|
عام على الحرب على غزة وشعار تغيير وجه الشرق الاوسط
نشر بتاريخ: 16/10/2024 ( آخر تحديث: 16/10/2024 الساعة: 19:58 )
مضى على الحرب على غزة وفي الضفة الغربية العام وامتدت إلى لبنان ومازالت تبدو في بدايتها. خلال هذا العام وبعد السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ تسارع قادة الدول العظمى لتقديم الدعم لدولة الاحتلال ومنحوها الشرعية للقيام بما ترى انه مناسب تحت شعار أن لها الحق في الدفاع عن النفس. و بدأت الحرب الطاحنة المدمرة وانتظرنا ايام واسابيع وأشهر كي نرى ردة فعل عربية جدية للضغط لوقف تدمير الإنسان والأرض الفلسطينية ولكن للأسف لم يحدث حسب التوقع والمأمول. مضى عام كامل وقادة بعض الدول الغربية الأكثر نفوذا والذين منحوا الاحتلال الشرعية بالدفاع عن النفس غير قادرين او بالأحرى مازالوا متماهين مع الاحتلال بما هو ذاهب اليه ومازال الموقف العربي باهت على حاله لا يتجاوز مستوى الإدانات الخجولة كما كان في بداية الحرب وهو أمر غير مسبوق بل ومستغرب ومازالت مطحنة الحرب تعمل كما بدأت في اليوم الاول قبل عام تحصد أرواح الأبرياء دون رحمة ودون أخلاق. انه بات من الواضح ان تدحرج الحرب و وتوسعها في لبنان وامتدادها لا يشكل قلقلبعض من دول الغرب والعرب الاكثر نفوذا و تأثيرا في السياسة الاقليمية والدولية.وهذا لا يمكن تفسيره إلا ان ما يدور فعلا هو مشروع متفق ومتوافق عليه ويمضي بالاتجاه المطلوب ألا وهو إنهاء نفوذ ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة او بالحد الادنى تدمير قوته العسكرية والسيطرة الكاملة على حالة التعاظم في قوته ونفوذه في المنطقة. وفي هذا ليس مصلحة إسرائيلية فقط بل مصلحة عربية وغربية الذين يرون مجتمعين ان تمدد وتعاظم هذا المحور المدعوم ايرانيا سياسيا وعسكريا اصبح يشكل تهديد وجوديا على انظمة الحكم في بعض الدول العربية و كذلك يهدد المصالح الغربية الاستراتيجية في المنطقة مما يستوجب التعامل معه بغض النظر عن الاثمان التي ستدفع في سبيل ذلك. الوضع الراهن يتطلب النظر للمشهد بواقعية سياسية آخذين بعين الاعتبار ميزانالقوى سواء سياسية و عسكرية و اقتصادية بين الطرفين أو المحورين. استمرار التدمير و القتل في غزة والضفة الغربية و امتداده إلى لبنان دون حراك عربي ودولي جدي لا يعني إلا شيء واحد وهو ان هناك مشروع متفق عليه امريكا مع بعض الدول العربية و الغربية على إنهاء او السيطرة على مشروع المقاومة في المنطقة العربية وأداة التنفيذ هي دولة الاحتلال بما تمتلكه من عناصر القوة العسكرية وبدعم سياسي و عسكري و اقتصادي لا محدود من الدول المشاركة في المشروع وكل حسب إمكانياته وبما يمتلك من أدوات. الدافع من وراء قبول دولة الاحتلال تحمل مسؤولية التنفيذ دون مشاركة علنية من باقي شركاء المشروع هو انها صاحبة المصلحة الاولى بالبقاء ولديها تطلعات استراتيجية للتوسع في المنطقة سواء جغرافيا و اقتصاديا وهي ايضا الوجه الطبيعي للصراع بخلاف اي دولة أخرى من دول المشروع في المنطقة التي لا يوجد لديها اي مبرر للتدخل الفعلي ومن بينها بعض الدول العربية التي لن تستطيع تبرير مشاركتها العلنية لشعوبها لخشيتها من تعاظم الاحتجاجات وحدوث انقلابات في هذه الدول مما يهدد استمرار المشروع. وعليه فإن دورها المعلن سوف يبقى لا يتجاوز مستوى تصريحات التنديد الضعيفة دون مستوى الحدث مع التركيز على المساعدات الانسانية وذلك لتسكين شعوبها ولكن دورها الخفي أعظم سواء بإعطاء الشرعية لما يقوم به الاحتلال او بتسهيل مهمته بالدعم اللوجستي و المالي و الأمثلة على ذلك كثيرة. لم تقدم دولة الاحتلال على عملية التنفيذ بهذا الحجم وهذه القوة الغاشمة الا بعد ان حصلت على الموافقة وكافة الضمانات من جميع الدول المشاركة في المشروع و اهمها تأمين الحماية من تهديد إيران حال نشوب حرب شاملة اضافة إلى ضمان تأمين الإمداد العسكري والدعم الاقتصادي. و من الواضح ان الشركاء قد تعهدوا لها بذلك وتم تأمينه على مدار العام الماضي ومازال مستمر عرف منه ما عرف وما خفي اعظم. و يتلخص دور دولة الاحتلال في هذا المشروع هو رأس الحربة في مواجهة و القضاء على وجود قوى ما يسمى بمحور المقاومة الأقوى نفوذا و تجهيزا والمحيطة بها وهي: حركة حماس في غزة، فصائل المقاومة في الضفة الغربية، و حزب الله في لبنان بالمقام الاول ومعاقبة حاضنتها الشعبية المدنية عقابا قاسيا يجعل من حياتها اليومية غاية في الصعوبة بدرجات ادنى كثيرا من الادمية لإجبارها على ان تنفك عن موالاتها ودعمها لهذه الحركات. حجم الخسائر البشرية والمادية الهائل المرتب على هذه الحرب لا يشكل اي حساسية لدى اي من شركاء المشروع ومن وجهة نظرهم دور الاحتلال بهذا الشأن مستوعب و متفهم و مبرر بل متفق عليه بدليل انه لم يتخذ اي موقف جدي لوقف إطلاق النار على الرغم من الخسائر البشرية والدمار الشامل الغير مسبوق في غزة على مدار عام مضى وذلك لان الهدف الرئيس للمشروع مازال لم يتحقق. ويدرك الشركاء ان حجم الخسائر سوف يكون كبير وغير مسبوق ويروا انهم ضحايا لمشروع واعد على الرغم انه بات يشكل الكثير من الحرج لهم امام شعوبهم و الكثير من شعوب العالم. أما بخصوص الحوثيين في اليمن و الحشد الشعبي في العراق و سوريا، فسوف يتم التعامل معهم بطريقة مختلفة عبر ضغوط واتفاقيات مع دولهم واستراتيجية العصى و الجزرة مع بعض الضربات الجراحية عند الحاجة. أما التعامل مع راعي محور المقاومة ايران فسوف يختلف تماما بعد تقطيع او بالحد الادنى شل أذرعته الضاربة ومحاصرته من كل الجهات وبكل السبل. هذا هو الواقع الان و لكن السؤال هل يمكن إنهاء أطراف المقاومة فعليا؟ بطبيعة الحال لا يمكن القضاء على الايديولوجيات والفكر مهما استخدمت من أدوات و دول المشروعمدركة لهذه الحقيقة و ما تعمل عليه هو إنهاء القدرات العسكرية لهذه الأطراف و منعها من السيطرة على الجغرافيا و إعادة بناء ذاتها مرة اخرى على الإطلاق. كما و انه مقبول لديهم ان تشارك هذه الأطراف في الحياة السياسية في دولها مع ضمان مراقبتها كل الوقت و ان تبقى اقلية غير مسيطرة وغير مؤثرة في الحياة السياسية و لا تمتلك ادوات القوة العسكرية. و هذا يعني حقيقة واحدة وهي ان الحرب سوف تستمر في لبنان كما حدث ويحدث في غزة بغض النظر عن النتائج الكارثية التي سوف تحدث ولا حدود للجغرافيا خلال العملية العسكرية كما يقال انها عملية محدودة بل سوف تستمر و تتمدد و تتدحرج طالما تطلب الامر لتحقيق هدف انهاء قوى المقاومة المسلحة و الدليل على ذلك تكرار اجتياح مناطق في قطاع غزة مرات متكررة بعد اعلان الاحتلال انتهاء العمليات العسكرية فيها وذلك لتصفية أو تطهير جيوب المقاومة من خلال تنفيذ ما عرف بـ خطة الجنرالات تدريجيا. على مدار عام من الحرب و العدوان سعي الاحتلال دائما على ابقاء عقدة تسمح له بمواصلة الحرب لتحقيق الهدف الكبير المتفق عليه وهو القضاء على المقاومة نهائيا. ومن هذه العقد المماطلة وتعطيل التوصل لصفة الاسرى لأنه ببقائهم في غزة يبقى مبرر الحرب قائما طالما أن الهدف الكبير مازال لم يتحقق. إنهاء هذا الملف كان سيضاعف الضغوط على الاحتلال لإيقاف الحرب وهذا ما لا يصب في مصلحته ومصلحة شركاء المشروع بمعنى ان الهدف (المشروع) هو اهم من حياة الرهائن وكذلك يعتبرهم ضحايا لمشروع مهم ينهي تهديد وجودي استراتيجي على دولة الاحتلال و يضمن لها الامن والانفتاح على العالم العربي. وهذا ينسحب ايضا على جنوب لبنان حيث اصبح تنفيذ القرار 1701 ليس كافيا من وجهة نظر الاحتلال بل يطالب بنزع سلاح حزب الله و هو يعلم ان ذلك شبه مستحيل الان بمعنى انه يصنع العقدة المستحيلة لتبرير استمرار الحرب. كما و أن الاحتلال يقوم بإطلاق اهداف صغيرة حتى تستوعب من المجتمع الدولي و يتجنب الاعتراض ولكن هذه الاهداف متغيرة ومتدحرجة نحو الهدف الكبير وهو إنهاء المقاومة وهو الهدف المتفق عليه بين شركاء المشروع و مثال على ذلك كان عملية محدودة في جنوب لبنان و اليوم اصبحت التصريحات تشير الي حرب شاملة في لبنان. في ظل هذا الواقع من معطيات ومؤشرات يمكن استخلاص اهم معالم المشروع المقصود: ما يدور في الشرق الأوسط وهذا المشروع الأمريكي الغربي العربي لا يحدث بمعزل عما يدور من حرب في روسيا و اوكرانيا او بمعزل عن التوسع الصيني و التحالفات الصينية الروسية و كوريا الشمالية. مشروع الشرق الأوسط هو خطوة مهمة لتعزيز سيطرة القطب الأمريكي الواحد على منطقة الشرق الأوسط و ضمان استدامتها بما فيها من خيرات ولتمهيد الطريق لسيطرة دولة الاحتلال الاسرائيلي و تغلغلها داخل الشرق الأوسط خدمة لمصالحها ومصالح راعيها الولايات المتحدة خصوصا بعد ما استشعر الأمريكي تزايد العلاقات الصينية في الشرق الأوسط. و بهذا يتم قطع الطريق امام محولات الصين و روسيا من تحقيق اي سيطرة حقيقية داخل الشرق الأوسط تحضيرا لعالم متعدد الأقطاب. كما أنه من مصلحة روسيا انشغال امريكا في صراع اخر مما يخفف عنها ثقل تركيزه على حربها في اوكرانيا و يقلص الإمداد الحربي لحكومة كييف. بمعنى ان روسيا معنية في تأجج صراع الشرق الأوسط و تدفع باتجاهه من خلال ايران لما لها من مصلحة في ذلك. كل من الطرفين يرفع شعار انه سوف يغير وجه الشرق الاوسط وهذا سقف مرتفع تجاوز حدود الصراع مما يؤكد انه لا مكان للحلول السياسية في هذه المرحلة على الأقل. و انه من الواقعي فهم ان هذا السقف المرتفع يرتبط برؤية الطرفين للتهديد الوجودي الذي يشكله كل طرف على الاخر مما يزيد من اصرار كل طرف على تحقيق اهدافه أو منع الطرف الآخر من بلوغ أهدافه. وفي هذا السياق الصراع الان في مرحلة كسر العظم و ينتقل إلى ما يمكن تسميته بكسر الرؤوس وهو المرحلة الأكثر قسوة لأنه لن يقبل اي من الطرفين الخروج مهزوماً علنياً من هذه الحرب. تشهد المنطقة هذه الايام نشاط سياسي و دبلوماسي نشط (يتضمن الاستنزاف سياسي) من اجل تجاوز ذلك ولكن اللاعب الأهم (الولايات المتحدة) لا يمارس دور ضاغط على الاحتلال لأنه راعي لمشروع حماية أمن دولة الاحتلال و ملزم بمدها بكل اسباب القوة و إدماجها في الشرق الاوسط كما و أن تحركه الدبلوماسي محسوب بدقة هذه الايام مرتبطا بالانتخابات القادمة مطلع نوفمبر القادم. و كان واضحا منذ بدأت الحرب و امريكا تدير الصراع من خلال مفاوضات و مبادرات حول صفقات وقف إطلاق النار و تبادل الأسرى و القصد منها اعطاء الاحتلال الفرصة للمضي قدما في تنفيذ خطة تدمير المقاومة و بيئتها بشكل متدحرج و ليس إيجاد حلول للصراع. كل ما كنا نسمعه عن صفقات تبادل أسرى هو للاستهلاك اليومي و بقاء الرهائن في غزة حتى الان يخدم دولة الاحتلال فعليا لأنه في حال تم انهاء هذا الملف فلن يتبقى هناك مبرر لمواصلة العمليات العسكرية بهذا الزخم و بالتالي لن يتحقق الهدف من المشروع المقصود. ارى ان الابقاء على الرهائن في غزة وعدم الذهاب لاتفاق يندرج تحت الخطة العامة للمشروع الكبير كي يكون هو الذريعة لمواصلة الحرب باتجاه إنهاء المقاومة. و المراقب يلاحظ ان دولة الاحتلال ربطت الحرب في الشمال في لبنان بهدف إعادة السكان لمستوطنات الشمال و كذلك للضغط على حماس في غزة لتحرير الرهان. بمعنى ان دولة الاحتلال تدرك انه لا عودة لسكان الشمال دون القضاء على القوة العسكرية و تحديدا الصاروخية لحزب الله و هذا يعني انها حرب طاحنة شاملة وليس مجرد عملية محدودة. و هدفه الثاني هو الضغط على حماس لتحرير الرهائن هو فقط للاستخدام السياسي امام الرأي العام للتذكير بأن قضية الرهائن مازالت قائمة مع أنه بقائهم لدى حماس يخدم مصلحته من خلال منحه المبرر لمواصلة العمل العسكري لتحقيق الهدف العام للمشروع. هل ستتمكن الدبلوماسية من اقناع الاحتلال لتغيير اهداف الحرب ودفعه للقبول بوقف اطلاق النار غير مشروط. كما ذكرت سابقا، اعتقد ان ذلك ممكن لو كان الاحتلال بمفرده ولكن في ظل تحالف متعدد على مشروع استراتيجي محدد فإن احتمالات ذلك ضعيفة جدا طالما انه لا يضمن إنهاء سلطة حماس العسكرية والمدنية في غزة و تمكين سلطة شرعية متفق عليها ودون تقويض قدرة حزب الله العسكرية في الجنوب اللبناني وتمكين الجيش اللبناني من السيطرة سواء كان ذلك عاجلا أو بعد مرحلة انتقالية تتولى فيها قوة حفظ سلام أممية السيطرة لحين تجهيز الاوضاع لتسلم السلطات المحلية. و يصبح السؤال المهم هو هل يمكن ان تقبل ايران بهذه النتيجة المتمثلة في خسارة اهم اقطاب في محور المقاومة الحليف لها و تخسر معها قوة التأثير في سياسة الشرق الأوسط. و بطريقة اخرى، هل ستعيد ايران صياغة أولوياتها بما يتعلق بدعمها لقوى المقاومة والنظر لمصلحتها الذاتية في ظل هذا المشروع الذي يلقى دعم من محور تتوفر لديه كل المقومات و القوة و في ظل تنامي القناعة لدى ايران ان الموجة عالية كثيرا وقد لا تتمكن من مواجهتها منفردة؟ اعتقد ان هناك حراك دبلوماسي مكثف الان في صلب ذلك ويتركز في كيفية الجمع بين مصلحة ايران الداخلية وعدم ظهورها في موقف المتخاذل امام محور المقاومة. بمعنى إيجاد صيغة توافقية يتم خلالها تجنب سياسة كسر الروس مع انه مطلب استراتيجي لدول المشروع وهو ما سيعملون عليه في الفصل الثالث منه بعد اليمن و العراق و سوريا في الفصل الثاني. و مع ذلك فإن بوادر حدوث ذلك ما تزال ضعيفة للغاية و الاتجاه العام يشير الى أن الامور ذاهبة لتصعيد من الصعب قراءة اتجاهاته وتداعياته. و لكن و بالحد الأدنى ارى ان دولة الاحتلال بالتحديد سوف تحقق ما ذهبت اليه وهو ضمان امنها الاستراتيجي على الحدود الشمالية والجنوبية من خلال اتفاق سياسي لوقف إطلاق النار بعد أن تكون قد فرضت واقع عسكري على الارض و اضعفت قدرات المقاومة العسكرية لأقصى درجة ممكنة و انهكت حاضنتها الشعبية من خلال القتل الممنهج للمدنيين والتهجير و التجويع و الامراض. لن تسلم دولة الاحتلال بخلاف ذلك بعد كل ما قامت به في غزة و الضفة الغربية على مدار عام و تكرره الان في لبنان. و بهذا تكون دولة الاحتلال قد حققت هدفها من المشروع حتى لو لم تتحقق باقي أهداف المشروع. و مع ذلك و في نفس الوقت لا أرى أن هدف انهاء قوى المقاومة ممكن تحقيقه بالرؤية التي تريدها دول التحالف او المشروع. و عليه سوف يصبح تقويض و السيطرة على قدراتها هدف اكثر قبولا و واقعية و كي يتحقق ذلك سيتطلب الامر وقت طويل من العمل الدبلوماسي اقليميا ودوليا مع جميع الاطراف و وضع الخطط العملية القابلةللتنفيذ. و كل هذا منوط بمن من الطرفين قادر ان يفرض الواقع العسكري الذي يقوي موقفه خلال عملية التفاوض لاحقا. وقسوة العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال و اصرار قوى المقاومة على اثبات قدراتها كله مبني على هذا الاعتبار .... لمن ستكون الغلبة ليفرض شروطه أو يقوي موقفه بالحد الأدنى. على كل حال لا يمكن ان يفرض السلام بالقوة القاهرة التي دمرت الانسان و كافة مقومات الحياة. ما تعرض له اهل فلسطين و لبنان و ما شاهدته الأمة العربية سوف يترتب عليه تعاظم في حالة النقمة على الاحتلال و يجعل مرور اي مشروع تطبيع و ادماج له في الشرق الأوسط أمر ليس بالهين. كما و ان الجيل الذي مر بهذه التجربة بقسوتها ودون نصير او مغيث وهو صاحب الحق لن ينسى ولن يغفر على المدى الطويل و سوف يكون اكثر تطرفا إزاء قبول وجود الاحتلال و أكثر اصرارا على الانتقام للحصول على حقوقه الوطنية. ما سبق من تحليل شامل للوضع الراهن يؤشر إلى اننا مازلنا بعيدين عن نهاية هذه الحرب الظالمة على الرغم من العدد الكبير من الضحايا والدمار الهائل والظروف المعيشية دون الادمية التي يعيشها شعبنا لان معالم الغلبة او التراجع لاحد المحورينلم تظهر جليا بعد. و هذا يعني ببساطة و ألم شديد انه ستمضي أشهر أخرى او اكثر قبل ان تتوقف فوهات البنادق حيث سيسقط و يصاب خلالها المزيد من الأبرياءويعاني المواطنين معاناة تعجز الكلمات عن وصفها. وهذا قبل ان يبدأ مشوار عشرات السنين من المعاناة نظرا للعيش في ظروف قاسية للغاية تحت مستوى الادمية بكثيرنتيجة للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية ناهيك عن الدمار الذي لحق بالإنسان و الخسارة التي لحقت بجيل كامل على كافة المستويات.
|