|
الفريق الأهلي: إصلاح النظام السياسي متطلب أساسي لبدء إصلاح مالي ومؤسسي وإداري
نشر بتاريخ: 17/10/2024 ( آخر تحديث: 17/10/2024 الساعة: 11:37 )
رام الله- معا- عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة مؤتمره للعام 2024، بعنوان: "إدارة المال العام في ظل حرب الإبادة وقرصنة الاحتلال لأموال وموارد الشعب الفلسطيني"، على جلستين، تناولت الأولى عرضاً لواقع أداء الموازنة العامة خلال النصف الأول من العام 2024، رافقها أبرز القرارات والإجراءات والقوانين التي اتخذتها وأقرتها السلطة الفلسطينية في إطار الإصلاح المالي وأثرها على المال العام، فيما تناولت الثانية ضبابية العلاقة المالية مع الإحتلال، والإرتفاع المطرد فيما يعرف بصافي الإقراض، وأزمة التقاص ما بين الهيئات المحلية والخزينة العامة للدولة. التحديات الحالية تتطلب من الحكومة تبني النهج التشاركي والانفتاح في إدارة المال العام استهل المؤتمر بكلمة المدير التنفيذي لائتلاف أمان، عصام حج حسين، لافتاً مشاركة وزارة المالية لمؤتمر الفريق الأهلي بعد طول انقطاع، حيث أكّد بدوره أن المؤتمر يعتبر مساهمة من الفريق الأهلي لتقديم توصيات عملية حول الآليات الأنسب لإدارة المال العام، مع تحديد للأولويات في ظل الظروف الاستثنائية القاهرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من حرب إبادة ما زالت تحصل على المباشر على مرأى العالم، تلازمها اجتياحات وهجمات المستوطنين المستمرة في الضفة الغربية، التي طالت الأرض والشجر والمنشآت والبنى التحتية للفلسطينيين، وامتدت لقرصنة الاحتلال أموال الشعب الفلسطيني بسرقة نصف أموال المقاصة، مع ابتداعه قنوات جديدة لتجفيف موارد الخزينة العامة المالية، وتراجع الإيرادات المحلية تبعا لتدهور الوضع الاقتصادي المأزوم والهش أصلاً قبل الحرب. كما أكد حج حسين على مواصلة ائتلاف أمان دوره في المساءلة على إنفاذ السياسات والاجراءات والقرارات، وكيف أدارت وتدير الحكومة الموازنة، مشدداً على ممارسه الضغط نحو توجيه الموارد المالية الشحيحة نحو تعزيز الصمود في وجه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي. وتم التأكيد على أن إشراك المجتمع المدني في اتخاذ القرارات وتحديد الأولويات ما زال ضعيفاً، حيث لا زالت حالة النشر لقرارات مجلس الوزراء مجزوءة، ما يشكل عائقا أمام المجتمع المدني في ممارسة دوره في المساءلة. والجدير ذكره أيضا عدم مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في إعداد خطة الطوارئ الحكومية للعام 2024، أو في إعداد التدخلات الطارئة الواردة فيها والتي تتمحور حول الإغاثة وإعادة الإعمار. أمان يدعو لتشكيل فريق وطني للإعداد والإشراف على تنفيذ خطة وطنية تشاركية وشمولية للإصلاح أعرب حج حسين عن ترحيب ائتلاف أمان بالاجراءات والقرارات التي أعلنت عنها الحكومة في إطار ضبط الإنفاق وتعزيز الإيرادات، تنفيذاً لما جاء في أجندة الإصلاح بما فيها المالي والإداري والمؤسسي، مؤكداً على ضرورة التزام كافة الأطراف الرسمية بذلك، وعلى نحو لا يتناقض مع توجهات الإصلاح، على أن يشمل ذلك القرارات والمراسيم الرئاسية. كما دعا حج حسين بدوره حكومة رئيس الوزراء الدكتور محمد المصطفى إلى وجوب إعداد وتبني سياسة عامة منشورة وملزمة لكافة المؤسسات العامة، تحدد فيها الحكومة علاقتها مع مؤسسات المجتمع المدني، وأن تكون توجهات الحكومة في إطار خطة وطنية تشاركية وشمولية للإصلاح، يشارك في إعدادها والإشراف على تنفيذها فريق وطني يمثل كافة القطاعات، بمشاركة خبراء مستقلين، ممّن يتمتعون بالمهنية والكفاءة، مؤكداً كذلك على ضرورة اعتماد مجلس الوزراء للاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد بإدارة وإشراف فريق وطني يكون ذي مرجعية ومهام وصلاحيات واضحة، إضافة إلى تطوير نظام متابعة وتقييم وطني لتنفيذ الاستراتيجية. 6 مليار شيكل أموال المقاصة المقتطعة و44 مليار شيكل الدين العام مع ارتفاع بند صافي الإقراض إلى مستويات قياسية استعرضت لميس فرّاج، منسقة الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، التقرير نصف السنوي حول أداء الموازنة العامة لعام 2024، حيث خلص التقرير إلى محاولات متواضعة ومحدودة لمواجهة التحديات المالية في النصف الأول من العام، دون توجه جذري لمواجهة القرصنة المستمرة لأموال المقاصة والتحديات المالية، إذ لم تزل القضايا الرئيسية التي تستنزف الموازنة العامة قائمة. وقد أشار التقرير إلى استمرار الاحتلال باقتطاع أموال المقاصة، إذ بلغ إجمالي الأموال المجمدة قرابة 6 مليار شيقل، في حين تم تخفيض النفقات على نحو طفيف جدا ومرتبط بحرب الإبادة، بحيث لم يظهر جليّاً خلال النصف الأول من العام. كما تبيّن وجود ارتفاع في بند صافي الإقراض على نحو قد يتجاوز المقدر للعام 2024، ليصل إلى مستوى قياسيّ غير مسبوق. وسطّر تقرير نصف السنة أيضاً ارتفاع العجز في الموازنة العامة واحتمالية تضاعفه مع نهاية العام، بما يعني ارتفاع الدين العام والالتزامات المالية المترتبة على الحكومة، والتي وصل تراكمها إلى 44 مليار شيكل، وبالتالي ضعف قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها وتراجع الخدمات الحكومية. انخفاض النفقات التشغيلية المتحققة لوزارة الصحة تبيّن في التقرير انخفاض النفقات التشغيلية المتحققة لوزارة الصحة، والتي تشمل شراء الخدمة من خارج وزارة الصحة، والأدوية والمستهلكات والمواد المخبرية، إضافة إلى ذلك، تبيّن وجود انخفاض في التحويلات الطبية دون تطوير ملموس في الخدمات الحكومية للمواطنين خلال النصف الاول من العام. ناهيك عن ذلك، أشار التقرير لعدم إحراز تقدم في خفض النفقات في قطاع الأمن، سيما بعد تشكيل لجنة لمراجعة النفقات الخاصة فيه ضمن حزمة الإصلاحات المالية والإدارية. توصية أمان: توسيع نطاق خفض الإنفاق وضبطه ومعالجة فاتورة الرواتب وأشباه الرواتب في القطاعيْن المدني والأمني، والتحويلات الطبية وبند صافي الإقراض وقدم التقرير مجموعة من التوصيات على رأسها، ضرورة العمل على توسيع نطاق خفض الإنفاق وضبطه، ومعالجة القضايا الجوهرية في الموازنة العامة، التي تستنزف النصيب الأكبر من الموازنة، والتي تشمل فاتورة الرواتب وأشباه الرواتب في القطاعيْن المدني والأمني، والتحويلات الطبية، وبند صافي الإقراض، مع وضع خطة عملية تعالج تراكم ديون الهيئات المحلية والشركات الموزعة التي تعمل على تحصيل رسوم خدماتها من الكهرباء والماء بشكل مسبق من المواطنين، خاصة وأنّ صافي الإقراض بلغ مستويات قياسية بلغت 912 مليون شيكل في 6 أشهر فقط من العام 2024. بعض القرارات المتعارضة مع توجه الحكومة للإصلاح المالي استكملت الجلسة بعرض من عضو الفريق الأهلي، لميس الشعيبي، للاجراءات والقرارات والقوانين التي اتخذتها وأقرّتها الحكومة الفلسطينية في إطار الإصلاح المالي وأثرها على المال العام خلال الفترة الممتدة من تاريخ 2 نيسان وحتى 30 أيلول من العام 2024، وعددها 193 قراراً، وذلك بهدف رصد التطورات الحاصلة في عملية الإصلاح. بدأت الشعيبي استعراضها بالحديث عن صدور القرار بقانون رقم (9) لسنة 2024 بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2024 والمنشور بتاريخ 26/8/2024، بسبب عدم تيسّر تقديم مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2024 في الآجال القانونية، أي بعد مضي 7 أشهر على السنة المالية، وبعد انتهاء فترة تمديد العمل بموازنة العام 2023 نهاية شهر تموز/يوليو استثناءً لما هو وارد في قانون تنظيم الموازنة العامة رقم (7) للعام 1998، وما يحمله ذلك من مخالفات دستورية وللتشريعات الناظمة في إعداد وإقرار الموازنة العامة. وعليه، سمح القرار بقانون للحكومة بتقديمها بما لا يتجاوز 30/06/2024م، مع منح وزارة المالية سلطة تحصيل الإيرادات واستمرار الإنفاق باعتمادات شهرية بنسبة (12/1). تعديل قانون مكافآت ورواتب التشريعي والحكومة والمحافظين يتناقض مع توجهات الحكومة نحو الإصلاح وترشيد النفقات وعددت الشعيبي بعض النقاط المتعارضة مع توجه الحكومة للإصلاح المالي، مثل القرار بقانون بشأن مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والمحافظين، حيث تم بموجبه منح كبار الموظفين في السلطة الوطنية الفلسطينية (منْ عُيِّنَ بدرجة وزير ويترأس دائرة حكومية) الامتيازات التقاعدية المقررة للوزراء وأعضاء المجلس التشريعي والمحافظين، بما يعني حصولهم على الرواتب التقاعدية المقررة للوزراء، دون أن يدفعوا مساهمات إلى صندوق التقاعد العام. تشكيل لجنة وطنية عليا تتولى عملية إعادة الهيكلة للمؤسسات العامة غير الوزارية إضافة لذلك، تطرقت الشعيبي أيضا للقرار بقانون المنشور رقم (6) لسنة 2024 بشأن فصل قطاعي الصناعة والاقتصاد الوطني، والذي أعاد الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة لهيئة المدن الصناعية والمناطق الحرة، فيما أشارت أيضا للقرار بقانون رقم (11) لسنة 2024 بشأن إلغاء الشخصية القانونية والذمة المالية المستقلة لصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، ووفقاً لذلك، فإن وزارة الزراعة تعتبر الخلف القانوني والوقعي لصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، وتتحمل الالتزامات المرتبة عليه كافة، وتؤول إليها مهامه ومخصصاته وممتلكاته وموجوداته وأمواله وحقوقه وموظفيه. وعرّجت الشعيبي إلى أن حوكمة المؤسسات الحكومية غير الوزارية وتصويب أوضاعها، يعتبر دعماً لمساعي الحكومة الفلسطينية، بغية ضبط الإنفاق العام، والحدّ من عجز الموازنة العامة، إلا أن التخبط في إلغاء الشخصية القانونية تارة، وإعادتها تارة أخرى يعمل على عدم استقرار هذه المؤسسات، ما يتوجب إصدار قرار من مجلس الوزراء يقضي بتشكيل لجنة وطنية عليا تتولى عملية إعادة الهيكلة للمؤسسات العامة غير الوزارية. تعقيبات مختلفة وجاء تعقيب الاستاذ طارق مصطفى، مدير عام الموازنة، مشيراً إلى أن وزارة المالية تتعامل مع الأرقام بحذر كونها تعكس خدمات للمواطنين، مضيفاً أنه في قطاع الصحة لوحده، ومنذ بداية 7 أكتوبر ولغاية الآن، أضيف حوالي مليون مواطن فلسطيني على النظام الصحي الحكومي، وذلك نتيجة وجود 200 ألف عامل فلسطيني وأسرهم الذين كانوا يعملون في "اسرائيل"، ويعالجون في المستشفيات الخاصة، حيث باتت الحكومة الفلسطينية مسؤولة عنهم بعد السابع من أكتوبر. فيما عقّب د. نصر عبد الكريم، أن الحالة الكارثية الراهنة تتطلب نمطاً مختلفاً في التعاطي معها من قبل جميع الأطراف، ما يتطلب إرادة سياسية حقيقية للإصلاح مع إصلاح للنظام السياسي الفلسطيني من خلال الانتخابات، ووجود مجلس تشريعي يضم ممثلي الشعب للرقابة والمساءلة على عمليات الإصلاح والسياسات الحكومية، على أن يكون قلب عملية الإصلاح استدامة وصمود السلطة في وجه سياسات الاحتلال التي تريد إضعافها. كما أشار عبد الكريم إلى ضرورة التركيز على العدالة الاقتصادية والاجتماعية في توزيع الأعباء والفرص، وذلك بالنظر إلى هيكل النفقات والإيرادات، وبحث الفجوات في الرواتب، وضرورة تصويب العدالة الضريبية. ودعا عبد الكريم إلى ضرورة وضع خطة على مدار عدة سنوات تهدف إلى خفض عجز الدين العام. وأشار أيضا أن الإصلاح غير مُجْدٍ دون الحديث عن إصلاح سياسي، بصفته الحلّ لجميع الإصلاحات، يليه إصلاح تشريعي، ومن ثم مؤسسي، وأخيراً مالي. فيما أشارت السيدة نهاد يونس، مدير عام المعهد الفلسطيني للمالية العامة والضرائب، أن وجودنا تحت احتلال لم يمكنا من النمو المؤسساتي الطبيعي، ما يترتب على المؤسسات الرسمية العامة والمجتمع المدني توحيد جهودهما، من أجل مواجهة المرحلة سويا، بغية الخروج منها. وجاء تعقيب د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، منتقداً مواصلة العمل دون إعلان لحالة الطوارئ، بالرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني، مُشيراً إلى قرارات تؤخذ في مكتب الرئيس تشكل تحديات أمام توجهات الإصلاح الحالية، ومُذكراً بالقضية التي ما زال ائتلاف أمان يحاكم حولها، على خلفية ما تم الكشف عنه في تقريره الخامس عشر الذي أصدره في أيار 2023، بعنوان: واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين للعام 2022 تحت شعار: (الاحتلال والانقسام والفساد السياسي حلقة مغلقة يغذي كلٌّ منها الآخر)، عن ملابسات جريمة تبييض تمور المستوطنات، وعلاقة مسؤولين عموميين بالقضية، ومحاولات علاجها خارج المسار الطبيعي في التحقيق. مستوى الشفافية في العلاقة المالية بين السلطة الوطنية ودولة الاحتلال "متدنية" وفي الجلسة الثانية، استعرض الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة، تقريراً بعنوان: "الشّفافيّة في العلاقة الماليّة بين السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة وإسرائيل"، معدداً أوجه سرقة الاحتلال لأموال الشعب الفلسطيني، مع سرد لبعض الإشكاليات، التي ما إن حُلَّت، سترفد الخزينة العامة بإيرادات جيدة تعمل على التخفيف من الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية. ولخّص التقرير أن مستوى الشفافية في العلاقة المالية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل "متدن"، حيث أنّ إسرائيل (كسلطة احتلال) تعتمد نهجاً أحادياً انتقائياً في العلاقة المالية مع السلطة الفلسطينية، كما أن العلاقة المالية مرتبطة بشكل وثيق بالمسار السياسي، حيث تزداد الخصومات كحالة ابتزاز في كل مرحلة سياسية. وقد استنتج التقرير أيضا أن بروتوكول باريس الاقتصادي، هو بروتوكول فضفاض، لم يعد صالحاً، كما أن إسرائيل لا تلتزم به، بل تخترقه على الدوام. الاحتلال يستخدم المقاصة كأداة لعقاب الشعب الفلسطيني وأفاد التقرير بأن إيرادات المقاصة، والتي تشكل العمود الفقري للموازنة العامة، أضحت أداةً بيد إسرائيل لمعاقبة الشعب الفلسطيني، عبر الخصومات والاقتطاعات وحجز الأموال، حيث ما تزال شهية إسرائيل مفتوحة لسرقة أموال أكثر في هذا المجال، ناهيك عن صافي الإقراض، الذي ازداد بشكل غير مسبوق في السنوات الخمس الأخيرة. كما وضّح التقرير وجود تشابك وتداخل في العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في العديد من مجالات تلك العلاقة، ما يعمّق من تدني الشفافية والتشتت، ومثال ذلك: نقاط الربط الكهربائي للهيئات المحلية، وشركات التوزيع، والقطاع الخاص، التي تصل إلى 250 نقطة، ناهيك عن حصول اسرائيل على 500% من القيمة المقدرة لإدارة إيرادات المقاصة، بعد استيفائها ما نسبته 3% من إيرادات المقاصة، كبدل إدارة لها، بالرغم من أن النسبة لا تتجاوز (0.6%) حسب تقارير البنك الدولي. علاوة على ذلك، فإنّ إسرائيل لا تعترف بتحويل الفواتير والتقاص إلا للشركات المسجلة لدى السلطة الفلسطينية (ما قبل الانقسام 2007)، الأمر الذي جعل العديد من الشركات التي أنشئت بعد ذلك غير مسجلة، وبهذا يتم إهدر إيرادات مستحقة للخزينة العامة. يجب توفير إرادة سياسية لوضع حد للنزيف المالي واسترجاع المقدرات المنهوبة للخزينة العام أوصى التقرير بضرورة إعداد استراتيجية وطنية متكاملة وإطلاقها؛ من أجل تحصيل حقوق الشعب الفلسطينيّ الاقتصادية والمالية المغتصبة من إسرائيل، وتوحيد العمل لوضع حد للنزيف المالي، والانعتاق من السيطرة الاسرائيلية على الموارد الاقتصادية المنهوبة للشعب الفلسطيني، بالتحول نحو آليات عمل تكفل استقلالية السلطة الفلسطينية وحقّـها في أموالها وإيراداتها بهدف الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، ووضع سياسات حكومية تجاه تحفيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز الإيرادات المحلية، والتخفيف من الاعتماد على إيرادات المقاصّة، وإعمال مبادئ الشفافية ولو من جانب واحد بنشر الاتفاقيات، وإتاحة المعلومات للعامة، إضافة الى اعتماد نظام محوسب لربط التعاملات المالية إلكترونيا (التقاصّ الالكتروني)، إضافة إلى إطلاق حملة ضغط ومناصرة لإنفاذ الحقوق الاقتصادية، ورفع دعاوى حقوقية عالمية ضد إسرائيل وقرصنتها العلنية لأموال الشعب الفلسطيني، وتجنيد الدول الصديقة والمؤسسات الحقوقية لرفع هذه الدعاوى، إلى جانب الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية. أزمة التقاص بين الهيئات المحلية وخزينة الدولة فيما استعرض الباحث الاقتصادي كايد طنبور تقريراً بعنوان: "تحديات تطبيق السياسات المالية الخاصة بالتقاص بين الهيئات المحلية وخزينة الدولة"، لخّص فيه كيف يقف الاحتلال عائقاً في التقاص بين الهيئات المحلية وخزينة الدولة، برفض الأول تزويد الكهرباء لجهة فلسطينية واحدة تتولى التوزيع. أشار طنبور إلى تحديات خاصة بالهيئات المحلية، تجعلها غير قادرة على تسديد أثمان الكهرباء والمياه للموردين، وضعف إجراءات الهيئات المحلية في إدارة مشتريات الكهرباء وتوزيعها وضعف الاجراءات الرقابية على ذلك، وتراجع ثقة المواطنين في الهيئات المحلية، واستنزاف فاتورة الرواتب لموازنة الكثير من الهيئات المحلية، بالإضافة لعدم التزام وزارة المالية بتحويل مستحقات الهيئات المحلية في المواعيد المحددة، وضعف الدعم الحكومي للهيئات المحلية. كما سرد أيضا التحديات الخاصة بخزينة الدولة، وغياب البيانات اللازمة لعملية التقاص، مع ارتفاع فاتورة النفقات، وخاصة فاتورة الرواتب التي تصل لنصف النفقات. وخرج التقرير بمجموعة من التوصيات، أهمها: ضرورة إنفاذ القوانين بحق المخالفين في السداد، وإصلاح قطاعي الكهرباء والمياه بِدءاً من تحديد الجهة المسؤولة عن كل قطاع، واعتماد عدادات الدفع المسبق وحوافز تشجيعية للسداد، والعمل على الاستفادة من الطاقة البديلة لتوليد الطاقة الكهربائية لتخفيف الاعتماد على المورد الاسرائيلي، وتعزيــز الحوكمة في الهيئــات المحلية مــن خلال إقــرار نظام إداري ومالي لرؤســاء وأعضــاء وموظفــي الهيئـات المحلية إلى جانب مدونات السلوك، وتبنـي الهيئـات المحلية مبـادئ أكثـر شـفافية في جميـع أعمالهـا، وآليـات اتخــاذ القــرارات، ونشــر التقاريــر الادارية والمالية، والانفتاح والمشاركة مــع المجتمع المحلي، مع ضرورة التزام وزارة المالية بتحويل المستحقات المالية للهيئات المحلية في مواعيدها، كي تساعد الهيئات المحلية في الوفاء بالتزاماتها، دون وجود أعذار لاستخدام أموال جباية الكهرباء والماء. تعقيبات مختلفة وبدوره، عقّب الاستاذ لؤي حنش، من الإدارة العامة للجمارك والمكوس وضريبة القيمة المضافة، على العلاقة مع الجانب الاسرائيلي، كونه يجبي 65-68% من ايرادات الضرائب المحلية، دون أي شفافية في تبادل المعلومات، مؤكداً على تحكم الاحتلال الكامل بأمور التحاسب، واستحواذه على عمولة جباية جزافاً ودون وجه حق. وأكد الاستاذ مجدي حسن، مدير عام هيئة البترول، بأنه لا يوجد آليات تحاسب صحيحة مع اسرائيل، وأن الاقتطاعات تتم دون مسوّغ قانوني، وأن السلطة نجحت بتخفيض عمولة إدارة ملف البترول إلى 1.5% فقط. فيما أفادت السيدة هيا كرمي، مدير الدائرة المالية للهيئات المحلية/ الإدارة العامة للتوجيه والرقابة والموازنات، بوجود تقصير من المواطنين بدفع الرسوم المترتبة عليهم فيما يتعلق بالإيرادات التي تجبيها الهيئة المحلية، ما اضطر بعض الهيئات المحلية الى استهلاك الأموال المتأتية من الماء والكهرباء في مشاريع لتطوير بلداتهم، وكذلك عدم التزام وزارة المالية أيضا بالإيرادات التي تجبيها من المؤسسات الحكومية، وأخرى (كالأملاك، رخص المهن). وبدوره أشار د. ابراهيم ربايعة إلى إعادة النظر في أزمة الهيئات المحلية كونها أزمة إيرادات مركبة، إذ لا يوجد قدرة على التخطيط والاستثمار وكفاءة التحصيل والإدارة المالية فيها، بما في ذلك جلب الشراكات، أو التنبؤ بالإيرادات، ما يعمق من أزمة التقاص. وأشار ربايعة لضرورة وجود حسم سياسي، كون الموضوع ليس مالياً وحسب، موصياً بأهمية وجود هيئة إدارة وتقدير وسيطة تقوم على التقدير وإعادة تعريف العلاقة ما بين المكوّنات جميعها، التي تقتضي في نهاية المطاف لتمتين العلاقة مع المواطن. |