|
نتنياهو يقوّض الصفقة ويهدد بالانتقام
نشر بتاريخ: 05/09/2024 ( آخر تحديث: 05/09/2024 الساعة: 09:34 )
في مؤتمره الصحافي الإثنين الماضي، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كلامه إلى الشارع الإسرائيلي، في محاولة لفرملة تزايد المشاركة في الاحتجاجات المطالبة بعقد صفقة، تضمن تحرير المحتجزين الإسرائيليين في غزة، مقابل هدنة مؤقتة وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. ويبدو أن نتنياهو يستطيع التعايش مع المظاهرات بقوتها المتوسّطة الحالية، لكنّه يخشى عودة سيناريو «ليلة إقالة غالانت» في مارس العام المنصرم، التي خرج فيها ما يقارب مليون إسرائيلي إلى الشوارع، ما أدّى إلى شل الحياة بشكل شبه كامل، وما أجبره على التراجع عن الإقالة. وما دامت المظاهرات والمسيرات في إسرائيل بالحجم الذي هي عليه الآن، فإن نتنياهو يهاب معارضة بن غفير وسموتريتش للصفقة، أكثر بكثير من خشيته من مطلب المتظاهرين بالإسراع في التوصل إليها لإنقاذ حياة المحتجزين الإسرائيليين.
ليس صعبا تفنيد كلام نتنياهو عن محور فيلادلفيا، لكن حديثه جاء للتغطية على غايته الفعلية، وهي منع التوصّل إلى صفقة. وأوضح «مسؤول كبير» لصحيفة «هآرتس» حقيقة الأمر، قائلا: «منذ أسابيع قرر نتنياهو أنّه لا يريد صفقة. وعندما صارت ممكنة، أحس بتوتر شديد، وعمل كل ما يستطيع لإفشالها. هو فحص ووجد أن التلويح بمحور فيلادلفيا يمكن أن يقنع اليمين المعتدل (بدعم موقفه)، وأنه سيربح من ذلك نقاطا مهمة. الإعلام وقع في الفخ وانشغل بالسؤال نعم أم لا، للبقاء في محور فيلادلفيا، في حين أن السؤال الحقيقي هو إنقاذ المحتجزين أم إنقاذ الحكومة». التمحور حول محور فيلادلفيا هناك عدة أسباب لتحويل نتنياهو مسألة عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، إلى قضية مبدئية واستراتيجية من الوزن الثقيل. لقد وجد فيها ضالّته في التمحور حول محور فيلادلفيا ونقل الموضوع إلى المركز وشغل العالم به وبأبعاده المختلفة، وأهدافه من ذلك هي: المفاوضات يكرر المسؤولون الأمريكيون الحديث عن تقدم في المفاوضات وعن قرب التوصل إلى اتفاق لو أبدى الطرفان، حماس وإسرائيل، مزيدا من المرونة. ويصرون على ترديد هذا الحديث، حتى بعد قرار الكابينت الإسرائيلي وبعد تصريحات نتنياهو الحاسمة في مؤتمره الصحافي بشأن الإصرار على عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا. وفي مقابل التفاؤل في العلن، الذي يبدو تفاؤلا أبله، يقول المسؤولون الأمريكيون في السر بأنهم في حالة يأس وإحباط بشأن سير ومصير مفاوضات الصفقة والهدنة. وحتى بعد أن أقفل نتنياهو الباب وبلع المفتاح، تحاول إدارة بايدن ترويج فكرة أن الحل ممكن رغم تراكم الصعوبات والعراقيل. وعليه من المتوقّع أن تأتي المبادرة الأمريكية الجديدة والمتوقّعة بتكرار ما جاء في مبادرة بايدن في مايو الماضي عن انسحاب القوّات الإسرائيلية من المناطق المأهولة، والادعاء بأن محور فيلادلفيا بعيد بمعظمه عن الضواحي والأحياء السكنية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل يكون من المناطق القريبة منها فقط. هذا هو «الحل الوسط»، الذي قد تطرحه واشنطن، التي ستدعي حتما بأنها متمسكة بالمبادرة الأصلية في الوقت الذي تحيد عنها بشكل حاد. مهما كانت المقترحات الأمريكية ومهما كانت مرونة حماس، يبدو أن نتنياهو «لن يسمح» بتمرير اتفاق على الصفقة، خاصة في ظل تزايد التهديدات من بن غفير وسموتريتش بإسقاط حكومته. في مفترق الصفقة أو الحكومة نتنياهو يختار الثانية بالتأكيد. والحقيقة أنه في غياب إرادة أمريكية بالضغط الفعلي على الحكومة الإسرائيلية، فأن أي مبادرة أمريكية جديدة لن تكون سوى «قربة فارغة» ولن تأتي بأي خير وستكون مجرد «غيوم ورياح ولا مطر». التهديد بالانتقام من أخطر ما جاء في كلام نتنياهو في مؤتمره الصحافي، هو التهديد بتدفيع حماس الثمن لمقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة. وحين سئل عن معنى «تدفيع الثمن» على قضية عينية في حين أن الهدف المعلن هو محو حركة حماس، قال نتنياهو إنه متمسك بالقضاء عليها، وتدفيع الثمن مرتبط بالرد السريع، وذكّر أن إسرائيل في الماضي وعدت بالانتقام ونفّذت فعلا، وأضاف: «نحن نحضر الرد ولا أستطيع ان أقدم تفاصيل حوله للمحافظة على عامل المفاجأة». وقد تفعلها إسرائيل قريبا، خاصة أن التهديد الإيراني بالرد على اغتيال هنية لم يخرج إلى الآن إلى حيّز التنفيذ، فهذا يجعل القيادة الإسرائيلية مفتونة بذاتها وبقدرتها على فعل ما تشاء بلا حساب أو عقاب. |