ولا يثاب ، ولكن الغرب الاستعماري يستخدم شعاراً مضللاً يمارس من خلاله ومن خلفه أبشع الجرائم باعتباره الشريك وصاحب المصلحة.
والغرب الاستعماري يدرك تماماً أن استخدام هذا الشعار يعني بالضرورة أن أعداء اسرائيل لا حق لهم في الدفاع عن أنفسهم ، إذ أنهم مدانون أصلاً بالاعتداء، وأنهم متهمون أصلاً بإيذاء اسرائيل وان نواياهم وأفعالهم وسلوكهم مريب ومرفوض، ولهذا فإن اسرائيل لها الحق في أن ترد على نواياهم بالقتل والاستهداف والاغتيال . اسرائيل هي الوحيدة التي تقتل حسب النوايا وتتنصل من الاتفاقات حسب النوايا أيضاً. فهي تغتال مجموعة من الشبان في سيارة مثلاً بحجة أنهم يخططون لعملية ارهابية، فتقوم بقتلهم سلفاً، ولها حق في ذلك تماماً، إذ عندما يقول الغرب الاستعماري أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها فهذا يعني أنهم في حل من الادانة أو التشهير او المحاسبة أو النقد، وأنهم في حل من المساعدة أو الإنقاذ أو المساهمة في وضع حلول ناجعة، وفي حالة أن تقوم اسرائيل بأفعال لا يمكن تجميلها أو تبريرها أو تحملها أخلاقياً – لمجرد انها انفضحت على مستوى الإعلام- فإن الغرب الاستعماري لا يجد مفراً من الادانة البعيدة أو الناعمة أو الرخوة أو الغامضة أو كل ذلك مجتمعاً.
حق إسرائيل في الدفاع عن النفس تهربٌ من وضع حلول حقيقية وتغذية العدوان والاحتلال و موافقة ضمنية على استمرار التوتر والاحتقان بما فيه من قتل ودم وظلم، وهو إطالة للعذاب والتعذيب، وبرأيي فإن ذلك مدعاة أيضاً لأن يدفع هذا الغرب الاستعماري أثماناً أمنية وسياسية وأخلاقية واقتصادية لجبنه ونفاقه وخضوعه للوبي الصهيوني المتعدد الرؤوس والأذرع، وذلك عندما يجبن هذا الغرب عن كبح جماح اسرائيل أو محاسبتها أو على الأقل فضحها.
وعندما يقول الغرب الاستعماري أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها فهذا يعني بالضرورة أن على الجميع أن يخشى وأن يتحاشى اسرائيل وغضبها وانفعالاتها ، فهي لا تحاسب على أفعالها ولا تعاقب على جرائمها، المهم أن هذا الشعار المضلل لم يحل الصراع الطويل الأمد، ولم يجلب السلام ولم يجلب الاستقرار ، اذ أن اسرائيل وبعد 76 سنة من اقامتها وامتلاكها حق الدفاع عن نفسها، لم تحصل بعد على ما أرادت ويبدو أنها لن تحصل عليه أبداً، فالحق في الدفاع عن النفس لا يعني رخصة للقتل والاحتلال و استمرار القمع ومواصلة الاستيطان، الدفاع عن النفس هو حق أمام العدوان وليس تشريعاً له.