وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل هزمتنا إسرائيل ؟!

نشر بتاريخ: 30/09/2024 ( آخر تحديث: 03/10/2024 الساعة: 11:24 )
هل هزمتنا إسرائيل ؟!



حاول نتنياهو في لقاءاته الأخيرة أن يقنع جمهوره والاقليم والعالم ايضاً أن اسرائيل استعادت كل ما خسرته بعد السابع من أكتوبر من العام الماضي، فقد أطلق التهديدات وأرسل الرسائل الغاضبة والحادة ورسم لنفسه صورة البطل المنتصر القادر وربما الزعيم الروحي وليس السياسي فقط.
السؤال هو: هل تعتقد اسرائيل أنها انتصرت على الاقليم كله؟! هل انتصرت على مقاوميه ومتعدليه ، محايديه ومتورطيه، بعيديه وقريبيه ، فرائه وأغنيائه؟!
هل تعتقد إسرائيل أنها بما قامت به من قتل واغتيال وتجريف وتجويع وتفريغ وتدمير قد أنهت أزمتها ومعضلتها؟! وأنها بفائض القوة الذي تملكه وفائض الدعم والصمت والتضامن من الحلفاء والأصدقاء أنها حصلت على ما أرادت من أمن واستقرار وسلام؟!
هل تعتقد اسرائيل فعلاً أنها بهذا الغباء والعناد والتوحش ستحجز لها مكاناً هادئاً وركناً قصياً تحصل فيه على الاعتراف والتطبيع المجاني بسبب الصورة الأخيرة التي رسمتها ككيان غاصب ومجنون ومحتقن؟!
السؤال هو: بعد سنة تقريباً من بدء هذه الموجة العاتية من القتل والتشريد والعدوان، وبعد ان اشتبكت إسرائيل مع كل أطراف العالم وهيئاته الدولية ومنظماته المدنية وتجاوزٍ لكل الأعراف والقوانين ، هل يمكن القول أن اسرائيل بصدد فرض تسوية أمنية على الشعب الفلسطيني واللبناني وباقي الاقليم العربي والاسلامي؟!
هل تعتقد حقاً أنها تستطيع أن تفعل ذلك من خلال إعادة احتلال قطاع غزة بطريقة من الطرق؟! وهل تعتقد حقاً أنها تستطيع انتزاع اعتراف من الإقليم والعالم بسيطرتها على القطاع سيطرة جزئية أو كلية؟!
فما يقال عن خطة الجنرالات المتمثلة في التفريغ والتجويع والحصار لشمال القطاع إنما هي الاحتلال البغيض بعينه في أسوأ صوره، وما البقاء في نتساريم وفيلادلفيا ومعبر رفح إلا اعادة انتاج للاحتلال والحصار من جديد.
وليس هذا فقط. فإن اسرائيل تعتقد فعلاً أنها تستطيع التخلص إلى الأبد من تهديدين استراتيجيين كبيرين هما حزب الله في الشمال وحركة حماس في الجنوب، وتعتقد أيضاً أنها تستطيع توريط ايران او اضعافها او حصارها او تجريدها من مشروعها النووي او اثارة القلاقل والفتن داخلها وبالتالي تهدد نظامها الحاكم، اسرائيل تعتقد أنها تستطيع من خلال صورة الغضب والجنون والقتل ان تستعيد كل ما خسرته، وليس هذا فقط، وانما تعتقد أيضاً أنها تستطيع أن تفرض تسويتها الأمنية كما قلنا، والتسوية الأمنية مقدمة لتغيير الشرق الأوسط كما يقول نتانياهو ، والشرق الأوسط الجديد الذي تريده إسرائيل أو تعمل من أجل إقامته يتضمن عدم قيام دولة فلسطينية بل إعادة احتلال، ويتضمن زيادة مساحة إسرائيل في الشمال والجنوب ان استطاعت ، ويتضمن إزاحات ديمغرافية ، ويتضمن شبكة طرق ومواصلات تشمل سكك حديد وموانئ وطرق طويلة تقطع الجغرافيا لتخلق مرحلة جديدة، ويتضمن الشرق الاوسط الجديد أيضاً ايران بدون نفوذ، وأحزاب بلا أسلحة، وشعوب بلا طموح، وجماعات مدجنة، وسلام مجاني لا يتضمن الحقوق ولا التطلعات ، والشرق الأوسط الجديد الذي تسعى اليه اسرائيل هو ان تكون قاعدة وحامية للإقليم وتنوب عن الغرب الاستعماري في حفظ المصالح وضبط السلوك . باختصار شرطي غير محبوب ولكنه مخيف، شرطي فاسد ولكنه يقوم بالمهمة.
وبالمناسبة، فإن فكرة الشرق الأوسط الجديد ليست من بنات أفكار نتنياهو بل هي فكرة قديمة جديدة، وأصلها أمريكي وينفذها الاسرائيلي بنجاح مرة وفشل مرات، وهذه الرؤية التي تدفع المنطقة دماء أبنائها من أجل منعها أو تحققها، رؤية فاسدة وغير صالحة، وتتميز بالتبسيط والجهل والاستعلاء ، وهو عطاء رسى على مقاول مغامر مهووس لم يستطع ولن يستطيع إنجاز المهمة، لأن فكرة الشرق الأوسط الجديد الذي نحلم به ، هو شرق تتمتع كل شعوبه بالأمن والكرامة والاستقلال.