وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مفهوم "حرب القيامة" .. السياق والدلالات

نشر بتاريخ: 12/10/2024 ( آخر تحديث: 12/10/2024 الساعة: 09:54 )
مفهوم "حرب القيامة" .. السياق والدلالات



في اجتماع خاص لحكومة اليمين الاسرائيلية إحياءً لذكرى السابع من أكتوبر، طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومته تغيير إسم الحرب من "السيوف الحديدية" الى "حرب القيامة"، في إشارة منه الى معركة هارمجدون (جبل مجدو) والتي أرّختها المصادر التوراتية بأنها حرب بين الخير والشر أو بين الله وبين الشيطان، وستنتهي بإنتصار اليهود في معركة عالمية يموت فيها الملايين من الأعداء الكفار، ويدفنون في القدس حتى يعم الخير المطلق على يد المسيح!. وفي هذا الاطار، نجد أن هنالك عدداً من السياقات الدينية التي اعتمد عليها نتنياهو لتغيير إسم العدوان الاسرائيلي - الذي بدأ في السابع من أكتوبر وحتى الأن- الى حرب القيامة، وهي:
1- إن هذه الحرب هي حرب دينية بالأساس خاصةً بين المسلمين واليهود.
2- إن اليهود الصهاينة سينتصرون في نهاية هذه الحرب كما تنبأت التوراة.
3- إن هذه الحرب ليست فقط ضد الفلسطينيين، وإنما هي حرب اقليمية واسعة وربما تصبح عالمية.
4- إن هذه الحرب ستكون شاملة وسيقتل فيها الملايين ولكنها ستؤدي الى خلاص الشعب اليهودي وخلاص العالم.
5- إن انتصار اليهود الصهاينة في هذه الحرب هو بمثابة إعادة نهضة وبعث الشعب اليهودي للعالم أجمع.
وفي الإطار السابق، نجد أن إطلاق نتنياهو هذه التسمية على حربه العدوانية في المنطقة له العديد من الدلالات السياسية، ومن أهمها:
1- بداية تشكل تيار ديني قوي في حزب الليكود، وساعد في ذلك تحالف الليكود مع الصهيونية الدينية، وربما سينضم الى حزب الليكود في الانتخابات المقبلة تيارات دينية صهيونية كبيرة، وهذا سينقل الليكود من سمة اليمين الى سمة الصهيونية اليمينية الدينية.
2- استقطاب شرائح كبيرة من اليهود المتدينين في إسرائيل لصالح المجهود العسكري والسياسي من خلال استخدام المفاهيم الدينية التي يتفق عليها اليهود الصهاينة، وخاصةً أن المجتمع الاسرائيلي تحول في العقد الأخير الى التدين بشكل ملحوظ. وهذا يفسر ارتفاع شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي الاخيرة بشكل لافت.
3- تنامي كبير وقوي في شعور نتنياهو بنشوة النصر لاسيما بعدما نجح جيشه بتدمير قطاع غزة واغتيال عشرات من القيادات السياسية في حزب الله، وهو الأمر الذي قد يدفعه الى المزيد من المغامرات العسكرية في المنطقة ككل بما فيها ايران.
4- بداية مرحلة جديدة من التعاون وربما الاندماج بين الصهوينية والمسيحيين الانجليكانيين لاسيما المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يزيد عدد أعضاء كنائسهم عن 60 مليون أمريكي يتزعمهم دونالد ترامب. ويعود السبب في ذلك الى إيمان الانجليكانيين بمعركة يوم القيامة وأهميتها بالنسبة لهم من أجل الإسراع في عودة المسيح وإنقاذه للبشرية. وهذا يشير الى رغبة نتنياهو في إعادة تحالفه مع المحافظون الجدد في الولايات المتحدة بناءً على إعتبارات وأسس دينية هامة وهي حرب القيامة.
5- استخدام الرخصة الدينية التوراتية بقتل مزيد من العرب أو الكفار حسب التسمية التوراتية، ولهذا فإن مزيداً من القتل والتدمير سيكون مشروعاً في عدوان هذه الدولة العنصرية الفاشية على كافة شعوب المنطقة.
6- الابتعاد قدر الإمكان عن الحلول السياسية، وذلك من أجل قطع الطريق أمام تطبيق مشيئة الرب بتدمير الكفار وإقامة دولة اليهود وتحقيق السلام في العالم، وهذا السلام لن يكون الا بقتل أعداء اليهود من "الجويم" والكفار!
للأسف، فقد وجدنا من تحليل سياقات مفهوم حرب القيامة ودلالاتها بأن نتنياهو ماضي في عدوانه على قطاع غزة ولبنان وكافة دول المنطقة. وبالنتيجة، فإن اسرائيل تسعى في ضوء هذا المفهوم الديني "حرب القيامة" الى ممارسة دور وظيفي جديد في منطقة الشرق الأوسط وهو شرطي الغرب في المنطقة من خلال تدمير قوى الكفر والشر . وفي السياق، فاننا لا نستبعد ان يجن جنون نتنياهو في خضم هذا الترف الديني والنفسي الى أن يطلق على نفسه لقب المسيح!.